الضم الزاحف.. روسيا تفتح أسواقها أمام منتجي شرق أوكرانيا

نسخة للطباعة2021.11.19
رامي القليوبي

بعد فتح روسيا أسواقها والسماح للمنشآت الواقعة في منطقة دونباس شرق أوكرانيا الموالية لموسكو بالمشاركة في مشتريات الدولة، تتجلى ملامح مواصلة إشراك هذه المنطقة الخارجة عن سيطرة السلطات الأوكرانية، في الحياة الاقتصادية الروسية بعد سلسلة من الخطوات الرامية إلى زيادة التكامل السياسي.

ومن بين الخطوات السابقة التي اتخذتها موسكو وأثارت استياء كييف، اعتراف روسيا بالعديد من الوثائق الصادرة من "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" المعلنتين من طرف واحد استقلالهما عن أوكرانيا في عام 2017، وتسهيل إجراءات الحصول على الجنسية الروسية لسكان دونباس في عام 2019 وتصويتهم في الانتخابات الروسية، ووصولاً اليوم إلى معاملة المنشآت المحلية نفس معاملة مثيلاتها الروسية في العديد من الحقوق.

وفي هذا الإطار، يعتبر الصحافي الأوكراني، فيتالي بورتنيكوف، أن التسهيلات التجارية لمصنعي دونباس بالسوق الروسية تشكل خطوة جديدة على مسار "الضم الزاحف" لأراضي هذه المنطقة إلى المجالين السياسي والاقتصادي الروسيين، على عكس شبه جزيرة القرم التي اتخذ قرار بضمها بحركة واحدة في مارس/آذار 2014.

ويقول بورتنيكوف في اتصال مع "العربي الجديد" من كييف: "يتعلق نهج الحكومة الروسية بالتوجه نحو الضم الزاحف للأراضي المحتلة فعلياً، وأعتقد أن هذه الخطوة ليست الأخيرة. وقد تم توزيع أوراق الهوية الروسية على سكان دونباس وإشراكهم في الحياة السياسية، والآن جاء دور الضم الاقتصادي".

مع ذلك، يستبعد بورتنيكوف الإمكانية أن توفر كييف سوقاً بديلاً لمصنعي هذه المناطق، مضيفاً: "كييف غير مستعدة لشراء منتجات من هذه المناطق، لأنها لا تدفع الضرائب للخزينة الأوكرانية وإنما لسلطات ما يسمى "جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك"، كما أن هذه المنشآت تم الاستيلاء عليها من ملاكها القانونيين، وتقوم روسيا الآن بشرعنة هذه السرقة".

ومن اللافت أن سلطات "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" قررت وضع اليد على المنشآت الأوكرانية الواقعة على أراضيهما في عام 2017 بحجة أن الراديكاليين الأوكرانيين قطعوا حركة النقل بالسكة الحديدية، مما حال دون نقل البضائع إلى أوكرانيا.

وفي عام 2019، ربط الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، رفع الحصار الاقتصادي عن دونباس باسترداد المنشآت التي تم تأميمها.

ويعتبر بورتنيكوف أن فتح الأسواق يشكل دعماً روسياً غير مباشر لدونباس، مضيفاً: "تعاني منطقة دونباس من البطالة، وبالتالي قررت روسيا تقديم دعم غير مباشر لها عن طريق إشراكها في مشتريات الدولة، حيث إن الدعم المباشر كان سيعرض موسكو لتشديد العقوبات الغربية المفروضة عليها.

لكن في جوهر الأمر، يشبه الدعم الذي تقدمه موسكو للمقاطعات الأوكرانية الدعم الذي تقدمه للكيانات الإدارية في الداخل الروسي مثل جمهوريتي داغستان والشيشان" الواقعتين في منطقة شمال القوقاز جنوب البلاد.

يذكر أن وزارة المالية الروسية تقسم الكيانات الإدارية إلى الأقاليم المانحة، وفي مقدمتها العاصمة موسكو والأقاليم المنتجة للنفط، وأخرى تتلقى دعما من الميزانية الفدرالية مثل داغستان والشيشان والقرم وغيرها.

من جهتها، اعتبرت صحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين، أن مرسوم فتح الأسواق الروسية أمام مصنعي دونباس، يؤدي إلى "انهيار الخطة الإستراتيجية الأوكرانية لإعادة بسط السيطرة على المنطقة المتمردة"، محذرة في الوقت نفسه من أن رد كييف قد يؤدي إلى ما يصل إلى حد بدء حرب جديدة.

وفي مقال بعنوان "دونباس تكاد تصبح إقليما روسياً"، ذكرت الصحيفة ثلاثة مكاسب ستجنيها مصانع دونباس جراء القرار الروسي، أولها الاعتراف بشهادات المنشأ للمنتجات المصنعة في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك .

أما المكسب الثاني، فهو إلغاء الحصص لتصدير المنتجات إلى روسيا، والثالث هو ضم منتجي دونباس إلى منظومة مشتريات الدولة، ما يعني أن الدولة الروسية نفسها ستصبح أحد الزبائن، وهذا الأمر ملح نظراً لتشغيل بعض الطاقات الإنتاجية في دونباس بمقدار الثلث فقط حالياً في أحسن الأحوال.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد وقّع مطلع الأسبوع الجاري، على مرسوم تقديم المساعدات الإنسانية لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك للفترة "حتى التسوية السياسية".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

العربي الجديد

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022