دميترو فورونكوف - خبير سياسي
لا ينبغي على السلطات الأوكرانية أن تكون ناعمة إلى هذا الحد، فتغض النظر عن تصريحات المجريين المسيئة.
قيّم وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو الحوار الدائر مع السلطات الأوكرانية الحالية بالإيجابي، مشيرا إلى أن "الحوار أسهل مع القيادة الحالية في أوكرانيا، بخلاف القيادة السابقة".
أرى أن الحوار الأوكراني المجري يتخذ سمات سياسية خطيرة للغاية مع بعض مخاطر التعدي على وحدة أراضي أوكرانيا من قبل المجر هذه المرة.
سأقتبس تصريح سيارتو: "بالنسبة لنا، نحن المجريون، حدود الدولة وحدود الأمة غير متطابقة. المجريون يعيشون على أراضي أوكرانيا، في ما يسمى بإقليم زاكارباتيا".
أولا، أستطيع أن أقول من وجهة النظر الدبلوماسية أن هذه صياغة خاطئة للغاية، وحتى مسيئة لأوكرانيا كدولة.
أولا، يحتوي البيان على شك واضح في مدى ملاءمة الحدود الحالية لدولة أوكرانيا.
ثانيا، يتضمن عدم اعتراف خفي واضح بأحد أقاليم أوكرانيا، وهو إقليم زاكارباتيا.
هذا ليس عدم احترام فقط، من وجهة نظر العلاقات بين الدول، بل ويمكن اعتباره أيضا دعوة انفصالية غير مباشرة.
لا أستبعد اهتمام المجر في حصول إقليم زاكارباتيا على وضع جمهورية مستقلة، كما كان الحال مع القرم.
بالمناسبة، أود أن أشير أيضا إلى أن وزير الخارجية المجري عبر عن هذه التصريحات في مقابلة مع وسائل الإعلام الروسية، التي تمثل دولة معادية لأوكرانيا.
أميل أيضا إلى وجود غرض سياسي من هذا يعول عليه سيارتو، وتحديدا توزيع هذه الرسائل في الفضاء الإعلامي، من خلال اهتمام الكرملين بهذه الدعاية.
كما وأشار الدبلوماسي إلى أن المجريين في زاكارباتيا تمتعوا سابقا يحق استخدام لغتهم الأم في المدارس ووسائل الإعلام والجامعات، وفي تعاملهم مع المؤسسات الحكومية، إلخ.
وفقًا لكلمة سيارتو، مهمة بودابست الآن هي استعادة الحقوق المهدورة. هذا يشير إلى أنه من غير المحتمل إيجاد تسوية مع المجريين.
أما التقييم الإيجابي لحوار وزير الخارجية المجري فيتحدث عن استعداد السلطات الأوكرانية لتقديم تنازلات جذرية.
ربما لهذا لا يجري الإعلان عن تفاصيل الحوار عمدا. ولكن توجد هنا مخاطر معينة. في حال تقديم تنازلات متعلقة بمسألة اللغة، وهي ذات خطورة بالنسبة للمجتمع الأوكراني، لأنه قد يؤدي أيضا إلى ظهور مطالبات عادلة لتوسيع الحقوق اللغوية للأوكرانيين الناطقين بالروسية؛ وهذا نصف أوكرانيا على الأقل. كما و أن التتار المبعدين من القرم يمكن أن يعلنوا عن أنفسهم أيضا.
هل تستحق هذه المخاطر المصالحة مع المجر، التي تعوق الحوار مع الناتو؟ لا حتما. أظن أنه يجب على السلطات الأوكرانية ألا تكون ناعمة للغاية فتتغاضى عن تصريحات المجريين المهينة.
وسيكون أكثر عقلانية لو اتخذ قرار بوضع السؤال على المحك، أو البحث عن حل وسط، والمجر غير مستعدة له حاليا، أو تجميد الخلاف.
بما أن مسألة عضوية الناتو ليست بالقصيرة المدى، تستطيع أوكرانيا أن تسمح لنفسها باتخاذ موقف أكثر تشددا.
بالطبع، السلطات الأوكرانية مهتمة بأية انتصارات في السياسة الخارجية بسبب انحسار شعبيتها، لكن المسألة الأهم، بأي ثمن يكون ذلك؟.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022