اغتيال زاده.. إسرائيل تمد يد العون لترامب وتنصب فخا لبايدن

نسخة للطباعة2020.12.01
أوليكساندر بولافين - محلل سياسي 

قُتل في 27 تشرين ثاني/نوفمبر أحد المؤسسين المفترضين للبرنامج النووي الإيراني، الفيزيائي النووي والمدير الموهوب محسن فخري زاده مهابادي، على بعد 50 كيلومترا من طهران.

صحيفة "يو إس إي توداي"، التي تنتقد بشدة ترامب، شككت في تحديد أهداف واشنطن وتل أبيب. وأشارت الصحيفة "أن العالم الإيراني، الذي تنسب إسرائيل إليه الفضل في تنظيم البرنامج النووي العسكري للجمهورية الإسلامية غير الموجود حتى الآن، قد قتل...".

أشارت الصحيفة إلى أنه: "من غير الواضح هل كانت الولايات المتحدة على إطلاع مسبق بالعملية أم لا، لكن البلدين (إسرائيل والولايات المتحدة) يعدان من أقرب الحلفاء ويتبادلان المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بإيران منذ زمن بعيد".

إم دوبوفيتس، المدير التنفيذي لمركز التحليلات في واشنطن، اعترف بوجود "تعاون مكثف بين وكالة الاستخبارات المركزية والموساد" على خلفية "علاقاتهما الوثيقة" الماضية. أكدت هذه الفكرة تريتا بارسي، المؤسس المشارك ونائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للحكم المسؤول.

صحيح أن نيويورك تايمز قررت ألا تذكّر بأنه قبل أسبوع من الجريمة، وصل وزير الخارجية الأميركية بومبيو إلى تل أبيب. أعلن سبب الزيارة الرسمية حينها على أنه لدعم "صفقة القرن"، التي بادر إليها ترامب. لكن لم يشهد أحد على ذلك، ومن المحتمل أن الضوء الأخضر أعطي حينها لعملية تصفية "روبرت أوبنهايمر الإيراني".

فور مغادرة بومبيو، قام نتنياهو بزيارة "سرية" إلى الرياض، التي لا تكره إيران أقل. حتى أن وسائل الإعلام الغربية لا تستبعد أنه خلال المحادثات مع ولي عهد العربية السعودية محمد بن سلمان، استطاع نتنياهو أن يبحث تفاصيل الاغتيال المرتقب، خصوصا وأن المملكة العربية السعودية لم تؤكد رسميا زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي.

أؤكد على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد توجه بالفعل إلى بايدن مناديا بعدم العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. 

فخري زاده هو خامس العلماء النوويين الإيرانيين الذين قتلوا  خلال العقد الأخير. 

بالنتيجة اتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء  سلسلة التفجيرات وعمليات إطلاق النار، التي أدت إلى مقتل خبيرين في عام 2010، وثالث في عام 2011 ورابع في عام 2012. إسرائيل لم تؤكد، غير أنها لم تنف تورطها في عمليات القتل هذه.

وفقا لما أشار إليه الخبراء الأمريكيون أنفسهم، يسعى دونالد ترامب لزرع "الألغام" في الحقل الجيوسياسي لبايدن. وكان الأخير قد أشار في إحدى خطاباته أنه سيعود إلى تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة. اغتيال العالم البارز في البرنامج النووي الإيراني قد يؤدي إلى تعقيد مثل هذه العودة بشكل كبير. لذا قررت إسرائيل، كما يقال ، "مد يد العون" لصديقها ترامب.

قد يؤدي هذا بلا شك إلى تعقيد أي محاولات من قبل الرئيس المنتخب بايدن لتطبيع العلاقات الأميركية مع إيران بعد توليه منصبه في كانون ثاني/يناير، حسبما ورد عن شبكة إن بي سي نيوز. 

وكما غرد رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلدت عبر تويتر: "لا يُستبعد أن يكون هذا الاغتيال الهادف جزء من المحاولات لمنع إدارة بايدن من إحياء العملية الدبلوماسية مع (إيران) والعودة إلى الاتفاق النووي".

