تداعيات احتلال القرم.. نزاع على المياه بين موسكو وكييف

نسخة للطباعة2021.08.09

تتفاقم أزمة شح المياه في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا إلى أراضيها، لترد كييف ببناء سد على قناة تقع شمالها، ما أدى إلى قطع 90% من الإمدادات العذبة، واستنزاف موسكو ماليا.

يرصد الناشط الروسي، فاليري بودياتشي، مؤسس جبهة "سيفاستوبول - القرم - روسيا" الداعمة لانضمام شبه الجزيرة إلى موسكو، مشاكل عدم توفر المياه بالعاصمة سيمفروبول (عاصمة جمهورية القرم)، ويعتبر أن هذا قد يؤدي إلى تصعيد عسكري روسي أوكراني.

مدير المركز الأوكراني للتحليل وإدارة السياسات، رسلان بورتنيك، يرى أن "الأمر تحول إلى قضية أمن وسلام" بين البلدين.

وتعود أزمة المياه في القرم، إلى الجفاف الذي تشهده المنطقة، وتهالك شبكات نقل الإمدادات العذبة، كما يوضح ألكسندر لييف وزير المنتجعات والسياحة في جمهورية القرم ذاتية الحكم كما كانت تعرف قبل الضم.

بلغت تكلفة دعم شبه جزيرة القرم 1.5 تريليون روبل روسي في السنوات الخمس الأولى للضم، وتتصدر الجمهورية البالغ عدد سكانها 1.9 مليون نسمة، الأقاليم الجنوبية في الدعم الفيدرالي، متفوقة حتى على جمهوريتي الشيشان وداغستان الواقعتين في شمال القوقاز، بحسب البيانات الحكومية الروسية.

ويتبين من نص قانون ميزانية القرم لعام 2021، أن الدعم الفيدرالي يبلغ 104 مليارات روبل (حوالي 1.4 مليار دولار وفقا لسعر الصرف الحالي)، ما يشكل 68% من إجمالي ميزانية الإقليم، مقابل 32% فقط عوائد ضريبية.

وتجاوزت خسائر قطاع التصنيع الزراعي في شبه الجزيرة بعد إغلاق أوكرانيا قناة شمال القرم المتفرعة من نهر دنيبر، 200 مليار روبل (حوالي 2.7 مليار دولار)، وفق التقديرات الأولية الصادرة في أبريل الماضي، عن وزارة الزراعة في جمهورية القرم، والتي تقلصت الأراضي الصالحة للزراعة بها من 130 ألف هكتار في عام 2013، إلى 14 ألف هكتار في عام 2017.

ويشير لييف إلى مشكلة تهالك شبكات المياه في القرم، قائلا: "تفقد مدينة سيمفروبول اليوم نحو 60 في المائة من المياه في شبكاتها. وفي حال إجراء الصيانة لشبكات المدينة، فإن استهلاكها من المياه سيتراجع بمقدار الضعف".

واتخذت السلطات الروسية مجموعة من الخطوات لتخفيف مشكلة نقص المياه في القرم، كما يقول رئيس تحرير موقع "بوليت نافيغاتور" الإخباري الروسي المتخصص في الشؤون الأوكرانية والروسية، سيرغي ستيبانوف، مقرا في الوقت نفسه بوجود مخاطر تفاقم الأزمة أثناء الموسم السياحي، وهو وضع تروج له الدعاية الأوكرانية لإغضاب السكان المحليين، وفق اعتقاده.

ويقول ستيبانوف: "حل العسكريون المشكلة في سيفاستوبول عن طريق بناء منشآت تقنومائية لحجز مياه نهر بيلبيك الواقع في القرم والتي كانت تصب في البحر. وحتى الآن يحل هذا المشكلة الرئيسية لتشغيل قاعدة أسطول البحر الأسود إذ يتم حجز مياه النهر لتشغيل الأسطول الروسي وتزويد العسكريين بالمياه العذبة، ولم تحدث في المدينة حالات انقطاع المياه على عكس باقي مناطق القرم. إلا أن سيفاستوبول تأتي اليوم بين المدن الروسية الرائدة من جهة وتيرة زيادة السكان، ولذلك قد تتجدد المشكلة قريبا مرة أخرى".

وتظهر بيانات هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" أن سيفاستوبول تصدرت أقاليم روسيا من جهة الزيادة السكانية التي بلغت نسبتها 16.8 في المائة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليبلغ عدد سكان المدينة 510 آلاف نسمة بحلول بداية العام الجاري. 

وحول خيارات حل مشكلة المياه في باقي مناطق القرم، يضيف: "يجري النظر في إمكانية حفر الآبار والبحث عن احتياطات المياه العذبة تحت قاع بحر آزوف وبناء محطة التحلية".

ومع ذلك، لا يعفي ستيبانوف السلطات المحلية من المسؤولية عما وصلت إليه مشكلة نقص المياه، قائلا: "لم يتم إخضاع شبكات المياه للصيانة اللازمة، ولذلك يتم إهدار نحو 30 في المائة من المياه في الأنابيب المتهالكة التي لم يتم استبدالها منذ حقبة الاتحاد السوفييتي.

بالإضافة إلى ذلك، يسفر ذوبان الثلوج بجبال جنوب القرم عن صب مياه العديد من الأنهار الصغيرة في البحر، بينما كان يمكن استخدامها لإمدادات المياه".

ويقر الخبير الأوكراني بعدم فاعلية سياسات كييف تجاه القرم، مضيفا: "أعتقد أن سياسات أوكرانيا تجاه مياه القرم، وقبلها الكهرباء، ليست فعالة. أدى منع تدفق المياه إلى القرم إلى تدهور موقف سكان شبه الجزيرة باتجاه أوكرانيا ويقلل من وجود كييف في الجمهورية، وهذه مشكلة كبيرة ناتجة عن السياسة غير العقلانية".

وحول رؤيته للسياسة الأوكرانية الصائبة تجاه القرم، يتابع: "يجب بيع المياه للقرم حتى تحقق أوكرانيا أرباحا تخصصها لدعم شعب تتار القرم والقوات المسلحة الأوكرانية وتحفيز الوجود الاقتصادي الأوكراني في القرم التي لن تستعيد كييف نفوذها فيها إلا عن طريقه، ومن دونه، فإن عودة القرم إلى أوكرانيا أمر غير واقعي".

ويعتبر أنه يتعين على كييف "استبدال سياسة الشعبوية بالعقلانية، لأن بيع المياه للقرم لا يعني اعترافا بأنها روسية، بل تقديم أوكرانيا على أنها حامية السكان، وتحل مشكلاتهم".

ويخلص إلى أن مثل هذه السياسة كانت ستتيح لأوكرانيا "فرض شروط على روسيا من جهة السماح بعمل وسائل الإعلام الأوكرانية، والمفوض الأوكراني لحقوق الإنسان، وإيفاد بعثات المراقبة، وتعزيز مكانة أوكرانيا في القرم، لخلق ظروف تسهل عودتها في المستقبل إلى الوطن الأم.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

صحيفة "الأنباء" الكويتية

العلامات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022