بعد 71 سنة من الحادثة، و24 عاما من الاستقلال، ونحو سنة ونصف من "احتلال" روسيا للقرم، قرر البرلمان الأوكراني اعتبار مأساة تهجير التتار عن شبه الجزيرة "جريمة إبادة جماعية".
ردود فعل متباينة خلفها القرار الذي اتخذ قبل أيام قليلة، مواكبا ذكرى قرار "المجلس الأعلى السوفييتي" عام 1989، الذي برأ التتار من تهمة "الخيانة"، واعتبر أن قرار تهجيرهم عن أرضهم كان "خاطئا"، وسمح لهم بالعودة بالعودة إلى وطنهم الأم، ولكن دون إرجاع حقوقهم المغتصبة، من بيوت وأراض وممتلكات.
وكان نظام الزعيم السوفييتي ستالين قد هجر جميع التتار قسرا عن القرم في 18 مايو من عام 1944، بدعوى الخيانة خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك إلى دول آسيا الوسطى وسيبيريا.
التهجير تم في عربات قطارات مخصصة للحيوانات، وأدى مصرع ثلث شعب التتار بسبب البرد والجوع وانتشار الأمراض، إضافة إلى فقدان وتشتت الكثير من الأسر خلال الرحلة.
فهم التاريخ
رفعت تشوباروف رئيس مجلس شعب تتار القرم، وهو أحد المطلوبين من قبل السلطات الروسية الحاكمة الآن في روسيا، قال إن "إقرار "الإبادة" من قبل البرلمان دليل على فهم مشترك لتاريخ وصل إليه الأوكرانيون معا".
وفي هذا الصدد لفت المسؤول، وهو نائب برلماني أوكراني أيضا، إلى أن مشروع القرار تم تقديمه قبل 10 أعوام للمصادقة، لكن رفضه تكرر بسبب اختلاف هذا "الفهم"، مشيرا إلى أن الأنظمة السابقة ونوابها لم يريدوا تمرير قرار كهذا، وخاصة الموالون لروسيا منهم.
ورأى تشوباروف أن اعتراف أوكرانيا بإبادة التتار "واجب أخلاقي"، يأتي في وقت يعاني منه التتار محنة الاحتلال، و"الأهم بعد هذا الوعي والفهم المشترك هو العمل معا لتحقيق مستقبل مشترك، ومنع تكرار مثل هذه الكوارث.
غزل سياسي
قرار الاعتراف بالإبادة حمل اصداء إيجابية في كييف، لكنه قوبل بصمت في القرم نفسه، إلا من خلال تعليقات شباب ومسؤولون تتار مقتضبة خشية الملاحقة من قبل السلطات هناك على يبدو، قللت بمجملها من شأن هذا الاعتراف رغم أنه كان مطلبا قوميا.
تحدثنا حول هذا الشأن مع المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية أندريه بوزاروف، فقال: "القرار الأوكراني أشبه بالغزل السياسي، لأن أوكرانيا لن تستطيع تقديم شيء للتتار بعده، وهي أصلا لم تفعل شيئا لاستعادة القرم، ولا أعتقد أن تفعل ذلك قريبا".
وأشار في هذا الصدد أيضا إلى أن أوكرانيا رفضت مرارا الاعتراف بالتتار "كسكان أصليين"، أما اعترافها اليوم فهو أقل القليل الذي يمكن أن تقدمه، دون أي شيء يليه.
ورأى بوزاروف أن "اعتراف دول العالم ومنظمة الأمم المتحدة هو ما سينفع التتار كأقلية عرقية اضطهدت، وسيجبر دولا كروسيا على تعويضهم، لكن اعترافها المفرد لن يعوضهم، ولن يعيد لهم شيئا من حقوقهم".
يذكر أن تتار القرم مسلمون يشكلون نحو 20% من إجمالي عدد سكان القرم البالغ حاليا نحو 2.5 مليون نسمة، وهم من أشد الرافضين لضم القرم إلى روسيا.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022