تعد أوكرانيا وروسيا بقعة من أكثر البقاع الملتهبة في العالم على مدار السنوات الماضية، ما جعل الأزمة بين البلدين الجارين تفرض نفسها إقليميا ودوليا.
وفي السابع من شهر ديسمبر الجاري، عقد الرئيسان الأمريكي جو بايدن، والروسي فلاديمير بوتين، قمة افتراضية لبحث تداعيات حشد عسكري روسي على حدود أوكرانيا الشرقية.
وخلال القمة هدد بايدن باتخاذ إجراءات اقتصادية وسياسية صارمة ضد روسيا في حال قيامها بعمل عسكري ضد جارتها الغربية، وأكد دعم بلاده سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
لا نية روسية بغزو أوكرانيا
وفي السياق ذاته، قال ستانيسلاف ميتراخوفيتش الباحث في العلاقات الدولية، إن هناك حديث في الدول الغربية بأن روسيا غزت بالفعل أوكرانيا، موضحا أنه يجب تحديد ماذا تريد أوكرانيا من روسيا؟.
وأضاف ميتراخوفيتش، خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن روسيا لا يوجد لديها نية لغزو أوكرانيا، مشيرا إلى أن موسكو يجب أن تكون على استعدادا دائم إذا ما قررت الدول الغربية نشر صواريخ على الحدود الأوكرانية.
وأكد ميتراخوفيتش أن روسيا دائما ما تتخذ الإجراءات العسكرية كما حدث في عام 2014، قبل دخول شبه جزيرة القرم”.
الحسابات الروسية
على الجانب الآخر، أصر بوتين على رفض بلاده انضمام أوكرانيا إلى المؤسسات الغربية وبالأخص حلف شمال الأطلسي، ونشر قوات وأسلحة هجومية على أراضيها، وتعزيز قدراتها العسكرية.
وتنبع الحسابات الروسية في الأزمة الأوكرانية من هواجس تمدد الناتو والاتحاد الأوروبي وصولًا إلى حدودها المباشرة، ومن ثم محاصرتها والضغط عليها سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وقد يكون ذلك سببًا كافيًا لها لشن الحرب.
إلا إذا كانت هناك ضمانات فربما يتغير الموقف، ولعل أبرز ما تطالب به موسكو، هو الوصول إلى اتفاق مع الغرب بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
وضمان آخر تطالب به روسيا هو أن تتوقف أوكرانيا عن محاولات استعادة المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو في إقليم دونباس الذي يضم مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك شرق البلاد.
أما على جانب الحسابات الأمريكية، فيسعى بايدن إلى حل الأزمة دبلوماسيا بعيدا عن التورط في عمل عسكري وفي الوقت نفسه بتحقيق أقصى ضغط على روسيا.
ولهذا السبب حاولت إدارة بايدن أن تجعل أي عمل عسكري روسي في أوكرانيا أكثر تكلفة، وذلك عبر حِزمٍ من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بنحو 450 مليون دولار خلال العام الجاري تتركز على الصواريخ المضادة للدبابات.
وبين رغبة الدولتين في تفادي التداعيات الوخيمة للتورط في حرب، يبقى احتمال إحياء مسار مينسك الدبلوماسي هو الأقرب، لكن كل طرف ينتظر اللحظة المناسبة ليحقق أهدافه من هذا المسار.
الضغط على موسكو
ومن واشنطن، قال كورت فولكر سفير الولايات المتحدة لدى الناتو سابقا، إن روسيا هاجمت أوكرانيا عام 2014 واحتلت شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى أن روسيا تواصل حشد جنودها قرب الحدود.
وأضاف فولكر أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تواصل الضغط على موسكو قبل أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمهاجمتها.
وردا على التدريبات العسكرية، أوضح فولكر أن كل الدول لديها الحق في إجراء التدريبات العسكرية في مياه البحر الأسود.
3 مستويات للصراع
ومن كييف، قال الدكتور فالنتين ياكوشيك أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الوطنية الأوكرانية، إن الصراع في شرق أوكرانيا له 3 مستويات، أولها، صراع جيوسياسي وهو بين الغرب وروسيا.
وأضاف ياكوشيك أن المستوى الثاني من الصراع يكمن في الداخل الأوكراني، حيث يتصارع الرئيس الأوكراني مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستوى الثالث هو الصراع بين الأحزاب.
كما أكد ياكوشيك أن هناك قوى تستخدم فكرة الغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا، وهو ما يفيدهم انتخابيا، مؤكدا أن هناك حربا نفسية، والمخابرات الأوكرانية لم ترى أي تقدم روسي على الحدود الأوكرانية.
واستكمل: “لا يوجد أي منطق يجعل روسيا تغزو أوكرانيا، لأنها حرب غير مضمون الفوز بها، كما حصل مع الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان”.
القرار الحاسم
فيما قال نيكولاس وايت، الخبير في الشئون الأوروبية، إنه يجب على أوكرانيا أن تقرر في أي طريق ستمضي.
وأضاف نيكولاس وايت أنه يجب على أوكرانيا أن تحسم أمرها بشأن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، لأنه لا يجب أن يتخذ هذا القرار من عاصمة خارجية.
وجدد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الخميس، تأكيد دعمهما لأوكرانيا المهددة نتيجة حشد روسيا قوات عسكرية على حدودها.
في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، جدد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل دعوته موسكو إلى “وقف التصعيد” واحترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
وجاء في بيان صدر مساء الخميس في بروكسل أن بوريل شدد على أن أي عدوان عسكري جديد على أوكرانيا ستكون له عواقب وخيمة وتكاليف باهظة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
قناة "الغد"
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022