خبير أوكراني: من لا يشارك بالحوار بين المذاهب الإسلامية في أوكرانيا "يقف ضد الإسلام"

خبير أوكراني: من لا يشارك بالحوار بين المذاهب الإسلامية في أوكرانيا "يقف ضد الإسلام"
أوليكساندر ساغان الخبير في قسم علوم الأديان بمعهد الفلسفة التابع لأكاديمية العلوم الأوكرانية
نسخة للطباعة2012.05.08

حوار أجراه موقع الإسلام في رابطة الدول المستقلة مع الدكتور أوليكساندر ساغان، الخبير في قسم علوم الأديان بمعهد الفلسفة التابع لأكاديمية العلوم الأوكرانية، ومستشار رئيس أوكرانيا وأمانة الرئاسة لشؤون القوميات والأديان في الفترة ما بين 2005 - 2007، ومدير اللجنة الوطنية لشؤون القوميات والأديان في الفترة ما بين 2007 - 2009.

وفيما يلي نص الحوار:

تم في العام 2009 تأسيس مجلس استشاري يجمع ممثلي الإدارات والمراكز الدينية الإسلامية في أوكرانيا. هل يحقق هذا المجلس نجاحا تجاه مسؤولياته؟

سبق إنشاء هذا المجلس واعتماده لدى اللجنة الوطنية لشؤون القوميات والأديان، ورأينا هدفا رئيسيا له، هو تسهيل الصعوبات وحل الخلافات بين الإدارات والمراكز الإسلامية المختلفة.

لقد ظهرت الاختلافات ومظاهر "التوتر" حتى في الاجتماع الأول للجنة المجلس التنظيمية، إذ أجل عقد الاجتماع عدة مرات، لأن بعض الزعماء الدينيين رفضوا الحضور بوجود آخرين في نفس القاعة. كان الطريق لإيجاد الحلول طويلا، لكنه أثمر وتم تأسيس المجلس.

أولا، ساعد المجلس على مناقشة مسائل الحياة الإسلامية الداخلية في أوكرانيا، كتنظيم مسائل الحج وتعليم المسلمين، وكنا قبل ذلك نتلقى الشكاوى، ويتم تبادل الاتهامات المسيئة فقط.

وثانيا، ساعد المجلس على تخفيض مستوى التوتر فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية للمؤسسات والمراكز الدينية والاجتماعية المختلفة، كتبادل الاتهامات بارتباطها مع مجموعات متطرفة، ...إلخ.

بعد أن تركت المجلس لم يجتمع مرة جديدة. وأصبحت لجنة شؤون القوميات والأديان قسما يتبع لوزارة الثقافة. ولهذا السبب لا نستطيع أن نتكلم عن النجاح الظاهر اليوم. بل عن الأسس التي وضعناها منذ السنة الأولى، التي ما زالت موجودة حتى اليوم.

تفاقمت الخلافات بين المؤسسات الإسلامية المختفلة في الوقت الأخير. هل توجد إمكانية للحوار الإسلامي الداخلي بينها برأيك؟، ما احتمال توحد هذه المنظمات؟، وما الذي يفرق بينها؟.

إن الخلافات بين المنظمات الإسلامية أمر منطقي يحدث حتى بين المراكز الأرثوذكسية والبروتستنتية، أو أي مراكز دينية أخرى.

تبلغ هذه الخلافات ذروتها عندما يفتتح مركز ديني جديد، لأنه منافس جديد. ولكن تقبل مع مرور الوقت قواعد التعايش الجديدة، ولاعب الدور الأهم لهذا القبول هو الهيئات الحكومية.

إمكانية الحوار الإسلامي الداخلي موجودة طبعا. ويثبت ذلك بشكل واضح تشكل المجلس الاستشاري. من المهم أن يكون الحوار منظما وعلميا وتنويريا.

وفي هذا الصدد أريد أن أقول إن الأشخاص الذين يرفضون هذا الحوار يقفون ضد الإسلام عمدا.

لا بد أن نفهم الاختلاف بين الحوار والوحدة، فمثلا الكنيسة الأرثوذكسية التابعة لبطريركية كييف والكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة هما تقريبا متشابهتان في المبادئ الدينية وممارستها وانتشارها.

