يوما بعد يوم، وحتى نهاية العام 2019 الجاري، تتجه روسيا نحو هيمنة شبه شاملة على سوق الغاز في القارة الأوروبية، تكون فيه المُصدر والناقل، بعيدا عن أوكرانيا وشبكات العبور فيها.
خطى متسارعة تقوم بها روسيا قبل نهاية العام لإتمام مشروع خط "السيل الشمالي 2"، الذين يلتف على أوكرانيا وصولا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، وتصل قدرته إلى نحو 55 مليار متر مكعب سنويا.
كما تسعى إلى إتمام مشروع خط "السيل الجنوبي أو التركي" الذي يمر عبر المياه الإقليمية والأراضي التركية وصولا إلى اليونان، وتصل قدرته الاستيعابية إلى نحو 64 مليار متر مكعب سنويا.
بهذين الخطين الجديدين، تكون روسيا قد أقصت أوكرانيا عمليا عن مشهد المشاركة بعملية النقل، التي كانت سببا لأزمات شتى بين البلدين، بعد أن كانت أنابيب الأخيرة سبيلا وحيدا لنقل نحو 100 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى دول أوروبا الغربية سنويا.
ثروة فخردة
وإذا كان العامان 2009 و2019 عنوانا دارجا لنشر الصور الطريفة والذكريات في فيسبوك، فيبدو أنهما يرمزان إلى أزمات أو حتى "مصائب" مرتبطة بالغاز في أوكرانيا، إن صح التعبير.
في 2009 اندلعت أزمة أدت إلى وقف روسيا تصدير الغاز إلى أوكرانيا، وعبرها إلى أوروبا، قبل الوصول إلى اتفاق جديد رُفعت بموجبه الأسعار بواقع 300% تقريبا على كييف؛ وفي 2019 ينتهي عقد موقع لنقل الغاز بين شركتي "غازبروم" الروسية و"نفطوغاز" الأوكرانية.
معنى هذا، بحسب ما قاله للجزيرة نت إيهور بوراكوفسكي رئيس معهد الدراسات الاقتصادية في كييف، أن "ثروة أنابيب النقل الأوكرانية مهددة بالتحول إلى خردة في البلاد، لأنها لن تكون ذات أهمية تذكر".
وتجدر الإشارة هنا إلى أن شبكات النقل الأوكرانية كانت تمثل 95% من وسائل النقل والتصدير التي بناها الاتحاد السوفييتي، بطول يقدر بنحو 37 ألف كم، وما تحتويه من أكثر من 120 محطة للضغط، و13 مخازن ضخمة تحت الأرض.
ضربة للاقتصاد
وبالإضافة إلى ذلك، يشكل تحول روسيا عن شبكات النقل الأوكرانية ضربة موجعة للاقتصاد الأوكراني الذي يعاني أصلا، فهو يحرمها من نحو ملياري دولار سنويا.
بوراكوفسكي أشار إلى أن "غازبروم" لمحت إلى أنها ستبقي على نسبة 10-15% من صادراتها إلى أوروبا عبر أوكرانيا، ولكن "هذا تراجع يشكل ضربة قوية للاقتصاد الأوكراني، حتى لو طبق".
وكان رئيس شركة "نفطوغاز" أندري كوبوليف قد دعا دول الغرب إلى ضرورة فرض عقوبات على روسيا، إذا رفضت تأمين كميات محددة عبر شبكات النقل الأوكرانية، معتبرا أن في ذلك خطرا يهدد أمن الطاقة الأوروبي.
الغاز الأوكراني
الخيارات محدودة على ما يبدو أمام أوكرانيا، وقد أجملها الخبير بوراكوفسكي بخيارين فقط، أولها الضغط السياسي ضعيف الأثر، وثانيها مسارعة الخطى نحو عمليات التنقيب والتصدير الخاصة.
قبل أيام، ولأول مرة في تاريخها، أعلنت أوكرانيا دعوة الشركات الأجنبية للتنقيب عن النفط والغاز في 6 مناطق، في إطار مزاد سيتم في 6 آذار/مارس المقبل.
وكانت السلطات قد قدمت تسهيلات ضريبية كثيرة للشركات العامة والخاصة المعنية بالتنقيب، ما أدى إلى زيادة حجم استخراج الغاز المحلي خلال 2018 بنسبة وصلت 18%.
وقد نشرت شركة "نفطوغاز" تقريرا أشار إلى أن حجم الاستخراج المحلي بلغ نحو 20.5 مليار متر مكعب مع نهاية عام 2017، منها 4.1 مليارا استخرجتها شركات خاصة، أي ما يعادل ثلثي حاجة البلاد من الغاز سنويا.
وأعلنت السلطات سابقا أنها تخطط لخفض الاعتماد المحلي على الغاز، الذي تراجعت الحاجة إليه فعلا من نحو 40 مليارا في عام 2014 إلى نحو 30 مليارا مع نهاية 2018، مع خطط لزيادة الإنتاج، ليصبح 27.5 مليار متر مكعب في عام 2020.
ورغم هذه الأرقام المبشرة، إلا أن عامل الزمن يعمل ضد صالح أوكرانيا، التي قد تواجه شبكات النقل فيها "أزمة جدوى" مع نهاية العام الجاري.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022