قدر الانتخابات الأوكرانية ألا تخلو من مفاجئات وطرائف على ما يبدو، بغض النظر عن حجم الأزمة وهموم الحرب والاحتلال، وهي مفاجآت وطرائف لا تتعلق بالنتائج والتصريحات كما تجري العادة، بل حتى بطبيعة الشخصيات المشاركة.
لم ينس الأوكرانيون والعالم بعد انتخابات مجلس البرلمان المبكرة في أكتوبر 2014، عندما رشح بطل فيلم حرب النجوم "دارث فيدر" نفسه عن حزب "الإنترنت"، وملأت صوره المقنعة شوارع المدن.
تعهد "دارث فيدر" آنذاك، واسمه الحقيقي جان نيكولاينكو، تعهد ببناء "إمبراطورية الإنترنت"، ومحاربة الفساد والبيروقراطية، ونظم فريقه من المدنيين و"الرجال الآليين" تجمعات انتخابية عدة، كانت مكانا للتسلية وإسعاد الأطفال، أكثر من كونها مكانا لسماح الطرح والتعرف على البرامج الرؤى السياسية.
كوميدي يترشح
ولعل أول وأبرز مفاجآت الانتخابات الأوكرانية 2019 إعلان الممثل الكوميدي الشهير فولوديمير زيلينسكي ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 31 آذار/مارس المقبل.
زيلينسكي البالغ من العمر 40 عاما، يترأس مجموعة استوديوهات "كفارتال 95" الكوميدية، اشتهر خلال الأعوام القليلة الماضية بمسلسل وفيلم "خادم الشعب"، حيث جسد دور المعلم المثقف، الذي يجبره التلاميذ والشعب على خوض الانتخابات ويفوز بها، ليواجه عمالقة الفساد بطرق وأساليب طريفة.
"الكثيرون توقعوا أن تكون هذه الأعمال مقدمة لإعلان زيلينسكي ترشيح نفسه، وهذا ما حدث فعلا في ليلة رأس السنة الميلادية"، يقول سيرهي بانتشينكو رئيس مركز "سوتسوبوليس" للدراسات الاجتماعية.
وأشار بانتشينكو إلى أن استطلاعات الرأي الأولية تشير إلى شعبية كبيرة يحظى بها زيلينسكي، تضعه مع الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو وزعيمة حزب الوطن يوليا تيموشينكو ضمن أبرز المرشحين، مع أن بوروشينكو لم يعلن ترشحه رسميا لفترة ثانية بعد.
سبب هذه الشعبية "هرب الأوكرانيين نحو شخص جديد يرشح نفسه، كثيرا ما أسعدهم وأضحكهم؛ لا علاقة له بعالم الثراء والفساد السياسي؛ ولكن من السابق لأوانه الحكم على النتائج طبعا، وهذه الشعبية ستتراجع على الأرجح مع مرور الأيام"، يقول بانتشينكو.
مزاد الأسعار
شهيرة عند الأوكرانيين مقولة تشير إلى أن "أشد الكذب يكون قبل الانتخابات والعلاقات الجنسية"، وأبرز أكاذيب انتخابات الرئاسة 2019 جاءت -بحسب مواقع التواصل- من زاوية أسعار الغاز.
الغاز يشكل عصب الاقتصاد الأوكراني، وزعيمة حزب الوطن تيموشينكو تعهدت في بعض إعلاناتها بخفض أسعار الغاز بواقع الضعف (من نصف دولار إلى ربع دولار تقريبا مقابل اللتر)، وهي التي وقعت اتفاقا مع روسيا في 2009، رفع أسعار الغاز بواقع 300%.
سيرهي كابلين زعيم "حزب البسطاء" رد سريعا على تيموشينكو، متعهدا في إعلاناته بخفض الأسعار 4 أضعاف.
نكات وسخرية
"مزاد الوعود" أشعل مواقع التواصل وشاشات التلفزة بالنكات والسخرية، ودفع تيموشينكو سريعا لوقف إعلاناتها المعنية، إنقاذا لجدية حملتها على ما يبدو.
كثيرون علّقوا ساخرين، بأن تيموشينكو وكابلين سيدفعون فارق الأسعار من جيوبهم إن خفضوها، في إشارة ضمنية إلى "الكذب أو الثراء أو الفساد".
الأوكرانية نتاليا تركت لتيموشينكو تعليقا على صفحتها، وضعت فيه أسماء سلع عديدة تطالب بخفض أسعارها، وختمت قائلة: "أثق بك، وبفوزك، ولكن خفض أسعار هذه السلع عدة أضعاف سيكون أسهل من خفض أسعار الغاز".
وكتب أرتيم: "الضعف...، أربع أضعاف...، مين يزيد؟؟؟. لو لم تكونوا على صلة قوية بالكرملين لما قدمتم هذه الوعود"، في إشارة إلى أن مصدر الغاز المستخدم في أوكرانيا هو روسيا.
ويبقى الأكيد في ظل ما سبق، أن كثيرا من الأوكرانيين يجدون في هذه المفاجئات والوعود وما يتبعها من نكات وسخرية، يجدون متنفسا يخرجهم من أجواء جد الأزمات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وأمرا توفره الديمقراطية ولا تعارضه القوانين.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022