لا تخلو تجربة الفنانة التشكيلية الأوكرانية أولغا فيليكايا المقيمة بالسلطنة، من حضور المشهد العماني بكل تفاصيله، وما يتعلق بالإنسان وتجلياته، حيث وقع الزمان والمكان مرورا بعاداته اليومية وتقاليده غير المتناهية، وفي هذا التقرير الفني تحاول أن تقرّبنا من تلك التجربة والتي تمتزج بالكثير من المعطيات التي تأتي محملة بعطاء السفر وذكرياته..
الحالة النفسية
هنا تقربنا من أسلوبها الفني الذي تصفه بالنور، والهدوء والحنان والطبيعة والثقافة هي مصادر الإلهام الأساسية التي تمنحها شعورًا رائعًا. وتضيف في الشأن ذاته بقولها: لهذا السبب أنا لا استخدم الأسلوب الواقعي في الرسم، أنا أفضل استخدام الأسلوب الانطباعي التجريدي، لأنه يركز على الأحاسيس أكثر من الصور والأشكال والتفاصيل والألوان الصحيحة. وتشير في نفس السياق: أنا شخصيًّا أفضل اختيار الألوان التي تعكس حالتي النفسية، واختيار الأشياء التي تصاحب هذه الأحاسيس التي أشعر بها. جميع لوحاتي تحتوي على بعض الخصائص المشتركة ومن ضمنها استخدام ألوان الباستيل، والنقاط، وضربات الفرشاة الواضحة، وزخرفة أزهار، وظلال الأنثى.
تقنيات الفنون
حول تفاصيل عن الجانب التعليمي وتقنيات الفنون التي تستخدمها أولغا فيليكايا تقول: أنهيت دراسة الفنون في أوكرانيا، بعدها مرت فترة طويلة لم أرسم خلالها. قبل حوالي ثلاث سنوات عدت مرة أخرى إلى الرسم وشاركت في عدة معارض، وأخطط للحصول على شهادة الماجستير في المستقبل القريب، كما أستخدم طلاء الأكريليك بسبب طبيعته المتنوعة حيث إنه يجف بسرعة ويمكن دمجه مع وسائط أخرى ومنها المواد الهلامية ومعجون لاصق. وهذه الخصائص مهمة جدًّا بالنسبة لي لأنني أحب أن أظهر النسيج، وأشعر بأنها تضيف إلى الحجم وتجعل الأشياء أكثر واقعية. أنا أستخدم غالبًا أطياف ألوان الباستيل (الأرجواني الفاتح، والأزرق، والزهري الفاتح، واللون القرنفلي) وتعدد درجات اللون الذهبي البرونزي. عادة أختار ثلاثة أو أربعة ألوان أساسية واستخدم هذه الألوان للوحة بأكملها. أنا أعتقد أن الألوان الفاتحة مع لمسة من اللون الذهبي تعطي تأثيرًا مهدئًا، وتجعلك تشعر بالهدوء والراحة. لأولغا فيليكايا رأي بأحوال الفنون في السلطنة وهنا تقول: أرى أن الفنون في السلطنة هي حاليًّا بمرحلة التطور. وبحسب ما شاهدته حتى الآن، معظم هذه الفنون تركز على فن الخط والمواضيع العمانية مثل المناظر الطبيعية وصور الأشخاص والحرف التقليدية. لقد تعرفت على عدد كبير من الفنانين العمانيين وغيرهم، إلا أنه من الضروري تكوين المجتمع الفني، وكلي أمل بزيادة الفعاليات والفرص الفنية مستقبلًا.
