يوم عالمي يحتفي بالغة العربية، يصادف الثامن عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر، لكن الاحتفاء بها يتعدى اليوم الواحد بالنسبة لشريحة واسعة في أوكرانيا إلى كامل أيام العام، على ما يبدو.
الاهتمام باللغة العربية لم يعد يقتصر على أبناء الجاليات والمسلمين الذين تقدر أعدادهم بنحو 500 ألف نسمة، بل يتعداهم ليشمل الكثير من فئة الشباب الأوكرانيين، وحتى بعض وزارات ومؤسسات السلطة.
إقبال معظم العرب والمسلمين على تعليم أبنائهم اللغة العربية في بلاد الغرب طبيعي ومنطقي، فهي لغة ترتبط بالهوية وتحفظها، وفيها سبيل نحو التعلم، وفهم تعاليم الدين.
في أوكرانيا تنتشر عدة مدارس تعلم المئات من أبناء الجاليات اللغة العربية، ففي كييف 3 مدارس يمنية وليبية وعراقية، خاصة أو تدعمها سفارات، وفي عموم أوكرانيا تنتشر أيضا 43 مدرسة تابعة للمراكز الإسلامية والجمعيات الاجتماعية، تعلم العربية في أيام عطل نهاية الأسبوع السبت والأحد.
وقد افتتحت خلال الأعوام القليلة الماضية مدارس أوكرانية نظامية تدرس العربية، كان آخرها مدرسة "مستقبلنا" في مدينة خاركيف شرق أوكرانيا، وذلك في شهر سبتمبر الماضي، بعد عامين من افتتاح مدرسة "مستقبلنا" أيضا في كييف.
إقبال الأوكرانيين
لكن الإقبال على تعلم العربية لا يقتصر فقط على أبناء الجاليات في أوكرانيا، بل يتعداها ليشمل المئات من طلاب الجامعات والمعاهد وغيرهم، الذين تدفعهم أسباب كثيرة لتعلم وإتقان هذه اللغة.
إيرينا ريشنياك طالبة في السنة الثالثة بجامعة كييف الوطنية للغات، تحدثت العربية معنا، بحرص شديد لانتقاء أدق الكلمات، ونطقها بشكل صحيح؛ قالت: "ترددت بين اختيار الصينية أو العربية، ونصحتني معلمتي باختيار الأخيرة لأنها جميلة وغنية بالتعابير واللحن، إضافة إلى كونها تفتح آفاقا أكبر في المستقبل".
وأوضحت أن أوكرانيا تسارع الخطى نحو تطوير علاقاتها مع الشرق، وفيها حاليا 13 سفارة دولة عربية، إضافة إلى الكثير من المؤسسات والشركات العربية في أوكرانيا، أو الأوكرانية التي تتعامل مع أسواق عربية.
وعن حجم الإقبال قالت إيرينا إن في كييف وحدها 5 جامعات كبيرة تدرس العربية، وحتى اللهجات العامية في بعض الدول، كالسورية والمصرية مثلا، كانت تخرج العشرات سنويا، لكن الخريجين بالمئات حاليا، ويتوجه معظمهم نحو العمل في مجالات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وخدمية.
الصعوبات
لكن أمام الراغبين بتعلم اللغة العربية من الأوكرانيين صعوبات كثيرة يجب أن يتحدوها، وهي صعوبات لا تقتصر على نطق أحرف غير مألوفة فقط، ولا على أشكالها وطريقة كتابتها من اليمين إلى الشمال، بل تتعداها لتشمل ندرة التطبيق والاستخدام العملي أيضا.
ومع ذلك، ساهم قيام بعض مراكز التعليم والترجمة مؤخرا بتعزيز فرص التطبيق، وفي أحدها التقينا بالأستاذ علاء الغرباوي مدير مركز "سلام" لتعليم اللغات، الذي قال: "اللغات الأجنبية المكتوبة بالأحرف اللاتينية أسهل بكثير من العربية بالنسبة للأوكرانيين، فالعربية غنية وفريدة بقواعد الكتابة والنحو، ومختلفة بمخارج الحروف، وبطريقة تركيب وصياغة الجمل".
ومع ذلك، يؤكد الغرباوي أن الكثير من الطلاب يتمسكون بالعربية حبا فيها أو ببلاد المشرق، أو لأنهم ارتبطوا بعرب ويدرسونها بجد ومثابرة للتغلب على صعوبات المخارج والصياغة والكتابة.
يو إي تي في
ويبدو أن السلطات الأوكرانية مهتمة أيضا باستخدام اللغة العربية، فقبل عامين أطلقت قناة تلفزيونية فضائية موجهة إلى العالم الخارجي بعدة لغات، على غرار ما قامت به عدة دول من قبل.
النافذة العربية من قناة UATV انطلقت في أيلول/سبتمبر من العام الماضي، وعنها قالت أمينة جباروف نائبة وزير الإعلام: "نحن بحاجة إلى تعريف العالم العربي بأخبار وإمكانيات وتاريخ أوكرانيا من المصدر، وبالحياة والعادات والثقافات فيها".
وأشارت إلى رغبة جادة لدى الوزارة بالانفتاح على العالم العربي أكثر، من خلال اعتماد العربية في جميع وسائل الإعلام الرسمية الرئيسية، كقناة يو إي تي في، ووكالة الأنباء الرسمية "أوكر إنفورم"، كوسيلة للوصول إلى المشاهد والقارئ العربي.
أوكرانيا برس - قناة "UATV" - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022