ما يزال التوتر قائما بين أوكرانيا وروسيا، على خلفية احتجاز الأخيرة سفنا أوكرانية، وسط تبادل للاتهامات والتصعيد باتجاه أزمة دولية.
وتصر موسكو على محاكمة طواقم السفن الأوكرانية، بتهمة تجاوز الحدود الروسية، في حين ترفض كييف هذا الاتهام، وتطالب بإطلاق سراح بحارتها.
واتهمت موسكو كييف بدخول مياهها بشكل غير قانوني، واستفزازها بشكل متعمد لإثارة أزمة، إذ ما تزال روسيا تطالب بسيادتها على المياه قبالة سواحل القرم، التي ضمتها بالقوة عام 2014.
عسكرة بحر آزوف:
من جهته، قال المحلل السياسي الروسي أندريا أونتيكوف، إن "أوكرانيا هي البادئة، حيث لم تلتزم بإحدى قواعد المرور من البحر الأسود إلى بحر آزوف عبر مضيق كيرتش، وهي إطلاع موسكو على هذا العبور بحسب ما هو متفق بينهما"، وفق قوله.
واعتبر أونتيكوف في حديثه لـ"عربي21"، أن أوكرانيا "مستمرة باستفزازاتها لروسيا"، مضيفا أن هذه الاستفزازات الأوكرانية لها أسباب عدة.
وأوضح بأن من الأسباب ما يعود لعوامل داخلية في أوكرانيا، مثل الانتخابات التشريعية، فاستطلاعات الرأي الأخيرة أكدت أن الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو لن يستطيع أن يفوز في الانتخابات، ولهذا يسعى لاستفزاز روسيا، لفرض حالة الطوارئ، ما يعني أنه ربما سيؤجل الانتخابات أو حتى يلغيها".
أما عن أسباب خارجية، قال أونتيكوف: "إن كييف سعت عبر استفزازها لروسيا إلى دفع الأوروبيين والأمريكيين وإجبارهم على فرض مزيد من العقوبات على موسكو".
وأضاف إلى ذلك، أن أوكرانيا "تسعى لعسكرة بحر آزوف"، مشيرا إلى أن الحادثة لا تعد الأولى من نوعها، فيما يتعلق بهذا البحر، فقد قامت أوكرانيا باحتجاز السفينة الروسية نورد، في بداية العام الجاري، وفق قوله.
ونفى أونتيكوف أن تكون روسيا تستغل انشغال دول الاتحاد الأوروبي في قضاياها الداخلية، وعلى رأسها اتفاق "بريكست" لتقوم بهذا العمل.
وقال: "لا أعتقد بأنه يوجد هناك أي علاقة بين بريكست واحتجاز روسيا للسفن، ولكن هناك محاولات لعسكرة بحر آزوف، وهذه المحاولات قديمة".
في المقابل، ردت الخبيرة في الشأن الأوروبي، هالة الساحل، على ما ذكره أونتيكوف، رافضة فكرة أن الأزمة مفتعلة من أوكرانيا بهدف تأجيل الانتخابات.
وقالت لـ"عربي21": "أضم صوتي لصوت الأمين العام للحلف الأطلسي (ناتو)، الذي قال إنه لا خوف على الديمقراطية الأوكرانية".
وأضافت: "حتى لو فعلا كان في نية الرئيس الأوكراني استغلال هذا الحدث داخليا، فإنه لن يستطيع الذهاب في هذا المسار إلى النهاية، ولن يستطيع مصادرة حق الشعب الأوكراني الديمقراطي، وذلك لأن هناك ضوابط أوروبية تمنعه من ذلك".
وأشارت إلى أن "الأوروبيين تعلموا درسا من أزمة جزيرة القرم، مفاده أن لا ينساقوا خلف العاطفة، ووراء الأوكرانيين دون التثبت، ويجب دائما وضع ضوابط بأنهم أصحاب القرار الفعليين، لضمان الاستقرار والأمن الأوروبي".
تصعيد سياسي كبير:
وتدور تساؤلات عن مستقبل الأزمة وإمكانية أن تتطور إلى مواجهة عسكرية، كما حصل حين ضمت روسيا جزيرة القرم.
من جهتها، أجابت الساحلي، على هذا التساؤل، بالقول: "باعتقادي لن يكون هناك تصعيد عسكري كبير، وذلك لأسباب عدة، أهمها أن الدول الأوروبية ضد التصعيد العسكري وتدعو للحوار، إضافة إلى أن الدول تحاول فتح صفحة جديدة مع روسيا، لأنهم سيكونون خاسرين في حالة التصعيد".
وتابعت: "لكن فيما يتعلق بالشق السياسي، سيكون هناك تصعيد كبير إلى حد ما سياسيا وكلاميا".
خفض التصعيد:
وأشارت الساحلي إلى أن "الناتو والدول الأوروبية حريصون على عدم التصعيد، وظهر هذا الموقف جليا في التصريحات التي أطلقت بعد اجتماع لجنة العلاقات الخارجية والدفاع المشترك في الاتحاد الاوروبي، الاثنين الماضي، الذي ضم دول الحلف وأوكرانيا".
ولفتت إلى أنه "على الرغم من محاولة أوكرانيا دفع الناتو للتلويح بتفعيل البند الخامس، الذي يعني استخدام القوة في حال وجود أي تهديد ضد أي بلد ضمن الحلف أو حليف له، إلا أنه لا توجد لدى الناتو نية لذلك"، وفق تقديرها.
ورأت أن "الخيار الأساسي المتوقع خفض التصعيد وتفعيل الحوار، الذي عبر عنه الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، حين قال إنه يجب الحد من التصعيد بين أوكرانيا وروسيا".
وسبق أن طالب ستولتنبرغ موسكو، بإعادة البحارة والزوارق الحربية التي صادرتها، لأن الاتحاد الأوروبي وعدد كبير من أعضاء الناتو لم يعترفوا إلى الآن بضم روسيا لجزيرة القرم.
وأكدت الساحلي اعتقادها بأن الاجتماع الذي سيتم الأسبوع المقبل، ويضم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، سيسير باتجاه خفض التصعيد وتفعيل الحوار.
وأكدت الخبيرة بالشأن الأوروبي أن هناك مصالح مشتركة لأوروبا مع موسكو في ملفات عدة، أهمها الطاقة والغاز.
وأشارت إلى أن "الأوروبيين متخوفون من تدخل روسي في الانتخابات، بالتالي هم يدفعون في اتجاه التهدئة وليس التصعيد، فهم أيضا غير جاهزين للتصعيد على المستوى العسكري، خاصة بعد خسارة الاتحاد الأوروبي أحد أجنحته العسكرية، وهو بريطانيا بعد بريكست".
يذكر أن روسيا ضمت جزيرة القرم إلى أراضيها عام 2014، بعد أن أعلن الانفصاليون في الجزيرة خروجهم عن أوكرانيا، ما تسبب بنشوب أزمة سياسية وعسكرية بين موسكو وكييف.
عربي 21
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022