بعد تبني أوكرانيا قانوناً يسهل إجراءات منح الجنسية الأوكرانية للمواطنين الروس "المضطهدين" لدوافع سياسية في بلدهم، بات بإمكان خصوم الكرملين الحصول على الجنسية الأوكرانية بسهولة، بعدما تحولت كييف إلى مأوى للسياسيين والصحافيين المعارضين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسياساته.
كما يأتي القانون الجديد بمثابة رد أوكراني على التسهيلات التي تمنحها روسيا واحدة تلو الأخرى لمواطني الجمهوريات السوفييتية السابقة وسكان منطقة دونباس (تضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك) الواقعة شرق أوكرانيا والموالية لروسيا للحصول على جنسيتها.
ومن بين أبرز المعارضين الروس المقيمين في أوكرانيا حالياً، المحامي إيليا نوفيكوف، المعروف بتوليه قضايا الدفاع عن معارضين روس وأسرى أوكرانيين، والصحافي المعارض أركادي بابتشينكو، والمذيع السابق بالتلفزيون الروسي يفغيني كيسيليوف، ورئيس تحرير صحيفة "إنسايدر" المصنفة في روسيا كـ"عميلة للخارج" رومان دوبروخوتوف، الذي انتقل إلى أوكرانيا في سبتمبر/ أيلول الماضي.
كما اختار النائب السابق في مجلس الدوما (النواب) الروسي دميتري غودكوف، أوكرانيا كمحطة ترانزيت له لدى مغادرته روسيا في الصيف الماضي، في وقت تقدّم النائب السابق إيليا بونوماريوف، بطلب الحصول على الجنسية الأوكرانية في عام 2019.
في هذا الإطار، يقول الصحافي المتخصص في الشؤون الأوكرانية ألكسندر تشالينكو، إنّ قانون تسهيل إجراءات منح الجنسية الأوكرانية للروس يهدف إلى جمع معارضي الكرملين في كييف، والرد على منح أوراق الهوية الروسية لسكان شرق أوكرانيا. ويقول لـ "العربي الجديد": "من الواضح أن هذا رد على توزيع الأوراق الروسية على أكثر من 700 ألف من سكان دونباس، وحصول 2.5 مليون من سكان شبه جزيرة القرم على الجنسية الروسية لدى انضمامها إلى روسيا في عام 2014. يعني ذلك أن ما يزيد مجموعه عن 3 ملايين مواطن أوكراني قد حصلوا بكامل إرادتهم ورضاهم على الجنسية الروسية، ما يقلل من دقة الرواية الأوكرانية حول نظام الاحتلال الروسي".
وحول الأبعاد السياسية للقانون الجديد، يقول: "ما يجمع جميع المعارضين الروس بصرف النظر عن توجهاتهم، هو تضامنهم مع أوكرانيا في مواجهة بوتين، وحصولهم على الجنسية الأوكرانية سيمكنهم من المشاركة النشيطة في الحياة السياسية الأوكرانية ضمن لوبي معاداة روسيا والعالم الروسي. كما سيصبح بإمكانهم السفر إلى الاتحاد الأوروبي من دون تأشيرة مسبقة، والحصول على التأشيرة الأميركية بسهولة مقارنة مع الصعوبات التي يواجهها المواطنون الروس. وفي ما يخص الصحافيين المعارضين الروس، فيمكنهم مواصلة عملهم باللغة الروسية من داخل أوكرانيا".
ويشير تشالينكو إلى أنّ القانون الجديد قد لا يجعل أوكرانيا وجهة للمعارضين الليبراليين الروس فقط، وإنّما أيضاً للراديكاليين الإسلاميين من شمال القوقاز الذين حظوا دوماً بتعاطف مناطق غرب أوكرانيا، مذكراً بإطلاق اسم زعيم الانفصاليين الشيشانيين جوهر دوداييف، على أحد شوارع مدينة لفيف أثناء الحرب الشيشانية الأولى في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
كما يلفت إلى أن أوكرانيا لا تمنح جنسيتها للروس المعارضين فحسب، وإنما لأي سياسي يعادي موسكو، مستشهداً بتجربة منح الجنسية الأوكرانية للرئيس الجورجي الأسبق ميخائيل ساكاشفيلي، المعروف بمعاداته روسيا، وشغله مناصب رفيعة في أوكرانيا مثل حاكم مقاطعة أوديسا المطلة على البحر الأسود ورئيس اللجنة التنفيذية لمجلس الإصلاح.
من جهته، يقول مدير صندوق "السياسة الأوكرانية" قسطنطين بوندارينكو، إن تسهيل إجراءات منح الجنسية الأوكرانية للروس يحمل في طياته أبعاداً أيديولوجية.
ونقلت صحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الروسية الموالية للكرملين عن بوندارينكو قوله: "يريد زيلينسكي إظهار أنّ عدداً كبيراً من الروس يقفون في صف أوكرانيا، وأنهم مستعدون لحمايتها مما يسمى العدوان الروسي. هذه محاولة لإظهار أنّه ليس هناك في روسيا وحدة أو إجماع على موقف الكرملين".
وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، قد وقع في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي على تعديل قانون الجنسية الأوكرانية، ومن شأنه تسهيل إجراءات منح الجنسية للعسكريين الحاليين والسابقين بالجيش الأوكراني ولمواطني "الدولة المعتدية" أو "الدولة المحتلة" في حال تعرضوا للاضطهاد بسبب قناعتهم السياسية.
ومنذ عام 2015، صنفت كييف روسيا كـ "دولة معتدية" و"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" المعلنتين من جانب واحد، كـ"منظمتين إرهابيتين"، بينما تنفي روسيا ضلوعها في النزاع شرقي أوكرانيا.
وفي العام ذاته، وعد الرئيس الأوكراني آنذاك بيترو بوروشينكو، بمنح الجنسية الأوكرانية للمعارضين الروس، ولكنه لم يتم البت في الأمر إلا في عام 2019، حين وجه الرئيس الجديد زيلينسكي الحكومة بإعداد مشروع القانون هذا، وذلك بعد أيام على توقيع بوتين على قانون تسهيل إجراءات منح الجنسية الروسية لسكان دونباس.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
العربي الجديد
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022