رغم عدم وجود أدلة مباشرة على تورط البيت الأبيض في تصفية "أبو القنبلة النووية" الإيراني، لكن فلنتذكر أن اغتيال سليماني لم يعتبر جريمة هناك. 

من الملفت للإنتباه أن دونالد ترامب أعاد نشر يوم الجمعة عبر تغريدة مقال صحفي تحدث عن مقتل فخري زاده إلى جانب بعض التعليقات لكاتب إسرائيلي يُدعى يوسي ميمان، الذي أعلن أن موت فخري زاده "ضربة نفسية ومهنية خطيرة بالنسبة لإيران".

تعقيبا على هذا، يُذكر أن الصحافة الأميركية تناقش منذ أسبوعين جملة ترامب المرمية حول "إمكانية توجيه ضربة نووية إلى إيران". ولقد أكدت صحيفة نيويورك تايمز هذه المعلومات في 17 كانون أول/نوفمبر. حتى أن بعض المحللين راحوا يناقشون هذا الأمر بجدية. أولا، لأن ترامب يعتبر نفسه شخصية عظيمة، وأمثاله يتميزون بـ"الأعمال العظيمة". ثانيا، يمكن أن يستخدم ترامب الفوضى الخطيرة التي ستنجم عن استخدام الأسلحة النووية في مواجهة خسارته الواضحة في الانتخابات لإعلان حالة الطوارئ في الولايات المتحدة، رغم أن معظم المحللين يستبعدون مثل هذا الاحتمال.

مع ذلك، وكما هو معروف، أصدر الرئيس في الأيام الأخيرة أمرا بإرسال مجموعة حاملات الطائرات بقيادة حاملة الطائرات "نيميتس" إلى الخليج. تنسب وسائل الإعلام الأمريكية هذه الخطوة إلى حدث آخر: انسحاب الوحدات الأميركية من العراق وأفغانستان. لكن البنتاغون نظر بالفعل في خيارات ضرب بعض المواقع في إيران، التي يزعم ارتباطها بتطوير أسلحة نووية، الموجودة في مدينة نطنز على وجه التحديد.

وصف المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية برينان اغتيال فخري زاده بالعمل "المتهور للغاية". وحذر من أن "هذا يهدد برد قاتل وبدء جولة جديدة من الصراع الإقليمي"، ودعا إيران إلى "مقاومة الرغبة في الانتقام من الجناة المفترضين".

ردت القيادة الإيرانية بحدة على هذا الاغتيال العلني، واعتبرته عملا إرهابيا دوليا، وأقسم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بالانتقام لمقتل العالم البارز، واصفا إياه بـ "العالم البارز في المجال النووي والدفاعي في البلاد". وأعلن حسين دهقان مستشار المرشد الأعلى الإيراني: "سنضرب كالصاعقة قتلة الشهيد".

أذكر أنه بعد اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، شنت إيران هجوما صاروخيا على أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط. تبين حينها أن الدفاعات الجوية الأميركية كانت عاجزة أمام الصواريخ الإيرانية التي وصلت إلى أهدافها. ليس هناك أية معلومات حتى الآن حول كيف ومتى سوف يأتي رد طهران، على الأقل عند إسرائيل. إذ أن التحضير لرد حساس ومدهش يتطلب بعض الوقت.

أولا، هذه عملية جدية وسرية ضد خصم عسكري قوي للغاية ومدعوم من واشنطن بوضوح. ثانيا، لقد فات الأوان لمعاقبة ترامب وتربيته. ومن المرجح أن "رد" طهران مقرر في النصف الثاني من كانون الثاني/يناير. 

هذا بالإضافة إلى التعديلات التي قد تطرأ عليه وفقا للاستراتيجية الفعلية التي سيتبعها بايدن في العلاقات مع إيران. 

الأكاديمي الإيراني الكندي أراش عزيزي موافق على ذلك، إذ يقول: "أظن أن إيران ستكون حذرة في ردها وسوف تنتظر قدوم الإدارة الأميركية الجديدة". لكن من يدري؟! ...

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

المادة أعلاه تعبر عن رأي المصدر، أو الكاتبـ/ـة، أو الكتّاب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس".

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022