أوكرانيا وتداعيات تأميم بنك "بريفات"

نسخة للطباعة2016.12.26
ليونيد بيرشيدسكي

يوم الأحد الماضي، أعلنت الحكومة الأوكرانية عن أن أحد البنوك الخاصة أصبح أضخم من أن يتمكن من تحمل أخطار فشله، وأنها تعتزم تأميمه، وسوف يتم تحميل خسائره بشكل أساسي على حساب دافعي الضرائب الأوكرانيين. وتعود ملكية الحصة الكبرى لأصول البنك للثريين الأوكرانيين «إيهور كولومويسكي» وشريكه «جينادي بوجوليوبوف»، وهو بنك «برايفيتبنك».

وليس من الواضح حتى الآن كيف سيتم تنفيذ عملية التأميم، لكن معلوم أن حملة الأسهم طلبوا من الحكومة وضع يدها على أصول البنك، وأن أوكرانيا سوف تطرح إصداراً أولياً من السندات بقيمة 13 مليار «ريفنيا» (العملة الأوكرانية)، أو ما يعادل 1.6 مليار دولار، من أجل إعادة تأمين السيولة اللازمة للبنك، وأن حملة سنداته المطروحة بعملة اليورو سوف يتم تعويضهم.

وتم إخطار «كولومويسكي» و«بوجوليوبوف» بضرورة الإسراع بإعادة جدولة الديون الضخمة للشركات التي يمتلكانها من أجل تسديدها لصالح البنك المذكور.

ويعدّ «برايفيتبنك» أضخم بنك في أوكرانيا من حيث حجم الأصول، وهو يستأثر بنحو 36% من مجمل الإيداعات المالية في أوكرانيا أو ما يقارب 5.9 مليار دولار، ويمتلك بنى تحتية واسعة من أسواق البيع بالتجزئة، بالإضافة لأضخم شبكة من أجهزة الدفع الآلي ATM، ويحتكر عمليات تحويل الأموال عبر الإنترنت والهواتف الذكية. وهو أحد أكثر بنوك أوروبا تطوراً من النواحي التكنولوجية.

ومنذ عام 2014، عمد البنك الوطني الأوكراني (البنك المركزي)، إلى إغلاق 82 بنكاً في إطار عملية شاملة لتطهير القطاع المالي، بطلب من الداعمين الماليين الأساسيين لأوكرانيا، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي.

ولم يكن بوسع الحكومة تطبيق مثل هذا الإجراء على «برايفيتبنك» من دون تعريض الاقتصاد الوطني لضرر بالغ، وفقاً لما قاله الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو الاثنين الماضي.

ويعتمد الوضع المالي والاقتصادي في أوكرانيا بشكل عام على حالة هذا البنك من حيث حجم نشاطاته ومدى تنظيمه. ولهذا فمن الصعب إخضاعه للمعايير التي تتطلبها عملية الإصلاح المالي.

وكما هي حال معظم المؤسسات المالية الأوكرانية، ما عدا فروع البنوك الأجنبية، فقد كان أصحابه يستخدمونه أساساً لتأمين المصادر المالية لشركاتهم الخاصة.

وقد أثبتت عملية استقصائية أجريت نهاية العام الماضي أن 19% من قروض «برايفيتبنك» قد مُنحت لشركات التجارة النفطية التي يحتكر «كولومويسكي» الجزء الأكبر منها.

ومنذ بداية العام الجاري، طلب البنك الوطني الأوكراني من أصحاب بنك «برايفيتبنك» إعادة تمويله برأس المال اللازم لتحقيق السيولة المطلوبة. ووافقوا على ذلك، لكن دون أن ينفذوا وعدهم.

وكان العمل الذي يقوم به هذا البنك أشبه بمكنسة كهربائية تعمل بمبدأ التنظيف بتفريغ الهواء، إذ كان يقوم بامتصاص الودائع المالية ليعيد تحويلها إلى الدولار واليورو، ثم يقوم بصبّ العملة الصعبة في حسابات إمبراطورية شركات كولومويسكي، وبطريقة تركت البنك في حالة قصور شديد من حيث حجم رأس المال الثابت.

وبأخذ السجل الفاشل لأصحاب القرار في البنك المذكور ومسؤوليتهم عما جرى، فقد كان سعي الحكومة لوضع حدّ لممارساته ضرورياً ولا يمكن تجنبه، خاصة لو أخذنا بعين الاعتبار تغير البيئة السياسية وافتقار أوكرانيا إلى الحلفاء في عهد الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي ترامب.

ونحن نلاحظ كيف أن كبار المتحمسين لدعم أوكرانيا قد رحلوا بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وخاصة منهم نائب الرئيس جو بايدن.

كما أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض يعني أنه لا يجوز منح المزيد من الأموال لمساعدة أوكرانيا.

وقد تواصل الحكومة الأوكرانية سعيها لاسترجاع القروض المسحوبة من البنك، بما قد يؤدي إلى كشف الغطاء الدافئ عن كولومويسكي. لكن أوكرانيا لم يسبق لها أن سجلت نجاحاً كبيراً في القضايا المرتبطة بمعالجة البؤر الفاسدة.

والآن، وبعد ثلاث سنوات من اندلاع الثورة، أصبح من الواضح أن أوكرانيا التي يقودها بوروشينكو، مثقلة بفاتورة ضخمة من العجز ورثته عن عقدين من الفساد، وبات من العسير أن تطلب من مواطنيها شد الأحزمة على البطون بحجة الإصلاح المؤلم والضروري.

ومع انطلاق الحملات الانتخابية عبر أوروبا ووصول إدارة ترامب غير المتعاطفة مع أوكرانيا إلى البيت الأبيض، فمن المحتمل أن يكون العام المقبل في أوكرانيا أكثر سوءاً من العام الحالي الذي يوشك على الرحيل.

المقال نشر عبر صحيفة الاتحاد بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022