محمد صفوان جولاق - رئيس التحرير
تركز السياسة الأوكرانية على استعداد البلاد لتوقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، ويولي الاتحاد هذه الشراكة اهتماما يعكس جدية الطرفين ورغبتهما بنجاحها، بحسب مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين.
ومع اقتراب موعد توقيع الشراكة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بلتوانيا، عادت إلى الواجهة قضايا ساخنة كانت قد غابت وبردت لشهور بين أوكرانيا وروسيا، فموسكو ترفض مساعي جارتها وحليفتها الاستراتيجية والتاريخية كييف نحو التقارب مع الغرب.
وقد بات التوتر جليا بين الدولتين، ووصل إلى حد ممارسة ضغوط، أو حتى التهديد بإنهاء بعض العلاقات الاقتصادية المشتركة؛ فعلى ماذا تعتمد أوكرانيا في بعدها عن روسيا؟، وما هي خيارات روسيا لثني أوكرانيا عن مساعيها الأوروبية.
الغاز والحدود
للإجابة على هذه التساؤلات تجدر الإشارة إلى أن روسيا تستخدم ورقتي ضغط رئيسيتين على أوكرانيا حتى الآن، هما الغاز والحدود، فأوكرانيا تعتمد بنسبة 80% على وارداتها من الغاز الروسي عالي الثمن، وعبر الحدود الروسية تمر معظم صادراتها التجارية.
وترفض موسكو خفض أسعار الغاز المصدر إلى أوكرانيا، ما ينهك الاقتصاد الأوكراني سنويا بنحو 20 مليار دولار، كما باتت تعرقل مرور البضائع الأوكرانية عبر حدودها، الأمر الذي يهدد بأضرار قد تصل إلى 2.5 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.
وتشترط موسكو على كييف الدخول في الاتحاد الجمركي الأوراسي (روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان) لخفض الأسعار وفتح الحدود بحرية وتقديم امتيازات اقتصادية، الأمر الذي ترفضه كييف، لأنه يوقف عمليا مساعي التقارب مع أوروبا.
تهديد أوكراني
ويغلب على تعامل أوكرانيا مع الضغوطات الروسية حتى الآن ضبط النفس ومحاولة إزالة المخاوف، مؤكدة أن شراكتها مع أوروبا لن تؤثر سلبا على اقتصاد روسيا.
لكن رئيس الوزراء الأوكراني ميكولا آزاروف هدد يوم الأمس بأن بلاده قد تتوقف عن استيراد الغاز الروسي بعد 2-3 أعوام إذا لم تخفض الأسعار، وستتحول إلى بدائل أوروبية، ومحلية بالاتفاق مع شركات طاقة عالمية ("إكسون موبيل" و"شل").
كما لمح آزاروف إلى أن أوكرانيا قد تجمد جزءا من شبكاتها لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، الأمر الذي سيشكل لا محالة ضربة للاقتصاد الروسي الذي يصدر 118 مليار متر مكعب من الغاز لأوروبا (80% منها تمر عبر أوكرانيا)، وقلقا للدول الأوروبية مع اقتراب برد الشتاء.
فضاء أوسع
وتفسيرا لإصرار أوكرانيا على التوجه غربا، يرى مسؤولون ومحللون أوكرانيون أن في الشراكة مع الاتحاد الأوروبي فضاء أرحب لاقتصاد البلاد، بالإضافة إلى رغبة غالبية الشعب بحياة مستقبلية أفضل توافق معايير الاتحاد الأوروبي، وفق استطلاعات الرأي.
النائب البرلماني السابق والخبير الاقتصادي يفهين دوبرياك تحدث عن نقاط القوة لدى أوكرانيا، فقال إن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تفتح أسواقه بحرية أمام المنتجات الأوكرانية، وهي أسواق أوسع من نظيراتها في الشرق، حيث الدخل المحدود.
وأضاف أن أوكرانيا لا تطمح بأن تقتصر علاقاتها التجارية على 3 دول فقط هي دول الاتحاد الجمركي، ولذلك تسعى إلى تنويع مصادر وارداتها، وخاصة من الغاز، وإلى فتح أسواق جديدة في الغرب، الأمر الذي سيضعف هيمنة روسيا على سياساتها واقتصادها.
ولفت دوبرياك إلى أن حجم التبادل بين أوكرانيا وروسيا لا يبلغ 80% كما ذكر بعض المحللين الروس والأوكرانيين، وأنه لا يتعد 43%، جزئه الأكبر هو حجم الغاز المستورد، وبالتالي لا توجد خطورة كبيرة على اقتصاد البلاد بإغلاق الحدود الروسية، على حد قوله.
ولفت أيضا إلى أن صناعات كبيرة تربط بين البلدين، كصناعة الطائرات الروسية التي تعتمد على محركات "موتور سيتش" الأوكرانية، وصناعات الفضاء، وغيرها، وبالتالي فإن لدى أوكرانيا ورقات ضغط يجهلها الكثيرون، وتدركها روسيا.
ولارتباطه المرحلي بروسيا، توقع وبرياك أن يعاني الاقتصاد الأوكراني إذا تم توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وذلك لفترة قد تصل إلى عام كامل، خلالها ستعمل البلاد على تطوير قدراتها الإنتاجية كما ونوعا لتكون على مستوى التنافس، كما ستسعى لتفتح أسواق جديدة لها في دول جديدة، أوروبية أو غيرها.
دعم الغرب
ولدفع مساعيها، تعول أوكرانيا أيضا - بحسب دوبرياك – على دعم الاتحاد الأوروبي والغرب، الذي انتقد ضغوط روسيا مرارا خلال الأسابيع الماضية، وأكد أن لأوكرانيا حق القرار دون تدخل.
ومن أحدث مظاهر هذا الدعم ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أثناء مؤتمر "الشراكة الأوروبية" بمدينة يالتا قبل أيام: "جئت لأتذوق طعم شوكولاتة (روشين) الأوكرانية"، في إشارة مباشرة ساخرة لتحجج روسيا بشكوك حول هذا النوع من الشكولاته، ثم بدء عرقلة مرور جميع البضائع الأوكرانية.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022