أجرى الحوار: محمد صفوان جولاق - مدير المركز ورئيس التحرير
فضيلة الشيخ د. هيثم رحمة رئيس التجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين، أرحب بكم وأسألكم بداية، ما هو التجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين؟، من أسسه وما هي أهمية هذا التأسيس؟
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ...
تم تأسيس التجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين منذ عامين ونصف، انطلاقا من الحاجة الماسة لوجود هيئة تدافع عن الأئمة وحقوقهم، وتعنى بهم، تركيزا على التدين الصحيح لديهم، وإرشاد الناس إليه.
أسس التجمع اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، الذي أسس جمعيات كثيرة في جميع الدول، وأسس إلى جانب ذلك مؤسسات تخصصية على مستوى أوروبا ككل، ككلية الدراسات الإنسانية، ومنتدى المرأة المسلمة في أوروبا، والتجمع.
أهمية التجمع تأتي من طبيعة الحالة الأوروبية، والحاجة إلى تركيز الجهود ضمانا لعدم الشرود بعدا عن مصادر الشريعة الحقة، ودخولا في مجالات تسيء للإسلام والمسلمين، كالتطرف بكافة أشكاله، والإرهاب، الذين يشكلان ثقلا على الوجود الإسلامي في أوروبا.
ونحن بحاجة إلى تطوير قدرات الأئمة في هذا الإطار، من أجل القيام بواجباتهم كشخصيات مؤثرة، تجاه المسلمين والمجتمع الأوروبي الذي يعيش فيه المسلمون.
من هم أعضاء التجمع، وما هي شروط العضوية؟
بعد المؤتمر التأسيسي فتح مجال العضوية في التجمع، فكل إمام وداعية يستطيع الانضمام دون شروط، حتى اقتربنا من الوصول إلى 300 داعية.
هنالك عضوية على مستوى أفراد وعضوية على مستوى مؤسسات، فيمكن لأي إمام الانضمام إلى التجمع في حال لم يوجد أي تجمع أو رابطة محلية في بلده الأوروبي، أما إذا وجد فيدخل فيه، ويكون التجمع المحلي بدوره تابعا ككل للتجمع الأوروبي.
ونحن نطمح إلى وجود تجمعات محلية فاعلة في جميع الدول، مستقلة أو تابعة لمؤسسات إسلامية أخرى، كما في السويد وفرنسا، زيادة في حجم ومستوى التنسيق والتواصل والطابع المؤسسي.
ما هي وسائلكم لتحقيق الأهداف؟
وسائلنا تركز على وجود برامج لتطوير قدرات الأئمة، لإنزال النصوص الدينية على أرض الواقع الأوروبي، ومنها الدراسات والأبحاث والكتب التي نرسلها للمؤسسات والأفراد الأعضاء.
ومن وسائلنا أيضا عقد المؤتمرات والندوات والدورات الشرعية والثقافية للأئمة والدعاة في عدة دول.
ما هي أبرز إنجازات ومشاريع التجمع؟
على مدار العامين ونصف شاركنا في الكثير من الندوات والمؤتمرات في عدة دول أوروبي، بالإضافة إلى المشاركة في عدة ندوات ومؤتمرات على مستوى الاتحاد الأوروبي كلل.
بالتعاون مع الدول والإدارة الأوروبية أقمنا مؤتمرات ودورات ولقاءات ثقافية شرعية للأئمة والدعاء في عدة دول، كالتشيك والمجر وإسبانيا وإيطاليا وأوكرانيا والسويد وغيرها.
ليس لدينا مشاريع بمعنى المشاريع، لكننا نسعى إلى تثبيت التجمع في عدة دول من خلال تجمعات محلية، ونسعى إلى التعاون مع الاتحاد العالمية لعلماء المسلمين لإقامة دورات تخصصية.
ما هو تعداد المسلمين في أوروبا، وما هو تعداد المسلمين من سكان البلاد الأصليين فيها؟
لا توجد إحصائيات دقيقة فيما يتعلق بتعداد المسلمين، لكنه يتجاوز العشرين مليونا حتما، أما إذا أخذنا بعين الاعتبار المقيمين من غير حملة الجنسية، فالرقم سيكون أكبر من ذلك بكثير.
وهنا أشير إلى أنه إذا قسم الرقم 20 مليون أو 25 مليون على عدد الدول الأوروبي فإن نسب المسلمين ستكون قليلة لا تتجاوز 5- 6% في كل دولة تقريبا، مع اختلاف النسب بين دول وأخرى، وبالتالي فهي ليست نسبا كبيرة لتخرج بين الحين والآخر أصوات تنادي بدفع المد الإسلامي عن أوروبا، وتتحجج بخطورته.
كيف يعزز التجمع مواطنة المسلمين في أوروبا، وما هي التحديات التي تعيق المواطنة؟
عندما يخدم التجمع الوجود الإسلامي في أوروبا، ويمكن المسلين من فهم الغسلام الواقعي على أرض الواقع، ويفتي بما يلائم واقعهم.
والتحديات باعتقادي قليلة ومقدور عليها، كالتعليم وإدراك أبعاد الواجبات والحقوق، التي تمهد لأن يكون المسلمون إيجابيون في المجتمع.
كيف تتعامل الحكومات الأوروبية مع التجمع، وهل من ضغوطات أو تضييق عليه كمؤسسة إسلامية؟
الاتحاد الأوروبي اعتمد التجمع كمؤسسة دينية بعيد التأسيس مباشرة، فزرنا البرلمان الأوروبي ودعانا مرات كثيرة.
