لا، لن نغرق.. أوكرانيا لا تتقن العيش بموجب قواعد التنمية طويلة الأمد

نسخة للطباعة2020.07.02

يوري بوتوسوف - إعلامي - رئيس تحرير موقع "تسينزور نت"

كل أربع أو خمس سنوات، تتكرر اللعبة الوطنية في أوكرانيا "مكافحة الفيضانات في مناطق زاكارباتيا". 

تنحدر المياه من الجبال فتجرف في طريقها المحلات المأهولة والطرق وتبدأ اللعبة.

قادة البلاد هم أول من يدخل اللعبة. هم ينقذون الناس من كارثة طبيعية "مفاجئة" أخرى. 

يطير الوزراء وتحلق المروحيات ويندفع رجال الإنقاذ، وكاميرات التلفزة يغدقون بعنايتهم وتعاطفهم الأسى.

يعد المسؤولون بأن تساعد المتضررين الخزينة، وبإصلاح كل شيء، وإعادة المأوى للجميع، وإعادة بناء كل شيء أفضل مما كان عليه سابقا على حساب صندوق الاحتياط.

من ثم تدخل السلطات المحلية إلى اللعبة، ناظرة جانبا بتواضع، وتقول إن القوة الطبيعية المدمرة جرفت كل شيء، وإنه يجب بسرعة إرسال الأموال من خزينة الدولة.

من ثم تنفجر الشبكات الاجتماعية والمجتمع. الناس يناقشون من جديد صور الغابات التي تم قطعها، والتي يستمر قطعها، ويعيد الجميع إعادة نشر صور الجذوع الكارباتية.

يأتي من بعد ذلك خبراء البيئة، الذين يقدمون تقييمات احترافية للمشكلة بمجملها، ولتغير المناخ والتدخل البشري في النظم البيئية وتلويثها بالقمامة.

من بعدها يصبح الضحايا أبطال الأخبار، فهم فقدوا كل شيء، ويستحقون الأسف الشديد، فتعلن أرقام البطاقات المصرفية والحسابات.

من ثم يعلن الرئيس عدد الأشخاص الذين أنقذوا، وعدد المنازل التي أصلحت، وكمية الأموال المخصصة، بينما يعلن مجلس الوزراء أن خطة مكافحة الفيضانات أقرت، وأنه نظر في تخصيص الأموال في ميزانية العام المقبل، على أنهم، إذا استمروا بالعمل لمدة عام آخر، سيجدون وسيخصصون جميع المليارات اللازمة.

هكذا، يتحول فشل السلطة إلى عمل فذ. وبعد أسبوعين ينحسر كل شيء وينسى، لأن الفيضانات تحدث في كل مكان، وهل هي عنا أوسع وأفظع؟ انظروا ماذا يحدث  في الدول الأخرى.

لا أحد يتحمل مسؤولية دفن المليارات التي ذهبت خلال العقود الماضية لمكافحة الفيضانات، أين ذهبت هذه الأموال؟، وهل استطاعت أن تقلل حجم الأضرار؟

لا أحد يدرس مسؤولية السلطات المحلية وهيئات الطوارئ و كيف جرى العمل الاستباقي.

لا أحد يدرس كيف تمول برامج الدولة لتوسيع هياكل الحماية، وكيف تصان محميات المسطحات المائية من أعمال البناء، وكيف يراقب النشاط الاقتصادي في المناطق المعرضة للخطر، حيث من المفترض أن تندفع المياه.

لا أحد يعقد جلسات استماع برلمانية لتقييم كيفية تغير الوضع البيئي في البلاد، وبحث ما الذي يجب فعله لتجنب الكوارث في المستقبل.

لا أحد يراقب كيفية تنفيذ قرارات مجلس الأمن القومي والدفاع ومراسيم الرؤساء بشأن حماية السكان من الكوارث الطبيعية.

لأننا في العام المقبل لن نغرق ربما.

أوكرانيا لا تتقن العيش وفق خطط بعيدة الأمد، لأنهم لا يتذكرون فيها خطط التنمية الطويلة الأمد إلا بعد وقوع الكوارث الطبيعية والصناعية والحروب، وينسونها على الفور بعد أن تغادر المصائب ووجوه الضحايا شاشات التلفزيون.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - "كوريسبوندينت"

العلامات: 
التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022