يعتبر القائمون على العمل الإسلامي في أوكرانيا أن مرحلة التعجيل ببناء المساجد بعد الاستقلال مرت، وأن الأولوية الآن لبناء أئمة يحيونها بالعبادات وتعليم المسلمين، ويكونون لهم قدوة، ولغيرهم صورة حسنة.
وتبرز هذه الأولوية تطبيقا عمليا في المناطق التي تكثر فيها أعداد المسلمين، كإقليم شبه جزيرة القرم جنوبا، حيث يعيش فيه نحو 500 ألف تتري مسلم، وإقليم الدونباس شرقا، حيث يعيش نحو 70 ألف تتري.
وأوضح د. باسل مرعي رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" – أكبر مؤسسة تعنى بشؤون الإسلام والمسلمين في أوكرانيا، وساهمت ببناء وترميم أكثر من 100 مسجد - أوضح أن الأولوية كانت بعد استقلال أوكرانيا في العام 1991 لتوفير أماكن العبادة للمسلمين، كمحاضن فقدت خلال الحقبة السوفيتية.
وفي سياق متصل، يشير د. أمين القاسم الباحث في تاريخ القرم إلى أن أعداد المساجد في القرم وحده كانت تبلغ 4 آلاف عندما كان ولاية تتبع لدولة لخلافة العثمانية في أجزائها الشمالية، و21 ألفا بحسب بعض المؤرخين، بينما يقارب عددها 280 اليوم.
ويضيف أن السلطات السوفيتية دمرت وصادرت معظم المساجد وغيرها من المؤسسات التعليمية والدينية الإسلامية في القرم، في إطار سياسة اتبعتها لطمس الهوية الدينية، ورفع الطابع الإسلامي عن الإقليم.
برامج إعداد
ويخضع عشرات الأئمة في القرم والدونباس لبرامج إعدادوتدريب وتأهيلتهدف إلى الارتقاء بمستوياتهم الثقافية والاجتماعية ، إلى جانب مستويات العلوم الدينية والشرعية.
وعن هذه البرامج يقول الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" إنها باتت أساسا قبل بناء أي مسجد، حتى يكون الإمام فيها داعية ملماً بظروف مجتمعه ومحركا، لا مجرد موظف أو متطوع لإمامة الصلوات.
ويضيف أنها تركز على شريحة الشباب، و تشمل إلى جانب العلوم الشرعية والدينية والتربوية دورات في الإدارة والتخطيط وفنون التعامل والتواصل، ليكون الإمام عنصر نجاح وإصلاح مؤثر، ويحظى بثقة واحترام جميع من حوله.
ويرى الكاتب والمفكر الإسلامي التتري سيران عريفوف أن هذه البرامج ساهمت بإبراز الأئمة وإخراجهم عن صورهم التقليدية كرجال دين فقط، فباتوا رجال مجتمع أيضا، وأصبحت مساجد كثيرة تسمى بأسمائهم بسبب الشهرة التي اكتسبوها.
ويؤكد عريفوف على أهمية أن يلعب الأئمة أدوارهم بين التتار المسلمين في الحفاظ على الدين والهوية ونهضة المجتمع، وإصلاح وتوجيه بعض الأفكار الخاطئة لدى المسلمين، تداركا لحدوث الغلو أو التطرف.
ويشير إلى أن الأفكار الخاطئة قد يسببها الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، نتيجة لمأساة التهجير القسري الذي تعرضوا له في العام 1944، ومآسي سلخ الهوية والحرمان من الدين الذي عاشوه خلال الحقبة السوفيتية.
مسجد جديد
وقد شهد إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا قبل يومين افتتاح مسجد باسم الصحابي الجليل أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – في قرية زيلينوهورسكا.
تحدثنا إلى الشيخ مصطفى إمام المسجد (35 عاما)، فقال إنه سينتقل لتعليم الأطفال من بيته إلى صف تعليمي خاص بالمسجد، وينوي أن يجعل الصف غرفة لتعريف غير المسلمين بسماحة الإسلام الحنيف.
وأضاف أن من أهدافه إلغاء الطابع النمطي عن المسجد كمكان للصلاة فقط، وأن يجعله مركزا وملاذا للعلم والتعلم والحصانة والدعوة والإصلاح والتوجيه.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة نت
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022