لا نتعرض لأي ضغوطات أو تضييق، ولا أتوقع أن نتعرض لذلك، لأننا مؤسسة أوروبية دينية، تتعامل مع العديد من المؤسسات الأوروبية في ظل السياسة الأوروبية الواضحة تجاه المؤسسات الدينية.
الحرية الدينية أم مستقر في الذهنية والثقافة الغربية عموما، ولا أعتقد أن يثير النشاط الديني الإسلامي اهتمام الإدارة السياسية، لكنه قد يثير قلق بعض الأوساط الدينية الأخرى، كالكنسية وغيرها.
لكن قلق الأوسط الدينية ليس ظاهرة، بل أصوات متفرقة تظهر هنا وهناك، ولا أتوقع أن يكون ثمة تجاوب معها، إلا إذا تعامل معها المسلمون أنفسهم بسوء الرد أو الخلق، وهذا أمر نتائجه غير محببة بالنسبة للطرفين.
كيف ينظر التجمع إلى حملات بعض الحكومات لتوعية الأئمة باللغة والقوانين، خاصة وأنها موجهة فقط للأئمة المسلمين؟
أعتقد أنه من الإنصاف والموضوعية أن نقر بأن لهذه الحملات ما يبررها، فالعديد من الأئمة لا يجيدون اللغة ولا يعرفون القوانين، بل إن العديد منهم قد يتورطون بأقوال قد تدينهم أمام القانون من خلال الخطب والدروس، كالإساءة لغير المسلمين فيما يتعلق بثيابهم وعاداتهم وتقاليدهم مثلا.
على الإمام أن يتعلم اللغة، ويتقن الحديث مع الناس وعن الناس، كما أن عليه معرفة الحد الأدنى اللازم من تاريخ وحضارات البلاد و قوانينها وعاداتها وتقاليدها.
وحتى لو كان الهدف الرئيس من هذه الحملات هو محاربة التطرف والإرهاب، فما المشكلة في ذلك؟، نحن نرحب به، لأن ديننا أيضا يحارب التطرف والإرهاب.
أما فيما يتعلق بتوجيهها للأئمة، فباعتقادي ليس لأن الإسلام متهم، بل لأن وجوده في أوروبا لا يزال حديثا، والواقع يشير إلى أن معظم الأئمة جاؤوا من دول وجنسيات عربية وإسلامية، وليسوا من أصول أوروبية.
هل يوجد هاجس لدى الحكومات من تيارات إسلامية معينة؟
هواجس التطرف الديني لدى الحكومات ليست من الإسلام أو تيارات فيه فقط، بل هي هواجس من التطرف الديني عموما، الإسلامي والمسيحي وغيره.
العنصرية في أوروبا، هل هي ضد الدين أم العرق؟
العنصرية في أوروبا موجودة، منها ما هو ضد الدين ومنها ما هو ضد العرق، وأنا أعتقد أن العنصرية الدينية ليست ظاهرة إذا ما قورنت مع العنصرية العرقية، والأخيرة هي الأكثر خطورة، لكن كلاها يحدث توترات كبيرة في المجتمع.
هل تتعامل الدول الأوروبية مع المسلمين فيها كمواطنين يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات؟
لا يمكن القول بأن ثمة دولا أوروبية تتعامل مع المسلمين كما يؤمل، ولا يمكن القول أيضا أن ثمة دولا تسيء معاملتهم، فالدول تختلف عن بعضها وتتميز، وجميع القضايا التي تخص المسلمين تبحث مع الحكومات والجهات المعنية على طاولات المباحثات وصولا إلى ما يحقق مصلحة المجتمع، والمسلمين فيه.
وعلى سبيل المثال أذكر أن بعض الدول تقدم تسهيلات في مجالات، كإنشاء المدارس الخاصة والإسلامية، وإجراءات الحصول على الجنسية، وبعضها الآخر يفرض قيودا على هذه المجالات ويقدم تسهيلات في مجالات أخرى.
لكن المؤسف أن بعض الدول تعرضت إلى بعض القضايا التي يجب إعادة النظر فيها، كخيارات المرأة المسلمة فيما تلبس أو لا تلبس، وقضية حظر المآذن، فتصويتها على السماح أو عدمه قضية خطأ من حيث المبدأ، بل إنه ربما نصل على الطريق نفسه إلى تصويت على السماح بالصلاة أو إلغائها.
بعض المسائل خاصة بالمسلمين، ومن صلب دينهم، فلا يجب أن يتدخل أحد بها أو أن تطرح للتصويت من قبل الغير على الإلغاء من الأساس، وهذا أمر يسيء أيضا إلى الدول التي تتعرض لهذه المسائل، لأنه خنق للحريات فيها.
كيف تتعاملون مع هذه الأحداث وغيرها، التي تسيء إلى الإسلام والمسلمين؟
الاتصالات والحوار مع المؤسسات والمنظمات والحكومات مهم جدا، وسبيل وحيد وناجع لحل القضايا المثيرة للجدل.
نحرص على حل بعض الأحداث والقضايا محليا في إطار الدولة، ونلجأ إلى حل أخرى على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل، بحسب الأهمية والخطورة.
كيف تنظرون إلى مستقبل الإسلام والمسلمين في أوروبا؟
أنا متفائل حقيقة، لأن أجواء الديمقراطية لصالح كل أبناء المجتمع، وفيها يستطيع أن يعيش المسلم وغير المسلم بسلام وأمن وطمأنينة.
لا أستطيع أن أتنبأ بما سيحدث في الغد، لكن إذا ما استمرت الديمقراطية وبقيت الحريات وحقوق الإنسان، فسيعيش المسلمون في أوروبا مع غيرهم بسلام، والإسلام بالتالي سيبقى بخير أيضا.
مركز الرائد الإعلامي
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022
التعليقات:
(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")