د. باسل مرعي: "الرائد" مؤسسة أوكرانية، تتصل بهموم وقضايا عالمنا

د. باسل مرعي: "الرائد" مؤسسة أوكرانية، تتصل بهموم وقضايا عالمنا
د. باسل مرعي رئيس اتحاد "الرائد" في أوكرانيا
نسخة للطباعة2013.10.04

أجرى موقع أوكرانيا برس حوارا مع د. باسل مرعي رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، الذي يعتبر أبرز مؤسسة تعنى بشؤون العرب والإسلام والمسلمين في أوكرانيا، حول محاور وأهداف العمل الإسلامي في أوكرانيا، ومستجدات هذا العمل في ضوء المتغيرات التي تحدث في دول العالمين العربي والإسلامي.

أجرى الحوار هريهوري هريشكو - كييف

 هلا حدثتنا بداية عن تاريخ الاتحاد، وعن الظروف والخطوات الرئيسة التي واكبت تأسيسه؟

حمل مجموعة من الطلاب العرب والمسلمين الذي قدموا إلى أوكرانيا بهدف الدراسة، حملوا على عاتقهم بعد الاستقلال مسؤولية خدمة المسلمين المحليين، وإنقاذ هويتهم من الضياع، وذلك استجابة لنداء الواجب تجاه إخوانهم من سكان البلاد الأصليين، وكذلك تجاه المجتمع الأوكراني ككل، تعريفا بالإسلام كدين رحمة وهداية، ودحضا للشبهات عنه.

تدرجت هذه الثلة المؤمنة بما قدمته للإسلام والمسلمين في أوكرانيا، فقامت بادئ الأمر بتأمين مصليات للمسلمين اعتمادا على إمكانيات مادية شخصية خاصة، ثم أسست عدة جمعيات ثقافية اجتماعية في عدة مدن كبرى، ليتوسع بذلك نطاق عملها ومجالاته، حتى أصبحت هذه الجمعيات ملاذا للمسلمين من سكان البلاد الأصليين والقادمين من دول أخرى، ومشعل نور وهداية في المجتمع الأوكراني.

ثم توجت هذه الجهود المباركة في السابع من شهر شباط/فبراير عام 1997م بوحدة هذه الجمعيات تحت مظلة اتحاد أجمع مؤسسوه على إطلاق اسم اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" عليه، ليكون رائدا في مجال خدمة المجتمع الأوكراني والمسلمين فيه، وليصبح فيما بعد أكبر وأبرز مؤسسة أوكرانية تعنى بشؤون المسلمين في أوكرانيا.

 ما هي المبادئ والأهداف التي اعتمدتموها بعد التأسيس؟

اعتمد اتحاد الرائد منذ التأسيس جملة من المبادئ والأهداف لدفع وحماية مسيرة العمل الإسلامي الخيري الدعوي في أوكرانيا، فكانت من أهم المبادئ التي اعتمدها:

  • الانفتاح على الجميع، وعدم الخوض في القضايا الخلافية السياسية والدينية والمذهبية.
  • البعد عن الانتماءات الحزبية والإقليمية وغيرها، وعدم تصدير المشاكل والخلافات إلى أوكرانيا.

ومن أهم الأهداف التي اعتمدها:

  • نشر الثقافة الإسلامية بين المسلمين، والتعريف بها في المجتمع الأوكراني.
  • المشاركة الفاعلة في تنمية المجتمع الأوكراني وتطويره.
  • ربط أوكرانيا بالعالم الإسلامي، والتعريف بأبرز همومه وقضاياه.
  • خدمة الأقليات المسلمة في أوكرانيا.
  • تعزيز العلاقات مع مؤسسات المجتمع الأوكراني المختلفة.

 أين ينشط الاتحاد؟، ووفق أي هيكلية وآلية يدار عمله؟

تعتبر العاصمة كييف المقر الرئيس لاتحاد الرائد، ولديه مكتبين رئيسيين في كل من إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، وإقليم الدونباس شرقها، حيث تعيش نسبة لا تقل عن 50% من إجمالي عدد المسلمين الذين يبلغ تعدادهم حاليا نحو مليوني نسمة وفق إحصائيات غير دقيقة.

كما يشرف الرائد على ثمان مراكز ثقافية إسلامية في كبريات المدن، وتنضوي تحت لوائهأكثر من عشرين جمعية ثقافية اجتماعية في شتى أرجاء المدن والأقاليم الأوكرانية.

