كما كان الحال مع الإمارات والبحرين والسودان، إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل هي صفقة على أعلى مستوى سياسي بين نخب دول ثلاث (المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة).
والحديث هنا لا يدور إطلاقا حول مسألة المصالحة بين الشعوب. فوفقا للدراسات الاجتماعية، 4% فقط من المغاربة يؤيدون فكرة التقارب مع إسرائيل و 88% يعارضونها، وذلك بسبب القضية الفلسطينية وصورة إسرائيل السلبية في المنطقة.
أقام المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وسيفتتح سفارته في تل أبيب، وسيسعى في المستقبل إلى توسيع العلاقات مع الإسرائيليين، مانحا بذلك دونالد ترامب فرصة أخرى لتعزيز صورته كـ "صانع للسلام" و"وسيط" و"مختلف عن أوباما" و"أفضل رئيس في التاريخ"، ليظهر على هذه الخلفية أفضل من بايدن.
بالمقابل، اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الأراضي المتنازع عليها في الصحراء الغربية (هذا أول اعتراف رسمي من نوعه في العالم، إذ لم يعترف أحد بالصحراء أرضا مغربية)؛ علاوة على أنها سوف تبيعها أسلحة بمليار دولار، وسوف تسهل الاستثمار في المملكة وسوف تعزز نفوذ الرباط في المنطقة.
حصلت إسرائيل على دولة عربية أخرى، يمكنها أن تطور معها العلاقات بشكل كامل (في الواقع، لقد طورت هذه العلاقات مع المغرب سرا منذ عقود) ما يعزز فرص نتنياهو الانتخابية.
واضح لما المغرب وافق على هذه الشروط، فهو لن يخسر شيئا، في حين قد لا يصدر عن الولايات المتحدة مثل هذا العرض مرة أخرى.
ستدخل قريبا الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض، لذا كان من الضروري القفز في عربة القطار المغادر.
أما قضية الصحراء الغربية بالنسبة للرباط، فكانت على مدى ثلاثين عاما ماضية أساسا لسياستها الخارجية وهويتها الوطنية.
إن دعم الولايات المتحدة قد يعزز نفوذها في هذه المنطقة ويطلق العنان للخلافات مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
أما كون الاعتراف الأحادي الجانب بهذه الأرض مخالفا للقانون الدولي، فهو ليس مشكلة، لا المغرب ولا الولايات المتحدة الأميركية.
إسرائيل أيضا لم تخسر شيئا، بل على العكس عززت موقفها من أنها "تستطيع تطبيع العلاقات دون تقديم أي تنازلات عن الأرض في القضية الفلسطينية"، وهذا ما أثبتته الإمارات والبحرين والسودان بالفعل من خلال عقد الصفقات المماثلة لصفقة المغرب.
تبين الأحداث حول المغرب والصحراء الغربية أن دور القانون الدولي في النظام العالمي آخذ في الانحسار، وأن قانون القوة يصير أولوية، بالإضافة إلى المصالح الوطنية والتجارية الضيقة. لذا إدارة ترامب المشرفة على الرحيل مستعجلة لاتخاذ عدد من القرارات الهامة للرئيس شخصيا قبل يناير، ودخول جو بايدن البيت الأبيض.
ملاحظة: سيكون من المثير مراقبة رد فعل "حزب العدالة والتنمية" على الاتفاق مع إسرائيل، وهو أكبر حزب في البرلمان المغربي، المقرّب أيديولوجيا وسياسيا من "الإخوان المسلمين" وتركيا.
لقد أعرب في وقت سابق رئيس البرلمان وزعيم الحزب عن عدم اعترافهم باتفاق "تطبيع" العلاقات مع إسرائيل. وإن اضطروا لفعل ذلك، سيسبب هذا انقساما داخل "الإخوان".
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
أوكرانيا برس - وسائل التواصل الاجتماعي
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022