البحر والطبيعة والربيع؛ كانت هي العوامل المشتركة في أعمال معظم الفنانين المشاركين في معرض "إن 2 إن" الذي افتتح بقصر الإمارات بأبو ظبي مساء الأحد الماضي، وجمع بين أعمال نحتية ولوحات لاثني عشر فنانا من فناني المدرسة الواقعية في أوكرانيا.
المعرض الذي تم افتتاحه على إيقاعات الموسيقى، مالت أعماله إلى تصوير الطبيعة التي كانت ملمحا غالبا على معظم اللوحات، فتكررت مشاهد الربيع والأرض وهي تكتسي بالحشائش والزهور في كثير من الأعمال، مثل لوحات الفنان إيهور شيبيلين الذي قدم مشاهد ربيعية، وأخرى للبحر والبيوت القديمة برومانسية العصور القديمة من خلال المفهوم الحديث للعالم.
وكذلك فولوديمير ريشتوف الذي استخدم في لوحاته تقنية الرسم بطبقات متعددة من اللون ما جعلها تبدو وكأن غلالة من اللون الأبيض الشفاف تغطي المشاهد الطبيعية التي استلهمها الفنان من أعمال الفرنسيين الانطباعيين.
بينما مزجت الفنانة كاترينا كوسيانينكو بين الطبيعة التي عبرت عنها بصور من أوكرانيا، والوجه التي استلهمت الأيقونة من عصور الباروكية الأوكرانية والنهضة الإيطالية.
وقدمت الفنانة آنا نوسينكو أسلوباً يجمع بشكل متجانس ما بين كثافة اللون وبين شفافية وخفة ووضوح الخطوط.
في حين اختارت الفنانة أوكسانا ستراتيشوك التي تعد واحدة من أساتذة الرسم وواحدة من أبرز فناني الفنون التصويرية، الفحم لترسم به مشاهد من الطبيعة الصامتة لمزهريات تمتلئ بالورود، لتكسر سيطرة الأسود على اللوحة بوردة حمراء هنا أو هناك في لوحاتها بما يعبر عن الفكرة التي تتبنها الفنانة والتي تعمد فيها إلى تقديم رؤية غير عادية لأشياء عادية.
خارج التقليدية
الأزهار والماء كانت عناصر واضحة أيضا في أعمال الفنانة تاتيانا ياغودكينا التي تعرض أعمالها في متحف الفن المعاصر ومتحف فنون تريبيليا في أوركانيا ومتحف الآثار في مقدونيا، ولكنها ابتعدت قليلا عن التقليدية لتضع بصمات خاصة بها على العمل بدت في طريق خلط الألوان واستخدامها الذي يخلق تأثيرا يفوق المشهد ويطرح رؤية فنية غير متوقعة، كما في لوحتها لغروب الشمس على سطح البحيرة، أو لوحة لقوارب ترسو على الميناء انقسمت إلى خمسة أجزاء منفصلة متصلة، ركزت فيها فقط على مقدمات القوارب ونقطة التقاء الحبال التي تربط هذه القوارب إلى المرسى.
أيضا ابتعدت الفنانة بيترو بيفزا عن التقليدية لترسم من نظرة عين طائر التي تحمل المتلقي بعيدا عن السطح الظاهر نحو عمق موضوع اللوحة ليطلع على ما لم يظهر له من نظرة عادية سريعة، فيجد نفسه في عمق البحر أو عمق التربة، وغيرها.
ورغم تنوع موضوعات لوحات الفنان هريهوري سوكيرينسكي الذي يعتبر واحداً من رواد رسم الطبيعة، إلا أن الموانئ والسفن وهي ترسو على رصيف الميناء تكررت في أكثر من لوحة في المعرض، وهو ما ربما يرجع إلى حبه للتجوال والسفر، وتميزت لوحاته بجمالها ودقة التفاصيل حتى الدقيقة منها مثل الأمواج الصغيرة التي نتجت عن تلاطم الموج على حافة السفن الراسية، والحبال التي تربطها إلى المرسى.