وقد اعتمد اتحاد الرائد كمؤسسة عدة أقسام لتسيير العمل والإشراف عليه في الفروع والجمعيات التابعة على أفضل صورة ممكنة، وذلك ضمن المجالات الرئيسية المعتمدة، الخيرية الإنسانية، والثقافية الحضارية، والإسلامية الدعوية، ومنها قسم المشاريع وقسم العلاقات وقسم الأمانة العامة والقسم الثقافي والقسم الإعلامي والقسم المالي والقسم النسائي.

 ما هي أبرز الإنجازات التي حققتموها حتى الآن؟

تمكن اتحاد الرائد على مدار السنوات التي تلت قيامه من القيام بالعديد من المشاريع وتحقيق العديد من الإنجازات، وكان الشمول والتوازن من أهم ما يميز تلك المشاريع والإنجازات التي تمت، وهي تتنوع ما بين الأنشطة الإنسانية الخيرية والاجتماعية، والثقافية الدعوية التعليمية، إضافة إلى أنشطة التواصل الحضاري، والأنشطة الإعلامية واسعة النطاق.

فعلى الصعيد الإنساني الاجتماعي الخيري، قام الرائد ببناء وترميم ما يزيد عن مائة مسجد في القرم والدونباس، وحفر المئات من الآبار للمسلمين التتار في قراهم النائية، وقام بترميم جميع المدارس القومية التترية وتزويدها بما تحتاج إليه من مواد وأدوات تقنية وعيادات طبيبة، كما وزع أكثر من 350 بيتا بلاستيكيا على الأسر الفقيرة، ويكفل الرائد أكثر من ألفي طفل مسلم يتيم.

وعلى الصعيد الثقافي الدعوي التعليمي، يشرف اتحاد الرائد على نحو 43 مدرسة أسبوعية لتعليم اللغة العربية والثقافة الشرقية الإسلامية، وهي من أهم وسائل الدعوة والتعريف بالإسلام في أوكرانيا، كما ينظم الرائد بشكل دوري عدة دورات ومخيمات ومسابقات علمية ودينية وثقافية للمسلمين، بالإضافة إلى دورات خاصة بالمسلمين الجدد.

وفي مجال التواصل الحضاري، يحرص اتحاد الرائد بالتنسيق مع الجهات الحكومية والنخب المثقفة على عقد وتنظيم المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية، التي تسهم بدحض الشبهات عن الإسلام والدفاع عن حقوق المسلمين، وكذلك بتفعيل الحوار بين شرائح المجتمع الأوكراني العرقية والدينية، بما يخدم وحدتها والتعايش البناء فيما بينها.

وفي المجال الإعلامي يصدر الرائد صحفا ومجلات ونشرات دينية ثقافية شاملة، وبلغات عدة، كالأوكرانية والروسية والعربية، ويشرف على العديد من المواقع الإلكترونية متعددة اللغات أيضا، التي تستهدف فئات المجتمع الأوكراني كافة، وتعرف العالم بواقع وأخبار الإسلام والمسلمين في أوكرانيا، وتصل مسلميها بقضاياهم الرئيسية وأخبار أمتهم.

 إلى أين وصل "الرائد"، وما هي أبرز طموحاته؟

استطعنا خلال فترة الخطة الاستراتيجية 2008-2012 أن نلغي الطابع النمطي الذي ساد بعد مرحلة التأسيس، حول أن الرائد مؤسسة قائمة على طلاب أجانب، وأن نقدمه كمؤسسة أوكرانية، معظم القائمين عليها في الخطوط القيادية الأولى والثانية من المسلمين الأوكرانيين، وجلهم من فئة الشباب، بين ذكور وإناث.

نطمح إلى الارتقاء بمستوى مسلمي أوكرانيا، وتعزيز أدوارهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية كمواطنين في المجتمع، والمساهمة في بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة، من خلال عمل الجمعيات والمراكز الإسلامية التي يشرف عليها.

كما نطمح إلى تعزيز لغة التسامح والحوار والتعايش الإيجابي البناء بين المسلمين وباقي فئات المجتمع العرقية والدينية، بما يخدم المجتمع الأوكراني ككل، والأقليات المسلمة فيه على وجه الخصوص، وذلك من خلال عمل متقن تعكسه جملة من الفعاليات والنشاطات السنوية والمشاريع الإستراتيجية التي يسعى إلى القيام بها بالتعاون مع الهيئات والمنظمات الإسلامية الخيرية الإغاثية، وأهل الخير والإحسان في داخل أوكرانيا وخارجها.

