محمد صفوان جولاق - رئيس التحرير
ما هي أسعار الصرف والوقود اليوم؟، سؤال يطرحه الأوكرانيون على أنفسهم والآخرين كل صباح ومساء، فأسعار الغاز وباقي المحروقات حققت –ولا تزال تحقق- قفزات قياسية، وبالتزامن معها تقفز أسعار السلع والمواصلات، لتسود الحيرة بين الناس في أمور حياتهم التي دخلت نفقا مظلما لا تعرف نهايته.
تراجع سعر صرف العملة المحلية "الهريفنة" بنسبة تجاوزت 400%، ومعه قفزت أسعار البنزين حتى قاربت 30 هريفنة، بعد أن كانت في حدود 11 هريفنة قبل بداية الأزمة الأوكرانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
وأعلنت وزارة المالية أنها سترفع أسعار الغاز على الشركات والمواصلات بنسبة 280%، وعلى المنازل بنسبة 66%، بعد أن كانت قد رفعتها بنسبة 73% في أيار/مايو من العام الماضي.
وأعلنت أيضا أنها سترفع أسعار الكهرباء على الشركات والمنازل بواقع 3.5 أضعاف، وذلك بصورة تدريجية تبدأ في 2015 وتنتهي في 2017.
أسعار كل شيء ترتفع في أوكرانيا إذا، لكن الأكيد أن الدخل ثابت لا يتغير، وعليه فإن الراتب الوسطي لا يتجاوز 100 دولار، والحد الأدنى للرواتب يساوي 43 دولارا تقريبا.
كيف سنعيش؟
وفي ظل هذا الواقع الاقتصادي الصعب، يتساءل معظم الأوكرانيون بقلق: كيف سنعيش؟، ومصدر قلقهم أن الأمور لا تخرج عن سيطرتهم فحسب، بل عن سيطرة الدولة التي لم تعد تستطيع ضبط الأسعار أيضا، كما يقولون.
في أحد الأسواق الشعبية التقينا بكل من فالينتينا ونتاليا، وهما مدرستان قررت كل منهما الجلوس إلى بسطات لبيع الشطائر والحلويات بعد الدوام.
نتاليا قالت: "كنت أشتكي قلة راتبي البالغ 2200 هريفنة (70 دولارا الآن)، ولكني اليوم أحتاج إلى ضعفه لسداد الفواتير ودفع آجار المواصلات وشراء الطعام، ولهذا اضطررت للعمل في السوق، وأقنعت صديقتي بأن علينا فعل شيء للحفاظ على وجودنا، لأن السلطة عاجزة عن فعل أي شيء"، على حد قولها.
أقصى ما تتمناه فالينتينا ونتاليا اليوم أن تؤمنا دخلا كافيا لأسرتهما، وألا يراهما طلاب المدرسة في مكان فرضته عليهما ظروف الحياة، كما تقولان.
الأسباب والحلول
وتجتمع آراء الخبراء حول أسباب الأزمة، وتحاول بث الطمأنينة في نفوس عامة الأوكرانيين، فبعضها تدعو إلى شد الأحزمة والصبر، وبعضها تضع حلولا لا تنكر صعوبة الأوضاع.
أندريه نوفاك رئيس "لجنة الاقتصاديين الأوكرانيين"، قال إن السبب الرئيس لارتفاع أسعار الصرف والسلع هو حجم الإنفاق على المواجهات العسكرية مع الانفصاليين في جنوب شرق البلاد، وغلق أسواق التصدير أمام المنتجات الأوكرانية (وخاصة الروسية التي كانت قبلة 80% من المنتجات).
وأشار أيضا إلى توقف أو هروب الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع أسعار الغاز الروسي الذي تستورده أوكرانيا من روسيا مباشرة، أو عبر دول الاتحاد الأوروبي.
وقال: "الأوضاع الاقتصادية الحالية تذكرنا بما كان عليه الحال في تسعينيات القرن الماضي بعيد الاستقلال، فعندها كان غالبية الناس يعيشون بأقل من 100 دولار شهريا، ولكن طبعا دون أي مظاهر راحة أو رفاهية، وعلى الجميع تحمل الظروف حتى الخروج منها".
إيهور بوراكوفسكي عميد معهد الدراسات الاقتصادية في كييف، حدثنا بتفاؤل حول الحلول، فقال: "علينا ألا نركن للمساعدات الخارجية، بل يجب أن نسارع لتطهير الدولة وإصلاح مؤسساتها، ثم بناء اقتصاد لا يعتمد على علاقاته السياسية مع الخارج".
وأوضح بالقول: "تركيا نموذج جيد، بنت اقتصادا قويا بعد أن كان الفساد والفقر منتشرا فيها، وأوكرانيا بقدراتها الزراعية والصناعية والبشرية قادرة على المنافسة إذا ما ارتقت إلى مستوياتها العالمية. علينا أن نستثمر الأزمة لنرتقي"، على حد قوله.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
الجزيرة نت
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022