يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن أصعب التحديات حتى الآن في مجال السياسة الخارجية بسبب احتدام الوضع في أوكرانيا، فلقد أصبحت أوكرانيا مجدداً على شفير مواجهة شائكة مع عدو مألوف، إذ يحتشد اليوم أكثر من 100 ألف جندي روسي على حدودها.
لم يكن احتمال أن يستولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إقليم "دونباس" الأوكراني وارداً في السابق، لكن هذا التهديد أصبح وشيكاً اليوم وهو لا يطرح المخاطر على أوكرانيا فحسب، بل على أوروبا الحرة أيضاً، وخدمةً لمصالح أوكرانيا والمنطقة ككل، لا بد من ردع بوتين قبل إطلاق أول رصاصة، حيث يستطيع الرئيس بايدن أن يتخذ بعض الخطوات لإجباره على التراجع:
أولاً، يجب أن يوضح بايدن أن روسيا لا تستطيع اجتياح أوكرانيا في أي ظرف من الظروف، كما يجازف بوتين أصلاً بسفك الدماء إذا قرر مهاجمة القوات الأوكرانية، إذاً يُفترض أن يرفع بايدن سقف خطابه ويحذره من سقوط عدد هائل من القتلى الروس إذا أقدم على غزو أوكرانيا، مما يعني طرح جميع الخيارات المحتملة على طاولة المفاوضات وعدم تقديم أي تنازلات.
ثانياً، يجب أن يُسلّح بايدن أوكرانيا بمعدات متقدمة لأنها بأمسّ الحاجة إليها، حيث تملك روسيا من جهتها عدداً كبيراً من الصواريخ البالستية وتتفوّق بحراً وجواً، وهذا التفاوت يعني أن تنجح روسيا في شلّ الخطوط الأوكرانية قبل أن يبدأ تدفق القوات الروسية، ويجب أن تقدّم الولايات المتحدة أنظمة مضادة للطائرات لحماية الأجواء الأوكرانية وتتابع تزويد البلد بأنظمة "جافلين" لمنع الدبابات الروسية من عبور الحدود.
ثالثاً، يجب أن يرسل حلف الناتو عناصر إضافية لدعم القوات الأوكرانية الميدانية، وقد أوضح كبار العسكريين الأوكرانيين أنهم يحتاجون إلى مساعدة الغرب لمنع أي غزو محتمل رغم استعدادهم للقتال حتى النهاية، وستكون أي زيادة في قوات الناتو كفيلة بمنع بوتين من غزو البلد تزامناً مع إثبات أهمية الحلف كركيزة أساسية للأمن الأوروبي.
رابعاً، يجب أن يفرض بايدن العقوبات على المسؤولين الروس المرتبطين بخط الأنابيب "نورد ستريم 2" لإثبات جدّيته، ويُعتبر هذا المشروع هجوماً مباشراً ضد حلف الناتو، وهو لا يتماشى مع مواصفات أوروبا الحرّة التي تختلف عن توجهات موسكو، وسيثبت بايدن قوته في وجه الوضع المتدهور إذا غيّر الموقف الأميركي من هذا المشروع.
أخيراً، يجب أن تُكثّف إدارة بايدن العقوبات ضد بوتين وأوساطه الداخلية، واليوم، تريد جهات متزايدة من الحزبَين الجمهوري والديموقراطي في الكونغرس تشديد العقوبات المالية ضد الكرملين، وسيفهم بوتين أن أحداً لا يرغب في استرضائه عند فرض عقوبات صارمة عليه، لكن إدارته ترفض حتى الآن توضيح مسار عملها للأسف.
قد لا تكون أوكرانيا حليفة للولايات المتحدة بموجب معاهدات رسمية، لكن المصداقية الأميركية ستصبح على المحك إذا لم يتخذ الأميركيون الخطوات المناسبة، وأي ضعف أميركي في أوكرانيا سيتردد صداه حول العالم، وسيُشجّع روسيا على متابعة تحركاتها الخطيرة في شرق أوروبا ودول البلطيق.
لذلك، يجب أن يستغل الرئيس بايدن هذه الفرصة لزيادة ثقة الحلفاء بواشنطن واسترجاع احترام الأعداء، إذ لم يعد الوضع يسمح له بتضييع الوقت!.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
صحيفة "الجريدة" الكويتية - نقلا عن موقع "ناشيونال ريفيو"
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022