ونطمح وفق الخطة الاستراتيجية الحالية 2013-2016 إلى الارتقاء بمستوى الاتحاد، ليكون أبرز مؤسسة ثقافية اجتماعية في أوكرانيا.

 ما هي الجهات الداخلية والخارجية التي تدعم عمل الاتحاد؟

يعتمد الرائد – بعد الله تعالى – على دعم أهل الخير والإحسان في داخل أوكرانيا وخارجها، وهم التجار الميسورون الذي يستشعرون مسؤوليتهم تجاه المسلمين في هذا البلد الذي عانى طويلا من نظام طمس الدين والهوية لعقود.

ويرتبط الاتحاد بعلاقات تعاون وثيقة مع عدة وزارات ومؤسسات خيرية وإغاثية حول العالم، ولعل من أبرزها وزارة الأوقاف وعدة مؤسسات إغاثية وخيرية أهلية في دولة الكويت؛ التي لا أبالغ بالقول إن خيرها وصل إلى بيوت معظم المسلمين في أوكرانيا، ولحبها موضع في قلوبهم جميعا؛ وكذلك بنك التنمية الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، وغيرها من المؤسسات والجمعيات الحكومية والخيرية والإغاثية العريقة.

بحرص ودعم هذه الجهات يسير العمل، فهم شركاء فيه؛ ونحن نعمل معا على وضع المشاريع وتوجيهها لتحقيق أفضل النتائج، التي تعود بالخير على المسلمين والمجتمع معا.

 كيف هي علاقة الاتحاد مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ومع غيره من المؤسسات الدينية في أوكرانيا؟

أستطيع أن أصف علاقات الاتحاد مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بالجيدة، التي تقوم على أساس الشراكة في الهموم والواجبات، وهي علاقات متنامية نسعى حثيثا إلى تعزيزها وتوسعة دائرتها، ليكون لها تأثير إيجابي أكبر وأكبر في المجتمع.

كُرم الاتحاد مرات كثيرة على جهوده من قبل هذه المؤسسات، وحاز على عدة شهادات تقدير، كان أبرزها شهادة مؤسسة الرئاسة، التي اعتبرت "الرائد" أبرز مؤسسة اجتماعية في أوكرانيا، وشهادة أخرى من حكومة إقليم شبه جزيرة القرم، اعتبرت الاتحاد شريكا فعالا في خدمة قضايا مجتمع الإقليم وعلاج قضاياه المختلفة.

يفخر الرائد بعلاقات وثيقة مع معظم المؤسسات الدينية في أوكرانيا، سواء كانت إسلامية أو مسيحية، وهي علاقات تقوم على العمل المشترك لتعزيز الجانب الروحي في حياة المواطنين عموما، أو خدمة المسلمين وتحقيق مصالحهم على وجه الخصوص.

وأخص بالذكر هنا علاقة الاتحاد مع الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة"، والإدارة الدينية لمسلمي القرم، والمركز الديني لمسلمي أوكرانيا في إقليم الدونباس، ومركز الدراسات والبحوث الإسلامية في العاصمة كييف، بالإضافة إلى المجلس الاستشاري لمسلمي أوكرانيا، الذي يضم تحت سقفه جميع المؤسسات السابقة وغيرها.

 إلى أي مدرسة أو تيار إسلامي ينتمي فكر الاتحاد؟، وهل هو امتداد لحزب أو تنظيم أو جماعة معينة؟

الاتحاد – كما ذكرت – قام بجهود طلاب في مرحلة التأسيس، وهم طلاب قدموا من فلسطين وسوريا والأردن ولبنان ومصر والمغرب وتونس وباكستان وغيرها من دول العالمين العربي والإسلامي، متفاوتون بمستوى الالتزام والفكر وحتى الفهم، وبالتالي لا يمكن اعتباره امتدادا لتيار أو حزب أو تنظيم أو جماعة.

ما جمع هؤلاء هو الالتفاف حول أهداف الاتحاد، لخدمة مسلمي أوكرانيا والتعريف بالإسلام، ومبادئ وقيم الاتحاد كانت ولا تزال صمام أمان يحمي أبنائه وجمعياته من التعصب أو التحزب، أو حتى من شذوذ الفكر والخلق.

