اللافت في معظم الحملات والدعايات الانتخابية الجارية في أوكرانيا تركيزها على الجانب الاقتصادي في حياة الدولة والمواطنين، إذ تطرح وتتعهد بحلول لزيادة الدخل وخفض الأسعار والضرائب، وتهدد بعقوبات تطال كل من يقف خلف انتشار الفساد والتضخم.
وينطلق هذا التركيز من وحي الواقع الذي يؤرق الأوكرانيين في يومياتهم منذ عدة سنين، حيث يقدر متوسط دخل الفرد في أوكرانيا بنحو 300 دولار، في حين يعتبر خبراء أنه لا يجب أن يقل عن 1000 دولار في ظل التضخم الذي تشهده الأسعار في البلاد.
وعود وحلول
وتختلف وعود وحلول الأحزاب والمستقلين لمشاكل الاقتصاد الأوكراني الذي يعتبر الأسوأ في أوروبا الشرقية، وذلك بحسب الميول السياسية، أو حتى الخلفيات الفكرية.
فالقوى والأحزاب الموالية لروسيا ترى في تعزيز الشراكة مع موسكو وغيرها من دول المعسكر الشرقي نهجا صحيحا لإنعاش الاقتصاد، استنادا إلى غنى تلك الدول بموارد الطاقة والإمكانيات الصناعية والزراعية وأسواق التصدير والاستيراد، إضافة إلى العلاقات التاريخية.
بل وترى بعضها أن المستقبل مرهون بالعودة إلى الماضي، ومنها الحزب الشيوعي، الذي يعد الناخبين بإعادة الدولة بأركان اقتصادها ومقدراتها إلى الشعب كما كانت إبان الحقبة السوفيتية، وبضرائب لا تزيد نسبتها عن 10% من الدخل، في حين قد تزيد عن 50% حاليا.
وبالمقابل ترى أحزاب وقوى موالية للغرب أن مستقبل أوكرانيا يرتبط مع الاتحاد الأوروبي، فتعد بعضها الناخبين "برواتب ومعاشات تقاعدية أوروبية"، ومن ذلك دخل لا يقل عن 1000 يورو، وراتب تقاعدي لا يقل عن 500 يورو، في حين يبلغ الحد الأدنى للدخل حاليا 150 دولار، ويقل عن ذلك الراتب التقاعدي بحسب مدة ومكان العمل.
تشاؤم
وتقسم هذه الوعود والحلول المجتمع قبيل انطلاقة الانتخابات المقرر إجراؤها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، بين متفائل مؤمن بمستقبل اقتصادي أفضل، ومتشائم يرى في الوعود "أكاذيبا سبقتها أكاذيب".
وقد بين استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاجتماعية في العاصمة كييف أن الغالبية العظمى تأمل بتحسن الأوضاع الاقتصادي بعد الانتخابات المقبلة، وترى أن في ذلك سبيلا للتطوير والتنمية في باقي المجالات.
كما بين أن نسبة تقارب 70% لا تخفي تشاؤمها من إمكانية أن تسهم الانتخابات المقبلة بإحداث تغيير إيجابي يرفع متوسط الدخل، ويخفض الأسعار.
وقال أندريه يرمولايف الخبير والمحلل الاقتصادي إن لتشاؤم الناس ما يبرره، خاصة وأن الوعود تلاعب العواطف، ولا تستند "غالبا" إلى أرضية تجعل تحقيقها ممكنا، سواء أكانت برامج أو خطط.
وأوضح قائلا: "كيف للحزب الشيوعي بشعبيته الضعيفة المعروفة أن يعد بأمور من شأنها قلب النظام الاقتصادي في البلاد رأسا على عقب؟، وكيف لأحزاب صغيرة ناشئة أن تعد برواتب أوروبية؟. هذا غير منطقي، ولا يمكن تنفيذه إلا في ظل ائتلافات قوية ونشطة".
استغلال
وتطرق يرمولايف إلى سبب آخر من أسباب تشاؤم الناس، فقال إن الكثير من المواطنين يشككون بمصداقية المرشحين، خاصة وأن معظمهم من رجال الأعمال، الذين يدركون أن "في البرلمان ربح كبير".
وأضاف: "الانتخابات بالنسبة لمعظم الأوكرانيين مسلسلات تكرر عرضها مرارا، فالكثير من المرشحين يستغلون حاجة وعواطف الناس للوصول إلى البرلمان، ثم يحققون مزيدا من التوسع والنمو لأموالهم وأموال أحزابهم، قبل التفكير بأحوال العامة وقدراتهم المادية، وبالتالي مزيدا من انتشار الفساد والتضخم في البلاد".
أوكرانيا برس + الجزيرة نت
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022