في الوقت الذي تتجه فيه أوكرانيا نحو إعلان فولوديمير زيلينسكي رئيسا لها، تتجه أيضا نحو الدخول في المجهول، الذي يخبئه المستقبل لبلاد بات يرأسها ويقود دفة سياستها "فنان استعراضي كوميدي".
المجهول لا يقتصر على شخص زيلينسكي، بل ينبع من كل المعطيات والتداعيات التي خلقها ترشحه وفوزه بكرسي الرئاسة، فقد ضرب أحلام كبار السياسيين في مقتل، متعهدا بإقصائهم جميعا عن المشهد، ودخل معتركا جديدا صعبا، لا يعرف -حتى الآن- من سيقف إلى جانبه فيه.
الحديث هنا عن الخبرة السياسية التي يفتقدها زيلينسكي، وعن فريق إدارته المجهول، وعن قدرته الحقيقة على إدارة شؤون البلاد محليا ودوليا، في ظل "ممانعة" داخلية متوقعة، إن صح التعبير.
عقدة البرلمان
يرى مراقبون أن البرلمان بمكوناته الحالية سيكون من أبرز التحديات أمام زيلينسكي، وإن كانت الانتخابات البرلمانية المقبلة مقررة في شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
حتى ذلك الحين، سيكون زيلينسكي مضطرا للتعامل مع نواب يكنون له كل حقد، كما يقول الرئيس الأوكراني السابق ليونيد كرافتشوك، في إشارة إلى شعبيته التي سحقت جميع زعماء الأحزاب في الانتخابات.
وحتى ذلك الحين أيضا، لن يستطيع زيلينسكي فعل الكثير، وهذا قد ينعكس سلبا على إمكانية حصوله على "أغلبية" برلمانية، لأن العامة يستعجلون النتائج، وبغض النظر عن وجود الآليات أو عدمه.
قناة 112 الأوكرانية كشفت عن دراسة، بينت أن زيلينسكي لن يستطيع الحصول منفردا على أغلبية برلمانية بعد 5 أشهر، وسيضطر حزبه "خادم الشعب" للتعامل والتحالف مع آخرين يرفضهم حاليا.
الموالاة والتبعية
والأكيد أيضا أن الأيام القادمة ستكشف طبيعة "الموالاة والتبعية" بالنسبة لزيلينسكي، لاسيما وأنها كانت تهما استندت إلى أدلة خلال الأيام الماضية.
استهزأ الفائز مرارا بتهم وإشاعات الموالاة لروسيا، والتبعية لرجل الأعمال إيهور كولومويسكي الذي "موّل" حملته كما قيل، بل وأكد أن كولومويسكي وأعوانه لن يكونوا في السلطة، وأنهم سيكونون تحت سلطة القانون كغيرهم.
لكن الأخير جاهر مرارا بدعم زيلينسكي، وأكدت أن نجاحه سيكون أو خطوة على طريق استعادة أملاكه التي أممتها الدولة، وعلى رأسها بنك "بريفات بانك".
الاستراتيجية الخارجية
ويترقب الأوكرانيون والعالم التعرف على حقيقة "ميول" زيلينسكي الخارجية، خاصة وأنه أعلن عزمه التفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب واستعادة الأرض، مع التمسك بالخيار الأوروبي لبلاده.
على عكس بوروشينكو، زيلينسكي مرحب به للحوار في موسكو، ومرحب به كرئيس انتخب ديمقراطيا في الغرب.
وهنا يشير ممثل أوكرانيا في البرلمان الأوروبي إلى أن الزيارة الخارجية الأولى التي سيجريها زيلينسكي ستحمل "إشارة استراتيجية"، برأيه، خاصة وأن الرئيس الفرنسي أول من هنأه ودعاه.
ويرى مراقبون أن روسيا لم تفرح بفوز زيلينسكي، لكنه بالنسبة لها كان "أفضل الخيارات السيئة"، وقامت مؤخرا بعدة خطوات تريد منها ضمان أن يأتي إليها سعيا، على رأسها قرار وقف صادرات النفط وغيره إلى أوكرانيا.
يبدو أن المرحلة القادمة في أوكرانيا لن تخلوا من اضطرابات، و"العداء" الحزبي لزيلينسكي قد يضعه أمام تحديات جمة، وأمام "دولة عميقة" لا تريد له نجاحا برلمانيا.
هذا بالإضافة إلى أن سياسة الفائز الخارجية لا تزال خفية، ويصعب التكهن بالشكل الذي ستكون عليه.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022