عمان والعودة إلى الفن
وحول تجربتها وواقع الفن مع البيئة العمانية ضمن لوحاتها تقول أولغا فيليكايا: عُمان هي السبب الذي أعادني للرسم مرة ثانية، أنا أعشق الشعور بالسلام والهدوء الذي تتميز به هذه الدولة الجميلة، وقمت بإدخال العديد من العناصر العمانية ضمن لوحاتي. في سنة 2018 شاركت بمعرض مشترك مع الفنانة المقيمة بالسلطنة، ريبيكا نيجرينيس بعنوان «الجمال الساحر للمرأة العربية»، وكان المعرض يتمحور حول جمال المرأة، والطبيعة المتعددة الأوجه للمرأة، ومختلف الأدوار التي تقوم بها المرأة في المجتمع العصري، وأنا أرى أن المرأة العمانية تحيط بها هالة من الأناقة والكياسة وهي بالعباية والحجاب والملابس التقليدية المزركشة. وبالإمكان مشاهدة المرأة في اللوحات التي أرسمها وهي في مختلف أعمالها، المرأة والجمال، والأم الحنونة، والأخت المساندة، وصديقة العمر، والشريك القوي، والروح المحبة، وغيرها، وفي سنة 2019 باشرت برسم مجموعة جديدة من اللوحات بأسلوب توضيحي لرسم الحياة اليومية في السلطنة، وهذه هي المجموعة التي عرضتها خلال معرض عمان الدولي للفنون 2019 وأيضًا خلال معرض التصميم الداخلي عمان 2020، وحاليًّا أعمل على مجموعة الإكليل والتي تحتوي على رسومات الأزهار والورود العمانية والمناظر الطبيعية في أنحاء السلطنة.
أعمال فنية مع «كورونا»
تتحدث أولغا فيليكايا عمّا أنجزته مؤخرًا من أعمال فنية، وهنا تشير: خلال فترة الاحتراز الصحي التي مررنا بها جراء جائحة كورونا، تمكنت من استغلال هذه الفترة بفاعلية وباشرت عمل مجموعتين جديدتين، المجموعة الأولى قررت تسميتها «النهوض والازدهار» وتحتوي على ثلاثة عناصر أساسية وهي الورود والأكاليل والشعور بالصحوة، وكانت بداية هذه المجموعة بسبب حبي لرسم الزهور، حيث إن رسم الزهور بالنسبة لي يعني تزيين الحياة بابتسامة. ومنذ وقت طويل وأنا مفتونة بالمعاني التي يرمز إليها الإكليل من حيث النمو، والخلود، والحب والخصوبة. لاحقًا شعرت بضرورة إضافة العنصر البشري إلى هذه اللوحات فقمت بوضع إكليل على رأس المرأة وقمت بتوحيد العنصرين معًا تحت عنوان «الشجاعة. قصة مصورة عن المرأة التي تملك تاجها». وتتمحور هذه المجموعة حول حب الذات، والجمال النسائي وقوة المرأة، والمقصود هو القبول بالذات كما هي والقبول بالعيوب الشخصية ورعاية الإمكانيات الكامنة في داخلنا، والشعور بالتمكين و«امتلاك» تاجنا.
يرمز الإكليل إلى النمو حيث إنه في الماضي كان الإكليل يستخدم للتعبير عن الشرف والإنجاز والاحترام، وكان حكام اليونان وحكام روما يلبسون الأكاليل مثل التيجان. وأنا أضع إكليلا من الزهور على جميع النساء لإظهار البطولة وللتعبير عن الاحترام والتكريم للخصائص الفريدة التي تتمتع بها المرأة من حيث النبالة والحنان وحب الاطلاع والقوة والحرية. أنا لا أرسم الوجوه عن قصد، وكلي أمل أنه عند مشاهدة اللوحات والتعرف على الصورة التي تلمس النفس يمكن عندها للمشاهدة أن تشاهد وجهها في تلك الصورة وتتعرف على قصتها هي من خلال اللوحة. عندها سوف تتمكن هذه المرأة من إضافة وجهها وإكليلها هي على حياتها.
مجموعة «الشجاعة» هي أيضًا من خلال الأسلوب الوصفي لأنها مدمجة ضمن القصة، وفي الواقع أحيانًا أفكر بالقصة أولًا، وبعدها أرسم اللوحة. أنا أتخيل حياة هذه المرأة والبيئة التي تعيش فيها وماذا تحب القيام به وما هي شخصيتها، بعدها أقوم بتكوين اللوحة على أساس هذه التخيلات. أنا مستمرة بالعمل على هاتين المجموعتين وسأقوم بعرض جميع اللوحات الجديدة خلال شهر أكتوبر بمناسبة يوم المرأة.
صحيفة الوطن العمانية
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022