قراءة في عودة الوفد الأوكراني لحضور جلسات الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يقدمها الباحث السياسي موليك فلاد في مقال بموقع كوريسبوندنت، نقدم لكم أهم النقاط فيه:
أحد "إنجازات" خطة بوروشينكو (الرئيس السابق) الخماسية هو فقدان أوكرانيا لمركزها كمشارك في العلاقات الدولية.
رأينا كيف عينت واشنطن ممثلاً لوزارة الخارجية الأمريكية في المفاوضات بشأن أوكرانيا، حتى دون أن تسأل عن رأي أوكرانيا نفسها.
ورأينا كيف أجرى الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية كورت فولكر عدة جولات من المفاوضات مع مساعد الرئيس الروسي فلاديسلاف سوركوف دون مشاركة أوكرانيا.
أما بالنسبة إلى كييف الرسمية، ففي كل مرة كان يراقب بوروشينكو وشركائه حقيقة أن فولكر-سوركوف كانا يتحدثان عن أوكرانيا، وقد لوحظت نفس الصورة في عام 2015، عندما كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يجري محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
غير المعقول هو عندما تتم المفاوضات حول مصير أوكرانيا دون مشاركة أوكرانيا نفسها.
ماذا نرى الآن؟ العالم يشهد أزمة مالية واقتصادية جديدة؛ لذلك يبحث الرأسماليون الأوروبيون عن أسواق جديدة، ويدخلون في اتفاقيات تجارية واقتصادية جديدة، وفي ذات الوقت، لا تسمح سياسة العقوبات للاتحاد الأوروبي بتطوير العلاقات مع روسيا.
من الجيد للأمريكيين أن التبادل التجاري بين الولايات المتحدة مع الاتحاد الروسي ينمو كل عام، على الرغم من العقوبات، فعلى سبيل المثال، في الفترة من يناير إلى يونيو 2019 ، نمت التجارة بين الولايات المتحدة وروسيا بنسبة 14٪، وبلغت 13 مليار و800 مليون دولار.
بالنسبة للشركات الأوروبية، كما رأينا في مثال Nord Stream-2، فإن سياسة العقوبات تعني فقدان مليارات الدولارات، وخسارة السوق الروسية ودول الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي ككل، لذلك، يتغير المزاج في أوروبا، والمزيد من السياسيين والمسؤولين الأوروبيين يؤيدون رفع العقوبات والتعاون مع الاتحاد الروسي، بل هناك اقتراحات تصل إلى إنشاء مساحة تجارية واحدة.
على سبيل المثال، قال المستشار النمساوي سيباستيان كورتز صراحة في ديسمبر 2018 أن رفعا تدريجيا للعقوبات ضد روسيا أمر ممكن إذا تحسن الوضع في الدونباس، وكذلك الرئيس الحالي لألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، مؤلف "صيغة شتاينماير" (التي كانت تسمى أيضا "خطة الأبطال")، والتي تقترح تنفيذ نقاط الأمن والجزء السياسي من اتفاقيات مينسك في وقت واحد.
الحكومة الألمانية في نهاية ديسمبر 2019 وصفت صراحة العقوبات الأمريكية الجديدة بأنها تدخل في الشؤون الداخلية ("تؤثر على الشركات الألمانية والأوروبية وتشكل تدخلا في شؤوننا الداخلية").
كما هاجم الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين واشنطن، لفرضها عقوبات أمريكية على الشركات الأوروبية المشاركة في بناء نورد ستريم 2.
في هذا الصدد، يُطرح سؤال منطقي...، أين تقع أوكرانيا في هذا السيناريو؟ هل ستشارك كييف في استخدام إمكاناتها لمرور الغاز الروسي، أم ستدع "الأجانب" يقررون عنها؟
هناك شكوك كبيرة في أن السلطات الأوكرانية برئاسة زيلينسكي يمكنها حل هذه المشكلة، فالسياسة الخارجية لأوكرانيا لازال يُهيمن عليها "مسؤولون من عهد الرئيس السابق بوروشينكو"، الأمر الذي يضر الرئيس الجديد، وهذا هو السبب في أن أي رحلة خارجية لزيلينسكي تتحول إلى فضيحة بسبب الجهود المشتركة لخدمة البروتوكولات والسفارات الأوكرانية.
هناك مشكلة أخرى، هي قلة خبرة أعضاء حزب"خادم الشعب"، الذين لم يسبق لهم ممارسة عمل في أي مكان قبل البرلمان الأوكراني، وبالتالي فهم سياسيون "جدد" بالمعنى السياسي والحرفي للكلمة.
اتضح أن محاولة أوكرانيا الوحيدة للتأثير على الأجندة السياسية لأوروبا هي مبادرة ميدفيدتشوك (زعيم حزب المعارضة الموالي لروسيا) "الحوار البرلماني من أجل السلام: أوكرانيا - روسيا - فرنسا - ألمانيا".
حشد هذا الأخير دعم الرئيس الروسي، وفهم النواب الفرنسيون والألمان والروس أن الحوار البرلماني الدولي هو منصة تفاوض يقودها شخص على اتصال مباشر مع بوتين وصديقه الشخصي.
جدول أعمال "الحوار البرلماني الدولي" هو تنفيذ مينسك 1 ومينسك 2، أي أنه يتعلق أيضا بمصير سياسة العقوبات، لأن عقوبات الاتحاد الأوروبي مرتبطة بتنفيذ اتفاقيات مينسك، وفي المستقبل، ضمن منصة التفاوض هذه، يمكن مناقشة Nord Stream-2 وأي قضايا أخرى في مثلث الاتحاد الأوروبي وروسيا وأوكرانيا.
تشرح كل هذه النقاط سبب انضمام أعضاء مجلس الشيوخ والنواب ورجال الأعمال الفرنسيين وكذلك نواب البوندستاغ الألماني إلى "الحوار البرلماني الدولي". ثم ينبغي أن ينضم نواب مجلس الدوما الروسي، وبعد ذلك سيعقد "الحوار البرلماني الدولي" اجتماعا رسميا في مقر الجمعية البرلمانية الأوروبية في ستراسبورغ.
بالحكم على كيفية إعلان ميدفيدتشوك أن جميع المشاركين في "الحوار البرلماني الدولي" قريبا سيعقدون اجتماعا رسميا في ستراسبورغ، يظهر أن هناك اهتمام في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بمبادرته.
في المقابل، كما ذُكر سابقا، فإن قيادة وزارة الخارجية وسفارات أوكرانيا يقودها الجزء الأكبر من "مسؤولي عهد بوروشينكو" الذين يواصلون المسار الموالي لأمريكا.
رئيسة الوفد الأوكراني إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا هي مجرد فتاة صغيرة "لم تر شيئا في الحياة". هذا يعني أنه مع هذا النهج، تخاطر أوكرانيا بعدم سماع صوتها مرة أخرى. وبناء على ذلك، سيقرر مصير أوكرانيا بدون أبنائها في واشنطن وبروكسل وستراسبورغ وباريس وبرلين.
لذلك، هناك اتجاهات جديدة في القارة الأوروبية، ويفرض الوضع الاقتصادي الحالي البحث عن حلفاء اقتصاديين جدد والتوسع في أسواق جديدة.
الأوقات تتغير ومعها يتغير الشعور السياسي، والتساؤل المفتوح هو ما إذا كانت أوكرانيا ستجد مكانها في هذا السيناريو الجديد؟
المقال يُعبر عن رأي الكاتب ولا يُعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس"
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الإعلام المحلي
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022