محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
تحولت روسيا إلى من دولة شقيقة إلى معادية في أعين شريحة واسعة من الأوكرانيين، وعادت مطالب التقارب مع حلف شمال الأطلسي "الناتو" لتبحث وتناقش باهتمام في الأوساط السياسية والشعبية مجددا، بعد أن طويت صفحاتها لعدة أعوام.
تمارس كييف التعبئة محليا وخارجيا ضد موسكو، وتتهمها باحتلال القرم، وبالغزو بعد دعم المسلحين الانفصاليين الموالين لها، وبنوايا عدوانية قد تتجاوز أوكرانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ووصلت الأمور إلى حد تعالت فيه أصوات تطالب بفرض حالة الحرب في شرق البلاد، وقطع العلاقات مع روسيا، وكذلك إلغاء قانون "الحيادية" الذي يمنع أوكرانيا من الدخول في تحالفات عسكرية، والتوجه عاجلا إلى الناتو لعضويته أو طلب مساعدته.
وبالفعل ناقش الحلف يوم الأمس الأزمة الأوكرانية، وقرر مساعدة أوكرانيا ماديا بنحو 15 مليار دولار، وتعهد برفع قدراتها الدفاعية، لكنه لم يحسم موقفه إزاء عضويتها أو التحالف معها.
التعويل الأوكراني
التعويل على الناتو واضح المعالم في سياسة السلطات الأوكرانية، وهو محل أمل الكثيرين لوقف تهديد روسيا ووضع حد لنواياها، كما يقولون.
تحدثنا إلى الشاب أندريه أثناء تجواله في معرض أقيم بدعم وزارة الدفاع في ميدان الاستقلال وسط العاصمة، فيه صور تثبت أن روسيا دخلت الأراضي الأوكرانية بقواتها، ودعمت الانفصاليين بأسلحتها.
أندريه قال إنه محتار، لأنه يشعر بتهديد روسيا وحاجة أوكرانيا الماسة إلى دعم عسكري من قبل الناتو، ولكنه يخشى أن تتطور الأمور لتصبح أوكرانيا ساحة حرب واسعة يديرها الشرق والغرب من بعيد، ويدفع الأوكرانيون أرواحهم وممتلكاتهم ثمنا لها.
أما أليكسي هاران رئيس معهد التحليل السياسي، فقال إن "الأحداث وصلت إلى نقطة اللاعودة، وروسيا قامت بخطوات "المتكبر" لإذلال أوكرانيا والغرب"، على حد وصفه.
وأضاف: "لنا مع الناتو أهداف مشتركة...؛ ندرك ضعفنا أمام روسيا، ولذلك لابد من التقارب مع الحلف لحماية وحدة أراضينا قبل أن تقضم أكثر، والحلف بدوره يدرك خطر أن يتعاظم النفوذ الروسي في شرق أوروبا، ولا يريد أن تقترب قوات روسيا أكثر من حدود الدول الأعضاء، كما حدث فعلا".
سراب التحالف
لكن آخرين ينظرون إلى التقارب مع الناتو -وخاصة في هذا التوقيت- كسراب، معبرين عن شكوكهم إزاء دعم الحلف، وصحة الاعتماد المطلق عليه.
أوليكساندر تشالي النائب السابق لوزير الخارجية الأوكراني، ومسؤول ملف الانضمام إلى الناتو إبان فترة الحكم البرتقالي 2005-2009، قال إن الحلف لن يضم أوكرانيا، وأقصى ما قد يقدمه لها صفة "حليف"، ولكن هذه الصفة لن تضمن "مظلة أمنية" تحمي أراضيها.
وأضاف أن دول الحلف تفكر دائما بتعزيز الأمن الذي سيحققه انضمام دول جديدة، أو بالأزمات التي قد تجر إليها بعده، وانضمام أوكرانيا يعني أن الناتو سيصبح على حدود روسيا، وعلى حافة حرب معها.
ورأى تشالي أن "الناتو يشعر بالقلق، ومعني بوقف روسيا أكثر من أي وقت مضى، لكنه ليس معنيا بالحرب معها، ولهذا قد يقدم لأوكرانيا مساعدات كبيرة، ولكن من مكان بعيد على الأرجح".
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022