أوكرانيا وصندوق النقد.. الموتى "قادرون على ألا يأكلوا"

نسخة للطباعة2020.06.12

أولكسندر كرامارينكو -  رئيس تحرير مجلتي "دينغي" و"كوريسبوندينت"

كتبت مجلة "دينغي": حصلت أوكرانيا على موافقة صندوق النقد الدولي من خلال مذكرة التفاهم على برنامج ستاند باي، وسيكون بمقدور مجلس الوزراء الآن أن يقول بعيون صادقة "أن الكبير  لم يأمر" بإصلاحات أكثر جذرية.

على هذا الحبل الرفيع سيعلق سعر صرف الهريفنيا والأسعار، وعموما فرصة القيام بشيء ما هنا والآن.

مثلما توجد عند الجنرالات عادة الاستعداد للحروب المنتهية، هكذا اعتادت الحكومات والمصارف المركزية على علاج أية أزمة جديدة بالأدوية القديمة.

هذا يتكرر الآن. رؤساء المصارف المركزية في أوروبا وأمريكا واليابان والصين والهند يضخون المال بنشاط في الاقتصاد. إن لم يكن على حساب دعم الميزانية المباشر، فعلى الأقل، على حساب الائتمان الواسع لإعادة تشغيل الاقتصاد الذي فرض عليه الإغلاق الشامل.

الأمر مختلف في أوكرانيا. راقبوا الأيدي الخفيفة، وماذا يفعل المصرف المركزي الأوكراني. المصرف الوطني الأوكراني لم يغير شروط تقييم مخاطر الائتمان للبنوك.

- المصرف الوطني الأوكراني لا يقدم للبنوك الموارد بسعر عند مستوى معدلات التضخم المتوقعة، وإنما أغلى بمرة ونصف.

- المصرف الوطني الأوكراني يحد ضمانات إعادة التمويل حصرا بالسندات الحكومية. أي أن البنوك لا تستطيع فعليا جذب موارد المصرف الوطني الأوكراني لتمويل قطاع الأعمال.

- لا تزال وزارة المالية تعمل كالعادة على تكنيس السوق، طارحة السندات الحكومية بالهريفنيا بنسبة سنوية تتراوح بين  9 و10%، هذا يعني أنه من غير المناسب للبنوك إقراض الشركات بنسبة تقل عن 15%، وهذا أمر مكلف من حيث المبدأ ولا يمكن تحمله الآن.

- المصرف الوطني الأوكراني طرح في نهاية شهر أيار/مايو حبة الكرز ليزين كعكة العيد، من خلال إجراء غير مناسب إطلاقا لمراقبة البنوك ماليا، ما يضيق ببساطة وصول الشركات والمواطنين على حد سواء إلى الخدمات المالية.

- مدى ضعف انطلاقة برنامج "5-7-9"، لم يكن بسبب البنوك، وإنما فقط نتيجة لتأثير السياسة النقدية والإشرافية للمصرف الوطني الأوكراني.

و الآن حول مساهمة مجلس الوزراء في إعادة إطلاق الاقتصاد الأوكراني:

- البرنامج الجديد رائع من حيث نواياه، و لكن لماذا لم يجمدوا قبل اعتماده الكثير من القوانين التي تزيد من الضغط المالي؟. 

أجبر القانون 466 ممثلي صناعة تكنولوجيا المعلومات بما فيهم أصحاب المشاريع الناشئة على العودة إلى فكرة مغادرة البلاد، بعد أن أطلق في ظل الأزمة تحديدا أقسى نظام للرقابة المالية الذي يتجاوز بصرامته وشروطه تلك المعتمدة عند الشركاء الغربيين و المتعارض مع الفكر السليم؛

- نرى في سياسة الحكومة تركيزا واضحا على الحفاظ على المبادئ المالية، وبالتالي على السياسة الضريبية السابقة للحرب. عندما يقول وزير المالية في برنامج حواري إنه لا يجب حتى الدخول في مفاوضات مع المقرضين الدوليين الخاصين، لأن "أوكرانيا قادرة على أن تدفع"، تظهر رغبة في وخذه بالعصا، للتأكد من أنه حي يرزق، وأنه ما يزال معنا؟.

يظهر الانخفاض في إجمالي الناتج المحلي بين نيسان/أبريل وأيار/مايو نسبة تتراوح بين 12 و15%. تراجعت عائدات ميزانية الدولة في أيار/مايو بنسبة 30% مقارنة بنفس الشهر من عام 2019. 

وبلغ الانخفاض في نيسان/أبريل حوالي 7%، حيث أن الجمود بدء في الأشهر التي سبقت الحجر الصحي. بالإضافة إلى المدفوعات للدائنين الخارجيين والتكاليف الإضافية المتعلقة بالجائحة وعدم تنفيذ الحكومة التزاماتها بدعم المزارع الأسرية و قطاع الأعمال. هل هذا يسمى "قادرة على أن تدفع"؟. ما دام الأمر كذلك، فالموتى "قادرون على ألا يأكلوا".

الخبر الجيد الوحيد في كل هذا هو أن المذكرة الموقعة مع صندوق النقد الدولي هذه المرة لا تحتوي على متطلبات واضحة وشروط صارمة لخنق الشركات الصغيرة وزيادة الضرائب. مع أنه لو نظرنا بشكل أدق، يمكن توقع أي شيء...

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022