أسعار صرف العملات.. ماذا سيحدث للهريفنيا الأوكرانية؟

نسخة للطباعة2020.05.05

أولكسندر أوخريمينكو – محلل اقتصادي

الوضع في سوق صرف العملات في أوكرانيا يرضي الأوكرانيين ويزعج المضاربين على العملة. ذعر العملة الذي حدث في آذار/مارس صار في طيات التاريخ لنشهد اليوم تراجعا بطيئا للهريفنيا.

بدأ المصرف الوطني الأوكراني يشتري الدولار في السوق المصرفية بسعر يقل عن 27 هريفنيا للدولار الواحد. ويلاحظ أن سعر صرف الدولار مقابل الهريفنيا علق بكل بساطة عند هذا المستوى، حتى أن سعره في محلات الصرافة نادرا ما يتغير، إذ ليس هناك طلب ولا نشاط كبير، وحجم مبيعات العملات الصعبة في السوق المصرفية أقل فعلا مما كان عليه في آذار/مارس.

كما وانخفض طلب المستوردين على العملات الأجنبية بعد انخفاض الطلب على السلع المستوردة. كان مستوردو البنزين سابقا  يشترون الكثير من العملة الصعبة، ولكن مبيعاته انخفضت الآن وانخفضت أسعاره، وبالنتيجة، لم تعد هناك حاجة إلى شراء الكثير من العملات الصعبة. 

من الممكن أن يستمر تدني الطلب على الواردات طوال هذا العام، وبالتالي لن يستعجل المستوردون شراء السلع. 

سيكون من الجيد إذا تخطت صادرات أوكرانيا في عام 2020 وارداتها، غير أن هذا غير مرجح. واردات أوكرانيا تنخفض بالفعل، وهذا أمر منطقي، ولكن يرجح أن تنخفض الصادرات أيضا. 

إذا كانت المنتجات الغذائية الأوكرانية ما تزال تحظى بطلب جيد في السوق العالمية، فإن مبيعات المعادن تتراجع، كما وانخفضت مبيعات خام الحديد، هذا إذا لم نتحدث عن انخفاض مبيعات المعدات الأوكرانية. 

بالتالي، هناك خطر من انخفاض حجم الصادرات الأوكرانية بالنتيجة الإجمالية للعام الحالي. لذا، حتى انخفاض حجم الواردات سيؤدي رغم كل شيء إلى عجز في ميزان التجارة الخارجية. هذا يعني أنه ستكون هناك حاجة أكبر إلى العملات الصعبة لشراء السلع المستوردة اللازمة.

غطي العجز في ميزان التجارة الخارجية سابقا بأموال العمالة الخارجية، ولكن تدفق العملات الأجنبية من العمال في الخارج سيصبح الآن أقل، ما يعني أن تغطية العجز في ميزان التجارة الخارجية ستصبح صعبة أكثر.  

هذه هي جميع العمليات التي ستحدث خلال العام الحالي. في هذا الوقت، أصبح المال الموجود بين أيدي السكان أقل، وبالتالي لا يهرعون لشراء الدولار، بل سيبيعون قريبا دولارات أكثر مما سيشترون، وهذا سيؤثر أيضا على سوق صرف العملات، وسيدفعه للتباطؤ أكثر، وسيجعله ميالا أكثر لرفع قيمة العملة المحلية من خفضها. 

ولكن، يطرح هنا سؤال عما إذا كان هناك خطر من انخفاض قيمة العملة في المستقبل. ستحتاج الحكومة الأوكرانية في أيار/مايو 2020 إلى تسديد سندات اليورو بقيمة مليار دولار، وستحتاج أيضا في منتصف الصيف إلى تسديد مثل هذه السندات بقيمة 1.4 مليار دولار، ما قد يضطر وزارة المالية إلى اللجوء للسوق المصرفية لشراء العملات الأجنبية. 

بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج وزارة المالية في الربع الثاني إلى دفع فائدة الديون الخارجية، البالغة قيمتها حوالي 170 مليون دولار، وفي الربع الثالث لدفع 470 مليون دولار. 

قد تؤدي هذه المدفوعات إلى خفض قيمة الهريفنيا، ولكن على المدى القصير، حيث فور قيام وزارة المالية بتسوية ديونها، ستعود قيمة الهريفنيا للصعود من جديد.

تبقى هناك مشكلة أخرى، رغم أنها ليست بالكبيرة، والمسماة بتسديد السندات الحكومية بالهريفنيا التي يحتفظ بها غير المقيمين. سيرغب غير المقيمين، على الأرجح،  في شراء العملات الصعبة وليس في شراء سندات حكومية جديدة. 

رغم ذلك، هناك احتمال لإعادة الاستثمار، إلا أن خطر شراء العملات الصعبة بالهريفنيا، التي سيحصلون عليها، يبقى مخيما. 

مهما يكن، لقد اشترى غير المقيمين في أبريل/نيسان العملات الصعبة على حساب مدفوعات السندات الحكومية التي سددت واسترجعت، ومع ذلك لم يتجاوز حجم العملات الصعبة التي اشتريت 330 مليون دولار خلال شهر. 

ولكن ماذا سيحدث لاحقا؟. في الربع الثاني من عام 2020، سيحصل غير المقيمين على الهريفنيا المدفوعة من سداد السندات الحكومية بقيمة إجمالية تصل إلى 320 مليون دولار، وفي الربع الثالث من عام 2020 سيصل المبلغ إلى حوالي 500 مليون دولار. ليس بالمبلغ الكبير، ولكن رغم ذلك يمكنه أن يؤثر على خفض قيمة الهريفنيا.

التوقعات بسيطة للغاية. سيتوقف الأمر في المستقبل القريب على المصدر الذي ستحصل منه وزارة المالية على مليار دولار لتسديد سندات اليورو. فإذا فعلت ذلك عن طريق طرح سندات جديدة، ستحافظ الهريفنيا على مستواها عند 27 مقابل الدولار الأمريكي الواحد. 

أما إذا سعت الوزارة  لشراء العملة الصعبة في السوق المصرفية، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض مؤقت في سعر صرف الهريفنيا مقابل الدولار إلى 28، ومن المرجح بعد ذلك أن تعود للتعافي من جديد وتستعيد قيمتها. 

هكذا هي الأمور بكل بساطة...

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022