في أوكرانيا .. أين جالياتنا من قضايا عالمنا؟

نسخة للطباعة2011.04.05

محمد صفوان جولاق - رئيس التحرير

يلفت الانتباه ويشرف تفاعل الجاليات العربية والإسلامية في العديد من الدول الأوروبية والولايات الأمريكية وغيرها مع كبريات أحداث عالمنا العربي والإسلامي، فتخرج تعبيرا عن ارتباطها وانتمائها للأمة والأوطان.

بل وقد يكون هذا التفاعل أكثر وأصعب من مجرد الخروج والتعبير، فقد يتخلله سفر مكلف طويل، وهذا ما يحدث على سبيل المثال لا الحصر في الولايات المتحدة، وفي جميع حملات المساعدات الإغاثية.

أما هنا، في أوكرانيا، فالوضع مختلف، وصدق أحد الأصدقاء عندما قال لي أثناء فعالية ثقافية أقيمت متميزة بضعف الحضور العربي: "لو كانت الدعوة لوليمة لكان الحضور أبرز وأكبر".

هنا – للأسف الشديد – تجتمع الجاليات بغزارة على أي مناسبة يتخللها حمل ثم وضع ثم إفراغ للمناسف والصحون، وهي اجتماعات ترتدي ثوب النفاق غالبا، فعين على الداعي وابتسامة، وعين على الطعام وسيلان لعاب.

هنا قد يجلس بعض المدعوين إلى الداعين، فيحلفون الأيمان أنهم مرضى، ومشغولون، ومتعبون، ولولا "الغلاوة" و"الواجب" و"عظيم شأن الداعي" لما حضروا، معترفين لفخامته بالتقصير.

هنا تنظم الأحزاب الشيوعية أو أية جهات أوكرانية أخرى قبل غيرها التجمعات المؤيدة لقضايانا، إلا فيما ندر، فماذا سيصبح حالنا بعد انقراض هذا الحزب، وضعف اهتمام غيره؟.

آخر التجمعات التي حضرتها نظم أمام السفارة الإسرائيلية بعد الاعتداء على سفينة "مرمرة" التركية، وكان بعض العرب يمرون بسياراتهم (لاستكشاف الوضع)، ثم النزول إذا كان العرب كثرا، وهكذا استمر الحال حتى كان معظم العرب مستكشفين فقط.

وقبل ذلك حضرت الكثير من التجمعات، التي تبدأ بالهتافات نصرة للعراق أو فلسطين أو لبنان، وتنتهي بهتافات تمجيد فلان أو أبو فلان.

هنا، يا سادة، يخاف أبناء الجاليات من أعين السفارات، ومن عناصر المخابرات، التي تمد سطوة النظم والحكومات إلى رعاياها أينما وجدوا وحلوا، حتى لا تكون حياتهم بعيدة عن واقع الحياة الأصل.

وهنا، يا سادة، لا تعبر – للأسف الشديد – الجاليات عن مشاعر وضمير وتطلعات شعوبها في الأوطان، فكيف لها ذلك بالله عليكم، إن كانت انتخاباتها غالبا مزورة، أو شكلية متفق عليها!.

أحزن عندما أرى أن غالبية ترى تفاعل الجاليات في أوكرانيا ضعيفا مع قضايا الأمة – وفق استطلاع للرأي أجريناه على الموقع، فلماذا هذا الصمت المذل غير المبرر؟.

تاجر بسيط يقدم طلبا ويأخذ قبل أسابيع موافقة إقامة تجمع سلمي في مدينة دونيتسك شرق البلاد، للتعبير عن رفض المجازر بحق المدنيين في ليبيا، ويحشد لذلك عشرات الطلاب، الذين رأوا في المشاركة أقل الواجب.

وقبل ذلك يخرج طالب بمفرده إلى ساحة لينين في مدينة خاركوف، حاملا علمين مصريين، تعبيرا عن رفضه لاعتداء قوات الأمن المصرية على المتظاهرين قبل انتصارهم.

أين الجاليات في كييف وغيرها من المدن؟، أين رؤساؤها وكبار تجارها وطلبتها، وهم بالآلاف أو أكثر من ذلك؟، أين صوتهم الرافض للقتل والعنف القائمين في عالمنا العربي والإسلامي؟.

هل من الضروري أن يهتف ضد قائد أو رئيس أو غيرهم؟، لا، ومن قال إن ذلك شرط رئيس وهام.

إن الأهم هو النصرة والمؤازرة، من خلال التعبير (سلميا وبعد موافقة حكومية) عن مشاركة آلام ودعم من نرتبط معهم بالدم واللغة والأرض والدين والمصالح والإنسانية، وإن معنويا، وإلا فأين "الغلاوة" و"الواجب" و"عظيم شأن" أولئك عندنا؟.

دعاء أوجهه إلى جميع الشخصيات في الجاليات والمؤسسات والمراكز العربية والإسلامية في أوكرانيا، إلى عموم العرب من طلاب وتجار وغيرهم فيها، إلى كل صاحب نخوة وشرف يأبى إلا أن يقول للظلم، للعنف، للقتل، للترويع: "لا" ...

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

التعليقات:

(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022