على غرار ليبيا ومصر.. أوكرانيا في مواجهة "الدولة العميقة"

نسخة للطباعة2016.03.02

صفوان جولاقرئيس التحرير

بين أوكرانيا ودول العالم العربي مسافات كبيرة، لكن الشعوب من بعضها أقرب، واحتجاجات الميدان المعروفة محليا باسم "ثورة الكرامة" وثورات "الربيع العربي" أثبتت أن روح الاحتجاج ولسان المطالب قاسمان مشتركان بينالشعوب،على اختلاف وتنوع الآمال.

بين ثورات "الكرامة" و"الربيع العربي" ثمة اختلاف في المكان والظروف، لكن بينها تشابها كبير لاحظه وتحدث عنه الكثيرون، ببعض أهدافها وشعاراتها وهتافاتها ووسائلها، وحتى بنتيجة هروب الرئيس، كما حدث في تونس مثلا.

ولعل من أبرز نقاط التشابه أيضا استخدام أسلوب القوة، وتدخل دول وقوى خارجية لوأد الاحتجاجات، ولخلق فوضى وصعوبات وتحديات تسبب الندم، فتمنع تمدد الثورات إليها، وتبقي على الأنظمة الحاكمة ورموزها الموالية.

تشابه يستمر حتى اليوم، وثورات الربيع العربي أظهرت أن اجتياح القصور والإحساس بالحرية العابرة والنصر بعد سطوة نظام قديم لا تؤدي بالضرورة إلى إرساء أنظمة سياسية أفضل في المدى المنظور على الأقل.

الدولة العميقة

لم يدمر نظام يانوكوفيتش أوكرانيا كما فعل الأسد في سوريا، والقذافي في ليبيا، وصالح في اليمن، لكنه ترك واقعا يشبه ما يحدث في ليبيا ومصر اليوم، وهو واقع "الدولة العميقة" التي لا ترى، ولكن آثارها واضحة.

بعد عامين من ثورة "الكرامة"، تغيرت أمور كثيرة في أوكرانيا نحو الأفضل، لكن ملفات الإصلاح ومحاربة الفساد والبيروقراطية والديون حاضرة -كما كانت- في كل لقاء وخطاب.

لماذا؟، لأنه بعد عامين من ثورة "الكرامة"، لم تتغير كل طواقم المؤسسات الحكومية الرئيسية، بل إن كثيرا منها باقية، تبقى معها أساليب ومبادئ وصور ذهنية تحن إلى الماضي، لأنها لا تريد التغيير، أو تخاف منه.

وهنا أتساءل...، كيف لناس لم تتغير أن تغير؟، هذا صعب أو حتى مستحيل، وسيعيد البلاد إلى نقطة البداية ولو بعد حين.

في مصر مثلا، اعتمد الرئيس مرسي على رجالات نظام مبارك، لأنه أراد الحفاظ على وحدة المجتمع، لكن ذلك أدى إلى عرقلة كثير من مشاريع حكمه، وانتهى بالانقلاب عليه من قبل الجيش الذي كان يحكم مصر قبل الثورة، وتحديدا من قبل وزير الدفاع السيسي الذي عينه.

في التاريخ الأوكراني الحديث ما يشبه ذلك، فقد اعتمد يوتشينكو على خصومه بسبب خلافاته مع تيموشينكو، فكانت النتيجة أن انتهت الثورة البرتقالية من حيث بدأت، وفاز يانوكوفيتش في الحكم عام 2010.

الدولة العميقة تعمل بصمت، تستفيد من الأخطاء وضعف القرارات والخلافات الشخصية، لتؤكد للشعب أن التغيير كان خطأ، وأن الحياة كانت أفضل، وأرخص، وأسهل، حتى وإن كان ذلك على حساب حريتها واستقلال وسيادة دولها.

وفي النهاية أقول: لا جديد على الأرض، فالتاريخ يكرر نفسه، ولا تختلف أحداث اليوم عن أحداث الأمس إلا بالأماكن والأبطال، ومن يقرأ التاريخ يستطيع استشراف المستقبل، لذلك فإن من الحكمة الاستفادة من أخطاء الماضي، وأخطاء الغير.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الإعلام المحلي

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022