الإجراءات "الأكثر جرأة" التي يهدد بها الرئيس الأميركي جو بايدن لردع روسيا عن غزو أوكرانيا يمكن أن تعكر صفو الاقتصاد الروسي بأكمله، وكذلك اقتصادات دول أخرى بما فيها أميركا نفسها.
المسؤولون الأميركيون تعهدوا بإطلاق إجراءات اقتصادية قاسية إذا غزت روسيا أوكرانيا، بما في ذلك فرض عقوبات على أكبر بنوكها ومؤسساتها المالية، بطرق من شأنها أن تؤثر حتما على الحياة اليومية في روسيا.
ركائز النظام المالي الروسي
تتطلع واشنطن إلى اتخاذ مطرقة ثقيلة على ركائز النظام المالي الروسي، والعقوبات الجديدة التي يعدها المسؤولون الأميركيون ستقطع الإقراض الأجنبي، ومبيعات السندات السيادية، وتقنيات الصناعات الحيوية، وأصول المواطنين النخبة المقربين من بوتين.
لكن الضرر الحقيقي الذي سيلحق باقتصاد روسيا البالغ 1.5 تريليون دولار سوف يأتي من ضرب أكبر بنوك الدولة وكذلك صندوق الاستثمار المباشر الروسي الحكومي، الذي يضم مجلسه الاستشاري التنفيذيين الغربيين البارزين.
وستستفيد وزارة الخزانة الأميركية من تجربتها في استهداف البنوك الإيرانية في عهد الرئيس دونالد ترامب، رغم أن البنوك الإيرانية أصغر بكثير وأقل اندماجا في الاقتصاد العالمي من البنوك الروسية.
تأثير على نطاق العالم
وبمجرد أن تضع وزارة الخزانة الأميركية البنوك الروسية على ما يسميه المسؤولون قائمة عقوبات "انتهت اللعبة"، والمعروفة باسم "إس دي إن" (SDN) في القائمة، ستتوقف الكيانات الأجنبية في جميع أنحاء العالم عن التعامل مع هذه البنوك، مما سيكون له تأثير كبير على الشركات الروسية.
هذه العقوبات، التي وصفاها بالأكثر عقابا، يمكن أن تتسبب في حدوث تضخم حاد، وانهيار سوق الأسهم، وأشكال أخرى من الذعر المالي الذي قد يلحق الأذى بالروس من أصحاب المليارات إلى المسؤولين الحكوميين.
قد تجلب مخاطر سياسية واقتصادية، إذ لم تحاول أي دولة في يوم من الأيام فرض عقوبات واسعة النطاق على مثل هذه المؤسسات المالية الكبيرة وعلى اقتصاد بحجم الاقتصاد الروسي.
وبحسب محللين، الرد "السريع والخطير" الذي وعد به المسؤولون الأميركيون قد يزعج الاقتصادات الكبرى، لا سيما تلك الموجودة في أوروبا، بل وقد يهدد حتى استقرار النظام المالي العالمي.
انتقام روسي
وقد تنتقم روسيا من الضربة الاقتصادية بقطع شحنات الغاز الطبيعي إلى أوروبا أو عن طريق شن هجمات إلكترونية ضد البنية التحتية الأميركية والأوروبية.
من كوبا إلى كوريا الشمالية إلى إيران، تتمتع العقوبات الأميركية بسجل مختلط في أحسن الأحوال في فرض تغيير في السلوك.
وبينما تحاول إدارة بايدن وحلفاؤها الأوروبيون ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكلام صارم، يتساءل بعض الخبراء عما إذا كانوا سيتبعون الإجراءات الاقتصادية الأكثر صرامة إذا اخترقت القوات الروسية الحدود.
استقرار النظام المالي العالمي
وفي علامة على الجدية المتزايدة، تحدث مسؤولون من مجلس الأمن القومي الأميركي مع المديرين التنفيذيين من بعض أكبر البنوك في وول ستريت، بما في ذلك غولدمان ساكس وسيتي غروب وجيه بي مورغان تشيس وبنك أوف أميركا، حول استقرار النظام المالي العالمي في الولايات المتحدة بعد العقوبات المحتملة.
كما حذر البنك المركزي الأوروبي البنوك المقرضة لروسيا من المخاطر إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات وسأل عن حجم تلك القروض.
في الوقت الحالي، رغم ذلك، لا يفكر المسؤولون الأميركيون في فرض أي عقوبات فورية على الركن الرئيسي للاقتصاد الروسي، صادرات النفط والغاز.
وتعتمد أوروبا على روسيا في احتياجاتها من الغاز الطبيعي، ويفضل العديد من حلفاء الولايات المتحدة، لا سيما ألمانيا، أن تمتنع واشنطن عن تعطيل صناعة الطاقة الروسية.
ويقول محللون، إن العقوبات التي تحد من قدرة روسيا على تصدير النفط والغاز ستكون إلى حد بعيد أقوى سلاح ضد الاقتصاد الروسي، وربما أقوى رادع اقتصادي ضد غزو أوكرانيا، لكنها ستسبب أيضا ألما في أوروبا والولايات المتحدة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
صحيفة "نيويورك تايمز" - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022