على أعصابها تقف أوكرانيا، وحرب أعصاب تدور بين أبرز المرشحين لرئاستها في انتخابات الـ31 من شهر آذار/مارس الجاري.
حرب تعكسها حالة استقطاب غير مسبوقة، وكشف لـ"فضائح" وتبادل لاتهامات، يصل بعضها حد التخوين والعمالة، وينعكس كل ذلك شتما وسخرية وحسرة في الشارع ومواقع التواصل.
فانتخابات الرئاسة في 2019 -بحسب تصريح إيهور كوهوت رئيس مركز "المبادرات الديمقراطية" للجزيرة نت- تأتي بعد 5 سنوات من حرب سياسية واقتصادية وعسكرية مع روسيا، ومساع لكسب تحالفات وإيجاد مخارج لجميع الأزمات التي سببتها تلك الحرب.
استطلاعات الرأي
وبحسب كوهوت أيضا، تؤثر حالة الاستقطاب بين المرشحين على نتائج استطلاعات الرأي، في وقت يصعب فيه القول إن هذا المركز أو ذاك محايد، ولا يتبع لجهة أو شخص معين، أو يتلقى دعما منه لتغيير النتائج.
ولعل النتائج الوسطية لأبرز وأشهر مراكز الدراسات الأوكرانية (رازومكوفا - مجموعة "الاستطلاع" - المبادرات الديمقراطية - المعهد الدولي للدراسات الاجتماعية)، تشير إلى أرقام أقرب إلى الواقعية.
وهنا تبرز المفاجئة، فالمرشح فولوديمير زيلينسكي يتصدر هذه النتائج بنسبة تتجاوز 22% من أصوات المستطلعة آراؤهم، وهو الممثل الكوميدي الداخل إلى عالم وأروقة السياسة بقوة، كما يبدو.
ويكاد أن يكون الصراع على المركز الثاني متكافئا بين الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو وزعيمة حزب الوطن يوليا تيموشينكو، بنسبة تتأرجح لصالح الأول أو الثانية بين 16 و18% تقريبا.
ويتناوب على المركزين الرابع والخامس كل من وزير الدفاع السابق أناتولي هريتسينكو ويوري بويكو زعيم حزب "الكتلة المعارضة" المحسوب على النظام السابق الموالي لروسيا، بنسبة تقارب 10%.
فولوديمير زيلينسكي
المرشح "المفاجئة" زيلينسكي يخوض الانتخابات تحت شعار "خادم الشعب"، وهم كذلك اسم فيلم ومسلسل تلفزيوني كوميدي شهير عرض في أوكرانيا وعدة دول أخرى، كان فيه البطل الذي تحول من مواطن عادي إلى رئيس لأوكرانيا.
كان من المتوقع بعد الفيلم والمسلسل أن يرشح زيلينسكي نفسه، وهو الآن يتعهد في برنامجه الانتخابي بتعزيز سلطة وصلاحية الشعب، من خلال استفتاءات حول مختلف القضايا المصيرية، وكذلك بتعزيز قيمة الإنسان، وتكريس الإصلاحات لخدمته أيا كان، لا لخدمة بعض عائلات تمثل كبار الأثرياء.
كما يتعهد زيلينسكي بتحقيق العدالة والمساواة والأمن والأمان، وتوفير فرص عمل متكافئة تحقق الاكتفاء للمواطنين، والازدهار للبلاد.
وبالمقابل، توجه إلى زيلينسكي أصابع اتهامات الجهل بالسياسة وضعف العلاقات وغياب الخبرة والخبراء، والارتكاز على القاعدة الشعبية له كممثل، والتبعية والولاء لإيهور كالامويسكي أحد أشهر أثرياء البلاد، الذي أممت البلاد بنكه الأقوى والأشهر "بريفات بانك"، وعاد مؤخرا للتلميح إلى المحاسبة واستعادة البنك.
بيترو بوروشينكو
الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو يطمح إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية، معتمدا على "الإنجازات" التي حققها كرئيس خلال الفترة الأولى، وعلى رأسها "إحياء ودعم جيش قوي خلال فترة قياسية".
يفتخر بوروشينكو بالجيش وقوة علاقة بلاده مع حلف الناتو، معتبرا أن علاقة الحلف مع أوكرانيا هي أقوى علاقة تربطه مع دول "غير عضو".
وينسب إلى سلطاته كرئيس موضوع الانفتاح مع الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بإلغاء نظام التأشيرة وإنشاء منطقة تجارة حرة، كما يباهي باستقرار سعر العملة منذ العام 2015، ونسب نمو حققها اقتصاد البلاد رغم الحرب؛ معتبرا أن رفض موسكو التعامل معه دليل على إخلاصه وولائه لبلاده.
