تعرضت روسيا إلى انتقادات حادة في جنيف أمس، خلال اجتماع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية، علاوة على اتهامات من عدة بلدان، على رأسها أوكرانيا، بأنها أقامت منذ كانون الثاني (يناير) الماضي "عوائق غير قانونية وتمييزية على التجارة". وأيدت تركيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وكندا الموقف الأوكراني.
وجاءت هذه الانتقادات على خلفية مرسوم رئاسي أصدره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أطَّرَ خلاله نقل البضائع التجارية العابرة للأراضي الروسية "ترانزيت" بأحكام جديدة: نقطتان حدوديتان فقط يُمكن استخدامهما لنقل البضائع بدلا من 25 نقطة حدودية. واشتكت أوكرانيا خلال الاجتماع بأن المرسوم يفرض صعوبات على نقل بضائعها إلى كازاخستان، وأيضا إلى أسواق أخرى مثل أسواق القفقاز، وآسيا الوسطى، والصين، وحتى منغوليا، حسب ما قاله مصدر قريب من الاجتماع.
وعن طبيعة عمل هاتين النقطتين، صرحت، دينا مارتينا، نائبة رئيس الوفد التجاري الأوكراني لدى منظمة التجارة إنه منذ كانون الثاني (يناير) الماضي قيّدت روسيا مرور شحنات البضائع من أوكرانيا إلى كازاخستان، عبر الأراضي الروسية، بالسماح فقط بعبور البضائع بواسطة الطريق البري أو السكك الحديد من نقطتين حدوديتين فقط تقعان على الحدود البيلوروسية ـ الروسية، في حين كان العبور سابقا مسموحا به من خلال 25 نقطة على الحدود الأوكرانية ـ الروسية، لكن الآن هي مسموح لها من خلال حدود بيلوروسيا فقط، وهو ما يعني عمليا فرض عقوبات تتمثل في مزيد من الكلفة والتأخير.
وطبقا للأنظمة الروسية الجديدة، فالقوافل التجارية العابرة للأراضي الروسية ينبغي أن تُراقَب بواسطة الأقمار الصناعية، وأن تكون مصحوبة بدوريات الشرطة، والبضائع بحد ذاتها يتم ختمها من قبل الشرطة التي تتولى مرافقتها.
وقالت أوكرانيا إن هذا المرسوم يُماثل فرض "حظر عبور فعلي للبضائع"، وأنه أدى إلى تقليص تجارتها نحو عدة أسواق بنسبة 60 إلى 80 في المائة خلال الأسبوعين الأولين من كانون الثاني (يناير) الماضي، دون أن تحدد ما إذا كان هذا التراجع قد مسّ حجم التجارة أم قيمتها، وهي الملاحظة التي أبداها المندوب الروسي في الاجتماع لإظهار عدم دقة البيان الأوكراني.
وقالت أوكرانيا في بيان وزعته في بداية الجلسة إن الإجراء الروسي يعني عمليا وواقعيا أن روسيا قد علّقت صفقات التجارة الحرة التي أبرمها "كومنولث الدول المستقلة" مع أوكرانيا، ابتداء من 1 كانون الثاني (يناير) 2016، وهو اليوم ذاته الذي دخل فيه اتفاق المنطقة التجارية الحرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، وهو بالأصل جزء من اتفاق الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي الأوسع نطاقا الموقع بين الطرفين قبل عام من ذلك.
وقالت أوكرانيا إن تزامن الإجراءات الروسية مع بدء تنفيذ منطقة التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي يؤكد أن الإجراءات الروسية في إعاقة تجارة أوكرانيا ناجمة من دوافع سياسية.
واعتبرت موسكو صفقة التجارة الحرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي مصدر خطر على روسيا، حسب تصريحات صريحة للمسؤولين الروس في حينه.
ويضم كومنولث الدول المستقلة كلا من: أرمينيا، أذربيجان، بيلاروسيا، كازاخستان، قرغيزستان، ملدوفيا، روسيا، طاجيكستان، أوزبكستان. الدول الشريكة في الكومنولث هي: تركمانستان وأوكرانيا. وانضمت جورجيا إلى عضوية الكومنولث عام 1994، وانسحبت عام 2008.
وأوضحت أوكرانيا أن الإجراء الروسي لا يُعلّق فقط صفقاتنا التجارية مع كومنولث الدول المستقلة، بل يفرض حظرا على استيراد منتجات غذائية أوكرانية معينة، ويفرض رسوما جمركية على بضائع أوكرانية أخرى، وهو بالتالي يوقع الفوضى ليس في العلاقات التجارية الثنائية، بل على التجارة الدولية ككل، وهو ما يتعارض مع أحكام منظمة التجارة المتعلقة بحرية مرور البضائع (ترانزيت).
بعد ذلك أشارت تركيا إلى أنها هي الأخرى ضحية لـ "ممارسات وقيود جمركية اعتباطية" من قبل موسكو طالت نحو 20 صنفا من المنتجات الغذائية والصناعية.
وقال الاتحاد الأوروبي إن هذا الموقف ينتهك التزامات روسيا أمام منظمة التجارة. وشجبت الولايات المتحدة الإجراءات الروسية قائلة إنها تفرض ضررا على التدفق التجاري العالمي، وقالت كندا إنها إجراءات تؤثر في التجارة العالمية، ووجهت بلدان أخرى، وعمليا أغلب البلدان الأعضاء، مثل هذه الانتقادات.
من جانبها، أظهرت روسيا التصاقها بقواعد منظمة التجارة، واعتبرت التعليمات التجارية التي أصدرتها لا تمثل أي انتهاك لالتزاماتها إزاء المنظمة.
وتعتزم أوكرانيا إثارة قلقها هذا أمام مجلس التجارة في البضائع، واللجنة الزراعية وغيرها من لجان المنظمة ذات العلاقة.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
وكالات
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022