أجواء استشراقية
أعمال الفنان هنري ياغودكين في المعرض انقسمت إلى قسمين من حيث الموضوع وحتى الأسلوب، فقدم في القسم الأول عددا من اللوحات صغيرة الحجم التي عبرت عن مشاهد من مدن وبلدان عربية، بدت إلى حد كبير قريبة من لوحات المستشرقين، بما فيها من نظرة نمطية للأسواق والمدن العربية، حتى أنه رسم الأهرام في مصر وحولها صحراء متناهية وأمامها رجل يرتدي الزي الخليجي فوق جمل. أما القسم الثاني من لوحاته فانتقل فيه لتصوير الطبيعة الأوروبية في لوحات كبيرة الحجم تنقل فيها بين الفصول المختلفة.
كما تضمن المعرض أعمالا نحتية للفنان هينادي تيتوف عمد فيها إلى تفسير المشاهد اليومية بطريقته الخاصة مشكلاً متوازيات وجمعيات متعددة. مستخدما العديد من المواد المختلفة من الحجر إلى البرونز، ولكن وفق أسلوب منفصل لكل منها.
بينما قدم الفنان ستيبانوف كليم نيكولافيتش أعمالا غير مألوفة بأشكال مختلفة. وتظهر بوضوح عشقه للمنحوتات الواقفة والضخمة.
الجمع بين الشرق والغرب
ويسعى المعرض الذي افتتحه الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان لتقديم أعمال فناني أوكرانيا وأوروبا الوسطى إلى الجمهور العربي، بحسب ما أوضحت المؤسسة والمديرة الفنية ناتاليا موزاليفا، لافتة إلى أن المعرض يهدف إلى جمع الغرب والشرق، من خلال عرض أعمال تحمل القيم الإبداعية نفسها، تلك التي تعبر عن نوع من الفن لا يمكن تشويهه نظرا لأنه يستند إلى تقاليد عريقة ويقدم تلك التصاميم القديمة الكلاسيكية والواقعية التي بعثت إلى الحياة من جديد عبر عين الفنان.
وأشارت إلى أن معرض "إن2 إن" يقدم أعمالا فنية بارزة لفناني أوكرانيا وأوروبا الوسطى لأول مرة في الإمارات، بشكل عام، وإمارة أبو ظبي بشكل خاص.
وأضافت ناتاليا أن "الفنانين الذين نقوم بعرض أعمالهم يخلقون إرثاً حديثاً متتبعين خطى رواد الفن في أوروبا الشرقية القديمة. لقد راعينا بشكل كبير عند تقييم المجموعة اختيار الأعمال التي توازن بين الكلاسيكية الواقعية للقرن التاسع عشر مع الملاحظات الحديثة في الحاضر".
وأشارت إلى أن المعرض يهدف إلى خلق حوار بين الواقعية والحداثة من خلال تقديم مجموعة متناسقة تجمع ما بين الاثنين، كما تروج لبعض من أكثر الأعمال الحديثة المتنوعة الصادرة من أوكرانيا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، حيث تشكل هذه البلدان مثلثاً مميزاً يلتقي به الشرق مع الغرب، كما شارك الفنانون الأوكرانيون في الثورة الفنية التي اجتاحت أوروبا وقضوا معظم وقتهم في مدينة باريس، وعند حصول أوكرانيا على استقلالها في التسعينات تمكن هؤلاء الفنانون من تجربة نوع آخر من حرية التعبير، وتجاوبوا مع هذا النوع الجديد من خلال أفضل التقنيات والتصاميم؛ لافتة إلى أن المعرض استلهم أفكارا متعددة الثقافات لا تلتزم بدولة واحدة أو أخرى.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
الصحافة الإماراتية
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022