برنامج بوروشينكو الانتخابي يرسم خريطة عضوية الاتحاد الأوروبي في 2023، ثم البدء بخطة عضوية الناتو، وهذه الخطط تتضمن عملا على تحسين مستويات المعيشة، وتطبيق سيادة القانون، وتطوير الاقتصاد وصولا إلى أكبر أبرز المراكز والأسواق العالمية، إضافة إلى تعزيز قدرات البلاد الأمنية والدفاعية.
لكن منتقدي بوروشينكو يتهمونه بالإخفاق فيما يتعلق بوقف الحرب، وهو الذي كان قد تعهد بحسمها خلال أسابيع في 2014، كما يتهمونه بالاستفادة ماديا من إطالة أمدها كـ"تاجر حرب"، في إشارة إلى فساد يتعلق بالمساعدات الدولية المقدمة، والميزانيات المخصصة للأمن والدفاع.
يوليا تيموشينكو
زعيمة حزب الوطن تتطلع إلى الرئاسة في تجربة شخصية ثالثة، بعد أن أخفقت في 2010 و2014، وهي التي كانت قدر برزت بعد الثورة البرتقالية في 2004 كـ"امرأة حديدية" في شخص رئيسة وزراء، وبعد 2010 كـ"معارضة شرسة" لحكم نظام فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا، أودعت السجن بتهمة هدر أموال الدولة.
يروج برنامج تيموشينكو الانتخابي لأولوية الاهتمام بالشباب تعليميا، واستراتيجيات جديدة منفتحة في مجالات التنمية الاقتصادية والأمن والدفاع، كما يتعهد البرنامج بتعديلات دستورية "شعبية" تبنى البلاد من جديد، وضمانات اجتماعية تضمن مستويات متقدمة من الخدمات التعليمية والصحية والبيئية وغيرها.
ذكر تيموشينكو مرتبط -عند منتقديها- بالفساد وسوء الإدارة، خاصة فيما يتعلق بامتلاكها شركة للغاز في تسعينيات القرن الماضي، ثم بتوقيع اتفاقية 2009 في موسكو، التي استأنفت بموجبها إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بعد توقف، ولكن بزيادة بلغت نحو 300% على أسعارها المخصصة لأوكرانيا.
ورغم أنها غربية الميول، يرى منتقدو تيموشينكو أنها أفضل خيار تدعمه موسكو في انتخابات الرئاسة الأوكرانية المقبلة، خاصة وأنها تتعهد بمحسابة من سبقها، وقد يمكن الاتفاق معها، كما حصل في 2009.
أناتولي هريتسينكو
وزير الدفاع السابق أناتولي هريتسينكو يقدم نفسه كـ"رئيس نزيه"، ويربط كل برنامج الانتخابي بهذه "النزاهة"، التي لا تتوفر -برأيه- لدى غيرهم.
يتعهد هريتسينكو بحرب على الفساد، وأول بند في برنامجه وجود رئيس لا يتمتع بالثراء، ووجود حكومة لا تضم الأثرياء والفاسدين؛ كما يربط وجود الصدق والنزاهة بتحقيق معايير متقدمة للأمن والأمان والازدهار والعدالة.
يُتهم هريتسينكو بالضعف وقلة الخبرة، رغم أنه يتحدث عن طاقم يضم خبراء في شتى المجالات حوله؛ وكحال "زيلينسكي"، يُتهم بأنه مرشح يتلقى الدعم من قبل الأثرياء الذين أعلن الحرب عليهم، وتحديدا من قبل رجل الأعمال إيهور كولومويسكي أيضا (كمرشح ثان يدعمه ضربا لشعبية بوروشينكو).
يستشهد منتقدو هريتسينكو على هذه الاتهامات بحجم الحملة الانتخابية التي يقوم بها في البلاد، رغم أنه "مرشح نزيه غير ثري".
يوري بويكو
أقوى مرشحي المعارضة المحسوبة على الموالين لروسيا هو يوري بويكو زعيم حزب "الكتلة المعارضة"، الذي يعرض نفسه رئيسا قادرا على تحقيق السلام والأمن.
برنامجه الانتخابي يتكون من ثلاثة بنود، أولها تحقيق السلام ووقف الحرب، وثانيها تحقيق العدالة والمساواة، وثالثها تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
اللافت في حملة بويكو الانتخابية ضعفها في العاصمة ومناطق الغرب، وهذا يرجع إلى حقيقة أن معظم داعميه سيكونون من "شرقيي الميول" نحو روسيا، إن صح التعبير؛ فهو ابن الشرق، ووزير الطاقة السابق في حكومة الرئيس يانوكوفيتش قبل 2014؛ ولهذا، يتهم بالولاء لروسيا.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022