كتبها: د. أمين القاسم - القرم
خاركيف (خاركوف بالروسية) ثالث مدن أوكرانيا أهمية، وهي العاصمة الأولى للجمهورية الأوكرانية بين عامي 1918 - 1934م.
هي مدينة في غابة.. مدينة الجامعات والمعاهد والطلاب.. مدينة الثقافة والفنون.. مدينة الطبيعة الساحرة.
ما إن تصل إلى عتبة المركز الثقافي الإسلامي فيها، حتى تتلاقفك وجوه وألسنة الشباب فيه بالترحيب والبشاشة والمحبة، معبرة عن صادق سعادتها بقدومك ضيفا عزيزا، طالبين منك التفضل بالجلوس في بهو قاعة الاستقبال، التي تستطيع من خلالها أن تمتع ناظريك بمحتويات رفوف مكتبتها العامرة بالكتب والمجلدات في فنون ومجالات شتى، بين شرعية ودعوية وأدبية وعلمية، وباللغتين العربية والروسية وحتى الإنكليزية.
منارة للمحبة تشع نشاطا، وحبا، وعطاء، تسطع رحمة وتسامحا وأدبا.
وأنت تحتسي الشاي في قاعتها الفسيحة يتوافد من حولك شباب مهندسون وأطباء من دول بلاد الشام والمغرب، تجمعهم روح الأخوة النابضة، والحب والإحترام المشترك، يتناثرون الأحاديث القصيرة حول الجامعة والدراسة، وحول نشاطات جمعية المنار المقبلة استعدادا لموسم شهر رمضان المبارك، وآخرون يتحدثون عن أوضاع بلداهم التي أتوا منها والظروف السياسية والاقتصادية.
وما إن يقترب وقت صلاة الظهر حتى ترى الشباب يتسابقون للوضوء ودخول المسجد استعدادا لأداء الفريضة...
ثم تجد نفسك جالسا مستمعا بانتباه إلى حديث نبوي شريف من كتاب رياض الصالحين.
ثم ينهض الجميع للاستماع للدرس الأسبوعي الدوري مع أحد الشباب، بادئا بالترحيب بالجميع معرفا بموضوعه حول (خلق الداعية المسلم).
وأنا جالس أستمع للدرس، رجعت بي الذاكرة إلى وقت تأسيس هذا الصرح المنير، وبداية العمل الطلابي الإسلامي، إذ بعد استقلال أوكرانيا عام 1991م قام مجموعة من الشباب الجامعي المسلم المتمسك بدينه والمتحمس لنشر دعوته وتصحيح النظرة المشوهة عن إسلامه، قام مستصحبا قوله تعالى: "وادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" بتأسيس بيت الحب والود (جمعية المنار الاجتماعية) عام 1994م التي تتبع لاتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد"، وذلك لتعريف المجتمع الأوكراني بالثقافة والحضارة الإسلامية العريقة، ولتمكين الشباب المسلم من إحياء الشعائر والمناسبات الدينية، ولتثقيف وتعليم المسلمين المحليين بأمور دينهم وترسيخ الإيمان في قلوبهم.
واستمرت هذه الأعمال المباركة من خلال الندوات واللقاءات الأسبوعية والفصلية للشباب المسلم، وإقامة حفلات العيدين والزفاف واستقبال الطَّلاب الجدد، ثم تنظيم الرحلات الثقافية الترفيهية، مع تنظيم دروس تعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية لغير الناطقين بها.
ثم توجت جهودها وأثمرت أعمالها الطيبة بافتتاح المركز الإسلامي في أيار/مايو من عام 2005م.
انتبهت من شرودي على صوت:
- تفضل.. تفضل.. اشرب الشاي...
- شكرا بارك الله فيكم.
لقد دأب الشباب على عادة أصيلة، وهي تقديم الشاي مع الضيافة خلال الاستماع إلى المحاضرة، حتى يبقى ذهن المستمع على تواصل مع الأخ الملقي.
يا منار الهوى اطربي الأوتارا *** صوتك العذب لحنه لايجارى
في دمي صوتك المعطر يجري *** منك روحي قد أصبحت معطارا
تستحقين الود مني فهاكي *** أغـنياتي ولتـقبلي الأزهارا
سكبت لي ودادها في كؤوس *** ويل قلبي إن لم يكن شكارا
أوكرانيا برس
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022