د. أمين القاسم - باحث في تاريخ المنطقة
مرصد فلكي بناه وعمل فيه الأمير أولوغ بيك (1394-1449م) في مدينة سمرقند بين عامي 1424-1428م، وجرت في هذا المرصد أبحاث علمية في علم الفلك والنجوم، إذ رصدت فيه حركة الشمس ومنازلها، وقياسات ارتفاع النجوم، وأُلحق بالمرصد مدرسة علمية.
المرصد أو التلسكوب كان عبارة عن منشأة معمارية ضخمة فيها مبنى من ثلاث طوابق مستديرة قطر كل طابق 46 م، وارتفاعه 36 م، وقد زوّد هذا المبنى بآلات وأدوات نادرة ومتنوعة مثل آلة السُدس: وهي جهاز يقيس المسافة بين نجمين أو كوكبين بنيت من الرخام قُدّر نصف قطرها بـ40 م، واسطرلاب كبير.
يعد مرصد أولوغ بيك من أدق المراصد في العالم، وكان الوحيد بهذه الدقة في وقته، ويعرف أيضا باسم مرصد سمرقند. ولم يبق منه اليوم سوى الجزء المبني تحت الأرض وملحق به متحف.
أما أولوغ بيك فهو: ميرزا محمد تاراغاي بن شاه رخ بن تيمورلنك، أمير وعالم فلكي ورياضي وشاعر حكم "الدولة التيمورية" بلاد ما وراء النهر (اليوم: أوزبكستان وطاجكستان، وأجزاء من وتركمانستان وقرغيزيا وكازاخستان والصين) والأقاليم الشمالية بين عامي (1409-1449م) وعاصمتها مدينة سمرقند، والتي أصبحت في عهده أحد أهم المراكز العلمية والثقافية والحضارية في العالم، كان ألوغ بيك محبا للعلم، مما جعله أحد أكبر العلماء في عصره ، وقد قتل رحمه الله وهو في طريقه إلى الحج.
وقد اهتم السلطان أولوغ بيك بالعلم والتعليم والعمارة، واستقطب العديد من العلماء في ذلك الوقت، فقد بنى مجمعا علميا في مدينة سمرقند ضمّ إضافة إلى المرصد مدرسة علمية سميت باسم أولوغ بيك أيضا بنيت بين عامي 1417-1420م، وكذلك مسجدا كبيرا وقصرا وقاعة، إضافة إلى مدارس أخرى في مدن أخرى من البلاد.
أعمال المرصد
وضع الفلكيون المسلمون، اعتمادا على هذا المرصد، كتاب الزيج السلطاني أو الزيج الإيلخاني أو زيجي أولوغ بيك (فهرس النجوم) وهي مجموعة من الجداول الفلكية والمعلومات القيمة في أربعة أجزاء، وهي نتاج عمل مشترك لعدد من علماء الفلك المسلمين، بيّنت مواقع النجوم وحركتها، وسير الكواكب ومواضعها، وحركة المجرات، كما حوى قائمة بأسماء 1018 نجما، وقد ذاعت شهرة هذا الفهرس وعرف العلماء المسلمون فضله ودقته لعدة قرون.
تم تحديد زاوية محور الأرض بالنسبة لمسار الشمس ب 17.30.23 وهو يختلف عن القيمة التي نعرفها حاليا بعدة ثوان.
وكذلك تم تحديد السنة الفلكية ب 365 يوم و6 ساعات و10 دقائق و8 ثوان، وهي تختلف عن القيمة التي نعرفها اليوم ب 58 ثانية فقط.
ورصد المرصد ودقق عددا من النجوم بلغ حوالي 992 نجما، كما تم تصحيح بعض الأرصاد التي قام بها فلكيو اليونان، وصنّف ألوغ بيك كتابا سمي "فهرس النجوم"
وضع أولوغ بيك جداول دقيقة لحساب المثلثات والتوابع المثلثية مثل الجيب والجيب تام.
واعتمادا على قياسات مرصد أولوغ بيك أثبت أحد علماء الفلك الروس انزياح القارات.
واليوم ما زال يُدرس تراث أولوغ بيك العلمي في جامعات العالم، وقد احتفل العالم عام 1994م بذكرى مرور 600 عام على ميلاد هذا العالم الفذ، كما وتحمل الجامعة الوطنية الأوزبكية في طشقند إسمه.
يعد مرصد أولوغ بيك معلم تاريخي هام، وهو أقدم وأدق مرصد إسلامي، وكان نموذجا لإنشاء وتصميم مراصد أخرى بعد ذلك في عدد من مدن العالم.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022