تسعى هاتان الكنيستان إلى الوحدة منذ سنوات طويلة ولكن عبثا. لأن خلافاتهما الرئيسية هي طموحات زعمائهما فقط.

بالنسبة للمسلمين فالوضع أصعب. الاختلافات لديهم في المبادئ الدينية والممارسات، وانطلاقا من هذا لا نستطيع أن نتحدث عن وحدة، بل عن احترام وحوار بين المذاهب المختلفة فقط.

هل يهتم الخبراء في أوكرانيا بالإسلام بشكل كاف؟

عندما كنت مستشارا للرئيس الأوكراني، طرحت مبادرة لإنشاء "مجموعة علوم الإسلام" تتبع لقسم الأديان في معهد الفلسفة بأكاديمية العلوم الأوكرانية.

تأسست المجموعة وعملت لعدة أعوام فقط، وهي اليوم مهددة بسبب ضعف التمويل، وهذا مؤسف للغاية.

لقد قامت المجموعة بعمل كبير، فعقدت عدة مؤتمرات وأجرت عدة درسات حول التطرف الديني، وانسجام الإسلام مع طبيعة الظروف والحياة الأوروبية الحديثة، إلخ.

لا توجد في أوكرانيا اليوم مراكز كبيرة لدراسة الدين وممارساته وخصائصه، إضافة إلى دراسة اتجهات التيارات الإسلامية المعاصرة.

ويجب أن تكون هذه المراكز موجودة، لأن أوكرانيا تضم عدة مراكز دينية ومنظمات اجتماعية كبيرة، ويزيد عدد المسلمين عن 200 ألفا.

إن في غاية الأهمية أن يتم ترويج الأفكار الراسخة والروايات التاريخية المرتبطة بحياة المسلمين في أوكرانيا الحديثة. ومهمة الحكومة في هذا الإطار هي تعرف التلاميذ والطلاب بخصائص الإسلام.

ما هي آفاق الحوار بين الإسلام والمسيحية في أوكرانيا، وخاصة بين الكنائس الأرثوذوكسية والإدارات الدينية للمسلمين في أوكرانيا؟

إن هذا الحوار ضروري لنا، حتى ولو إن لم يرده بعض المسيحيين أو المسلمين.

لدينا متطرفون أيضا، هذا ما نجده إذا قمنا بتحليل الصراعات المرتبطة ببناء المساجد في عدة مناطق لبلدنا أو "إسقاط الصلبان" في شبه جزيرة القرم، وحتى في كييف، أصبح إنشاء المسجد الوحيد مأثرة لمن قام ببنائه.

الحوار الإسلامي المسيحي جزء من تاريخنا، فقد كانت المساجد على أراضي أوكرانيا موجودة حتى القرون الوسطى. وبالرغم من الفترات المختلفة في العلاقات بين ممثلي هذين الدينين، نستطيع أن نقول إن العلاقات تدريجيا تصبح أكثر تسامحا.

السلطة السوفيتية قامت بترحيل جميع المسلمين تقريبا، ومعظمهم من تتار القرم، وبالتالي ألغت الوجود الإسلامي في الحياة الدينية لأوكرانيا. ولهذا السبب شعر الأرثوذكس في البداية (وهم المذهب الأكبر في أوكرانيا) بالتوتر عندما بدأت نهضة المراكز الإسلامية في مناطق تواجد المسلمين الكبرى بعد الاستقلال، وهي شبه جزيرة القرم ومنطقتي كييف ودونيتسك.

وبذلت الدولة جهودا كثيرة من أجل إزالة هذا التوتر، ولكن لا بد لنا من توحيد جهودنا للوصول إلى النتيجة النهائية.

الأوضاع مستقرة اليوم، ولكن بحسب ما يكتبه بعض الخبراء، تتطور بعض المراكز الإسلامية في أوكرانيا دون مراقبة، ويسبب ذلك زيادة تطرفها، وهي تسعى إلى الحصول على التمويل من مراكز أجنبية متطرفة.

أظن أن الوضع الآن غير مأساوي، ولكنني أرى أنه قد يخرج عن السيطرة في أي لحظة.

موقع "الإسلام في رابطة الدول المستقلة" (بتصرف)

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

العلامات: 

التعليقات:

(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022