محمد صفوان جولاق – رئيس التحرير
أثارت الاتفاقيات الاقتصادية الأخيرة بين كييف وموسكو جدلا كبيرة في أروقة السياسية داخل أوكرانيا وخارجها، فالمعارضة الأوكرانية اعتبرت أن نظام الرئيس يانوكوفيتش "باع البلاد لروسيا"، والغرب أدان الاتفاقيات على اعتبار أنها تعقد أزمة تجميد الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.
ولأن توقيت الاتفاقيات جاء في خضم الأزمة المستمرة منذ نحو شهر، فقد قوبلت بغضب المحتجين في ميدان الاستقلال بالعاصمة كييف، الذين يعتبرون أن يانوكوفيتش أدار ظهره لأوروبا، وحرف الدفة باتجاه روسيا.
لكن الرئيس ورئيس الوزراء ميكولا آزاروف دافعا عن الاتفاقيات، واعتبر الأخير أنها أنقذت أوكرانيا من شبح الإفلاس، وأن الاقتصاد الأوكراني بعدها في "أمان".
روسيا تكسب
ويرى مراقبون أن روسيا بالاتفاقيات كسبت جولة مهمة من معركة الصراع على أوكرانيا مع الغرب، وحافظت على بقائها في معسكرها لعدة أعوام مقبلة.
فيكتوريا موفتشان الخبيرة في مركز الدراسات الاقتصادية بالعاصمة كييف ترى أن روسيا قدمت تنازلات ومنحا كبيرة تلبي معظم مطالب النظام، فجدولت ديون الغاز بين شركتي "غاز بروم" و"نفتوغاز"، وخفضت أسعار الغاز من نحو 450 دولار للألف متر مكعب إلى نحو 268 دولارا، وأودعت 15 مليار دولار على شكل سندات في الخزينة الأوكرانية.
واعتبرت موفتشان أن هذه المنح والتنازلات كانت متوقعة، لكنها حملت بحجمها وتوقيتها مفاجئة، إذ سبقت روسيا بها الاتحاد الأوروبي، الذي اكتفى بالحديث عن مساعدات سيقدمها لأوكرانيا في حال وقعت اتفاقية الشراكة معه، ولم يطرح أي تفاصيل أو يقدم أي شيء عملي.
ولذلك توقع البروفيسور أليكسي غاران رئيس مركز التحليل السياسي أن تلتزم أوكرانيا بالتقارب مع روسيا لعدة أعوام قادمة، وأن تتراجع مساعي التقارب مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن الاتفاقيات تشمل إلى جانب ما سبق صناعات ثقيلة، كالطيران والفضاء والمعادن، إضافة إلى التصدير عبر الحدود الروسية.
بالمنع والمنح
وإلى جانب الجدل القائم، تطرح الاتفاقيات تساؤلات كثيرة عن "أساليب روسيا" في الضغط على اقتصاد أوكرانيا، التي يرى المعارضون أنها مستمرة.
يقول النائب النائب عن حزب الوطن سيرهي سوهوليف إن الاتفاقيات برهنت أن حجج روسيا السابقة لعدم خفض أسعار الغاز كاذبة، فهي لم تكن تطبيقا لاتفاق العام 2009 بين الجانبين، بل للضغط على أوكرانيا بأسعاره الباهظة، مدركة أنه عصب الاقتصاد الأوكراني، وأن أوكرانيا تستورد نحو 70% من حاجتها منه (نحو 42 مليار متر مكعب).
ويقول أندريه يرمولايف رئيس مركز "صوفيا" للدراسات الاقتصادية إن روسيا مارست الضغط على أوكرانيا لكي لا تحيد عن صفها، وهو ضغط بالامتناع عن خفض أسعار الغاز التي أنهكت الاقتصاد منذ العام 2009، ثم بمنع تصدير البضائع الأوكرانية عبر الحدود الروسية.
ويضيف يرمولايف أن روسيا أحست برغبة الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات إلى أوكرانيا لكسبها إلى صفه، فتحولت إلى الضغط بتقديم منح وامتيازات هذه المرة.
وأوضح أن الامتيازات تشمل تصدير البضائع، وتفعيل الصناعات المشتركة بين البلدين، وقبل كل ذلك خفض أسعار الغاز، بالإضافة إلى 15 مليار دولار لا يمكن اعتبارها هدية، بل قيمة تمديد فترة الهيمنة الروسية على الاقتصاد والسياسة في أوكرانيا، على حد وصفه.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022