أفق طموحه أبعد من الطب أو المحاماة أو الهندسة أو الطيران ككثير من الأطفال غيره، فحياة التنقل واللجوء تركت في نفسه أثرا غائرا، وأشعلت فيه إرادة التغيير، لتكون له أهداف أخرى على ما يبدو، حتى وإن كان لا يزال طفلا.
صالح سلام طفل من أصول فلسطينية في السادسة عشرة من عمره، ولد وعاش كلاجئ في مخيم اليرموك بدمشق، قبل أن تشتعل الثورة السورية وتصل نار الحرب إلى قرب بيته، ليهرب مع ذويه إلى ضواحي العاصمة السورية، ثم إلى لبنان، حيث أصبح لاجئا مرة أخرى.
الحياة في المخيم كانت سعيدة بين الأهل والأصحاب كما يصفها، لكن "القتل والإصابة والعنصرية التي تعرض لها الفلسطينيون بعد اشتعال الثورة كانت مذلة، كذل حياة اللجوء في لبنان، قبل أن نتغرب إلى أوكرانيا التي درس فيها والدي سابقا"، كما يقول.
سفير السلام
سنون قليلة قلبت بدموية وقسوة أحداثها حياة صالح، لتغير من هواياته كطفل، ولتبرز لديه اهتمامات إغاثية واجتماعية لافتة في أوكرانيا التي استقر فيها.
صالح وجد في أوتار آلة الكيتار ملاذا لتهدئة أعصاب توترت كثيرا على ما يبدو، وعليها يعزف مقطوعات تعكس صورة نفسه الحزينة، حتى إن ضحك أو ابتسم لك.
اهتماماته الاجتماعية زادت مع الأيام، حتى قوبلت بتكريم مدرسته له كـ"ناشط" إلى جانب التفوق، ثم بمنحه صفة "طفل سفير للسلام" من قبل الفيدرالية العالمية لأطفال السلام، وهي صفحة منحتها الفيدرالية لخمسة عشر طفل حول العالم.
صالح ابتعد عن الألم في سوريا، لكنه بقي مع عدد من أصدقائه ناشطا في مجال جمع التبرعات، حيث يتواصلون مع جمعيات خيرية وأممية لإغاثة الأطفال الذين نزحوا عن شرق أوكرانيا بعد بداية أزمتها، أو تعرضوا للإصابة".
قال لنا: "ما أتمناه هو أن تتوقف الحرب التي طالت، يكفي...، يجب أن يعم السلام أراضي بلادنا، لكي يعيش الأطفال حياة طبيعية، بين لعب ورياضة وتعلم، لا بين قتل وجرح وتشرد وفقر".
فلسطين الانتماء
لم يعش صالح يوما في فلسطين، لكن حياته وأحاديثه وتفاصيل غرفته تدل على حبه لها وتعلقه بها، فهي الوطن والانتماء الأول والأخير، والعودة لها هدف يسعى إليه.
قال: "كنت سعيدا في سوريا، وحياتي مستقرة الآن في أوكرانيا، لكن أجدادي من الطنطورة وصفد، هناك أرضنا وبيتنا، وإلى هناك سنعود عاجلا أم آجلا".
كلمات يزرعها معظم الفلسطينيين عقيدة في كيان أبنائهم في المخيمات والغربة، لكن صالح ناشط أيضا في مجال التعريف بقضية فلسطين أيضا.
يقول: "الأوكرانيون لا يعرفون الحقيقة، وكثيرا ما ينصدمون عندما تتحدث إليهم عن مجازر الاحتلال، فتنقلب آراؤهم دعما وتأييدا لقضية فلسطين ضد إسرائيل".
يتجنب صالح إلقاء اللوم على طرف والانحياز لآخر، وعند حديثنا معه شعرنا أنه رمى قذارة الحرب والسياسة في القمامة، واستعاض عنها بفطرته التي رفعت شعارات "الأطفال والسلام وفلسطين" بدلا عن أي أهداف أخرى.
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022