ما أهداف بوتين من التصعيد العسكري على حدود أوكرانيا؟

نسخة للطباعة2021.04.03

قالت مجلة "فورين بوليسي" إن الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية يضع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على المحك.

وأضافت، في تحليل إخباري، أن روسيا تقوم بنشر أعداد غير معتادة من القوات على الحدود مع أوكرانيا، ما يمثل اختبارا مبكرا لإدارة الرئيس بايدن الذي يتطلع لإصلاح العلاقات مع حلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والانفصال عن النهج المثير للجدل، الذي اتبعته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع موسكو.

اتصالات لاحتواء الموقف

وبينت المجلة أن حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية، بالإضافة إلى مئات الانتهاكات لوقف إطلاق النار في الأراضي الواقعة شرق أوكرانيا، التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا، أثار قلق الناتو، وأدى إلى سلسلة من الاتصالات الهاتفية بين مسؤولين بارزين في إدارة بايدن ونظرائهم الأوكرانيين والروس.

ونقلت عن جيم تاونسند، نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق لشؤون أوروبا والناتو، قوله: "إنهم يتابعون الموقف، ويحاولون رؤية رد الفعل من جانبنا، وما سيفعله الناتو، وما سيفعله الأوكرانيون. وهل الإدارة الأمريكية الجديدة متقلبة المزاج، أم أنها ستتحرك بحزم. كل ما يقوم به الروس يستهدف تقييم ما ستكون عليه الإدارة الجديدة في واشنطن".

وتابعت المجلة: "الصراع في شرق أوكرانيا بين القوات المسلحة الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا يندلع بشكل متقطع منذ اتفاق السلام العام 2015، ويقول مراقبو الصراع إن حجم التصعيد الحالي يختلف عن المخاوف السابقة".

وأشارت إلى الفيديوهات التي انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي، وتظهر فيها قطارات وقوافل للعربات المدرعة العسكرية التي تنتشر على طول الحدود مع أوكرانيا وشبه جزيرة القرم الاستراتيجية، الواقعة على البحر الأسود، والتي ضمتها روسيا بصورة غير قانونية في العام 2014.

ويحاول خبراء ومراقبون استكشاف النوايا الروسية وراء هذا الحشد العسكري، والذي يتجاوز بكثير التدريبات العسكرية المعتادة التي تقوم بها موسكو.

وقال تاونسند: "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتمتع بالوضوح عندما يقوم بإجراء كبير، فلماذا يسمح لنا برؤية ذلك الآن؟".

بالون اختبار روسي

ويأتي ذلك في الوقت الذي يرى فيه مسؤولون أمريكيون سابقون أن ما تقوم به روسيا محاولة لاختبار إدارة بايدن، التي لا تزال تقوم بمراجعات سياسية تضع من خلالها إستراتيجية جديدة تجاه روسيا وبؤر التصعيد الأخرى، والتي تتضمن الاتهامات التي وجهتها واشنطن إلى الكرملين بالوقوف وراء عمليات القرصنة على وكالات حكومية أمريكية.

ونقلت المجلة عن مسؤول بارز سابق في إدارة ترامب قوله: "ربما تكون هذه مناورة بالقوات كي يختبرون رد الفعل، وربما يكون أمرا عسكريا، أو أنه تحرك عادي على الحدود، ولكن يتعين على الإدارة الأمريكية الحالية توضيح السياسة التي ستسير عليها، لأن المزيد من التوغلات الروسية أمر غير مقبول".

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن التحركات العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا أثارت حيرة المراقبين الذين يتابعون الصراع منذ فترة طويلة، حيث يشككون في نوايا موسكو القيام بالتخطيط لغزو أوكرانيا، ولكنهم في نفس الوقت لا يستبعدون تلك الفرضية بشكل كامل.

خارج إطار المنطق

وفي هذا السياق، نقلت "فورين بوليسي" عن كيريل مخائيلوف، الباحث في فريق الصراع الاستخباراتي، الذي يرصد التحركات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا: "عندما نفكر بما يفعله الرئيس الروسي بوتين، فإننا نحاول التفكير بأن ما سيقوم به سيكون منطقيا. ولكن بوتين يمكن أن تكون لديه رؤية مختلفة تماما للعالم، وذلك في ضوء المعلومات الموجهة التي يحصل عليها".

وقال بافيل فيلينهاور، المحلل العسكري الروسي، في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية، إنه وفقا لفكر الجيش الروسي، فإن الغرب يشن حربا على روسيا في العديد من الجبهات، ومن بينها بيلاروسيا، وأوكرانيا، وكذلك فيما يتعلق بقضية المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني.

من جانبه، قال روبرت لي، خبير الشؤون العسكرية الروسية في "كينغ كولدج" بلندن، إن تلك التحركات تستهدف ردع أوكرانيا عن أي هجمات مستقبلية في المنطقة، حيث تُظهر موسكو أنها لا تزال تهيمن على قدرات التصعيد.

رسالة إلى ألمانيا والغرب

وألمح مسؤولون أمريكيون سابقون إلى أن بوتين يرغب في الضغط على ألمانيا عبر عدة جبهات، ومن بينها مشروع أنبوب الغاز الطبيعي "نورد ستريم 2" تحت البحر، وكذلك على مجموعة الاتصال الثلاثية، المكلفة بمفاوضات وقف إطلاق النار شرق أوكرانيا.

ويأتي هذا التصعيد في الوقت الذي وصلت فيه العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها، وفقًا لتعليق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وكانت موسكو استدعت سفيرها في واشنطن، أناتولي أنتونوف، بعد وصف بايدن للرئيس الروسي بوتين بأنه "قاتل" في مقابلة تليفزيونية أجراها مؤخرًا.

لكن إدارة بايدن تريد الحفاظ على القنوات الدبلوماسية مع روسيا، رغم تصاعد التوترات، إذ قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه لا توجد خطط لاستدعاء السفير الأمريكي في موسكو، جون سوليفان، إلى واشنطن ردًا على قرار روسيا.

مواجهة غير محسوبة

ورأت المجلة أن أوكرانيا لا تزال تشعر بقلق شديد إزاء أي تصعيد جديد للصراع مع روسيا، بحسب مسؤولين أمريكيين سابقين، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الاعتماد على الغرب في مواجهة موسكو، حيث يبدو أن القوات المدعومة من روسيا تريد تعزيز مكاسبها شرق أوكرانيا عبر التصعيد العسكري الجديد.

وختمت المجلة تقريرها بتصريح لمسؤول أمريكي بارز قال فيه: "سيكون الأوكرانيون في موقف أفضل بالحفاظ على حالة عدم التصعيد، وأفضل الخيارات المتاحة أمامهم تتمثل في الضغط الدولي، وانتظار خروج بوتين. ولكن الاشتباك عسكريًا وإطلاق صواريخ "جافلين"، التي قدّمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، على الدبابات الروسية لن يفيد كثيرا".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

إرم نيوز - فورين بوليسي

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022