واليوم، يشرف المسلمون الأوكرانيون على الاتحاد بنسبة لا تقل عن 70%، ونعتبر أن هذا من أبرز الإنجازات الإدارية التي حققناها خلال 16 عاما من العمل والعطاء، وبالتالي لا يستقيم أن يكون امتدادا لجهة خارجية، أيا كانت.

يتمسك الاتحاد بوسطية الإسلام، وينتمي إلى الفكر الوسطي إن صح التعبير، فنحن نعتبر أن الوسطية جوهر الإسلام وحقيقته، ولا تمثل تيارا ضمن تيارات، وإنما أصلا متأصلا ووحيدا؛ وإن انتمى أي طرف إلى الوسطية، فهذا لا يعني أننا امتداد له، أو أنه امتداد لنا.

الرائد هو مركز الوسطية في أوكرانيا، التي تحترم الآخر واقعا عمليا، ولا تحقره أو تقلل من شأنه؛ التي تنبذ الخلاف وتثمن الاختلاف ثم تبني عليه؛ التي تنبذ وتحارب العنف والتطرف وأساليب الإرهاب، تماما كما تحارب التهاون في أمور الدين والأخلاق ومقتضيات المواطنة.

 فماذا عن تفاعل الاتحاد اللافت مع ثورات العالم العربي، وتطرق منابره الإعلامية بين الحين والآخر إليها؟

تعريف المسلمين والمجتمع بقضايا العالم العربي من أهداف الاتحاد، ولا يستقيم أن نعمل بمعزل عن هموم أمتنا وأبرز قضاياها، فالأمة الإسلامية واحدة، وقضاياها تهمنا جميعا، وإن كان عملنا محصورا ضمن حدود أوكرانيا. هذا واجبنا الديني والأخلاقي تجاه تلك الهموم والقضايا.

في السابق، كنا نركز على قضية فلسطين، تعريفا ببعدها الإنساني، وبالمعاناة التي يعيشها شعبها تحت وطأة الاحتلال وبطشه، فأقمنا وشاركنا بالعديد من النشاطات التعريفية لعكس ذلك الألم المستمر، وأصدرنا بيانات أدانت جرائم الاحتلال ومقترفاته.

ومع هبوب رياح التغيير في العالم العربي، كان من واجبنا أن نعرف بالألم الذي طال السوريين والليبيين والمصريين واليمنيين، وأن ندين الجرائم التي ارتكبت وترتكب بحقهم، وبحق مقدرات أوطانهم.

دورنا كمؤسسة لم ولن يحمل طابعا منحازا إلى طرف سياسي، فمن مبادئنا عدم تصدير الخلافات إلى أوكرانيا أو الخوض فيها، لكنه ينحاز دائما إلى قضايا الإنسانية، التي هي قيمة رئيسية من القيم التي يتمسك بها الاتحاد، وكذلك إلى مبادئ وقيم الديمقراطية، التي تشكل جميعها نقاط تلاق تجمع بين الدول والشعوب في العالم المتحضر، وعلى هذا الأساس نبني أي موقف أو رد فعل، ونقيم أو نشارك بأي نشاط.

كما مُدحنا ونُمدح ويُثنى علينا، تعرضنا ونتعرض لانتقادات بسبب مواقفنا وردود فعلنا على ما حدث ويحدث في العالم العربي، بل واتُهمنا بالانحياز أو التحزب، إلى أطراف ليس بينها أي نقاط تلاق أو تشابه حتى، فتارة للوهابية، وتارة لحزب التحرير، وتارة لمذاهب وأحزاب شيعية، ثم للإخوان المسلمين، وقد قدمنا البعضَ إلى المحاكمة بعد أن اتهمنا وتمادى بذلك.

الرائد مؤسسة أوكرانية منفتحة على المجتمع، تفخر بنشر برامجها وخططها ومشاريعها على جميع منابرها، ومرور الوقت أثبت أننا بعيدون عن أي انتماء خارجي، وأن انتمائنا الأول والأخير لأوكرانيا، وأننا نسير على الطريق الصحيح الذي لا نحيد عنه، الذي يتوافق مع مبادئنا ويرضي ربنا وضمائرنا قبل أي أحد أو شيء آخر.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس

التعليقات:

(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022