في 26 أبريل/نيسان عام 1986، تسبب اختبار فاشل في محطة طاقة نووية في تشيرنوبل بأوكرانيا، التي كانت جمهورية سوفيتية وقتئذ، في انبعاث سحب كثيفة من المواد النووية فوق مساحات شاسعة من أوروبا، وأجبر أكثر من 100 ألف شخص على النزوح بشكل نهائي من المنطقة الملوثة الممتدة بين حدود أوكرانيا وروسيا البيضاء.
وبعد 30 عامًا من الكارثة، ما زال أكثر من 1.5 مليون شخص في روسيا وحدها يعيشون في المناطق التي أعلن رسميا أنها ملوثة.
وقال رشيد عليموف من جمعية السلام الأخضر، المدافعة عن البيئة «وفقا للبيانات الرسمية، يعيش 5 ملايين شخص في مناطق ملوثة بالإشعاع في روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء، ويتجاوز معدل الإشعاع في بعض تلك المناطق المستوى الرسمي المحدد للتلوث الإشعاعي، لذلك فان سكان هذه المناطق معرضون لمستوى مرتفع من الإشعاع».
وكانت منطقة بريانسك الروسية -التي كانت من في السابق منطقة زراعية مزدهرة تشتهر بالكنائس العتيقة والمناطق الطبيعية الساحرة- الأكثر تضررا من الكارثة، وما زال مستوى الإشعاع مرتفعا في هذه المنطقة وسيظل مرتفعا لفترة طويلة.
وقال عليموف «نحن نبعد نحو 200 كيلومتر عن موقع تشيرنوبل، لكن مستوى الإشعاع هنا مرتفعا وفي العديد من المناطق يصل مستوى الإشعاع لدرجة تجعل من غير الممكن استخدامها للزراعة أو غيرها من النشاطات».
ويمس الإشعاع كافة عناصر حياة السكان اليومية، في الطعام الذي يأكلونه وفي الماء والحليب الذي يحتسونه وفي المتنزهات وملاعب الأطفال، وفي الخشب الذي يحرقونه للتدفئة بمنازلهم، وهم يزرعون خضروات ويربون ماشية في تربة ملوثة بشدة، وعلى الرغم من ذلك يواصل السكان جمع فطر عيش الغراب وتناول منتجات غذائية أخرى مزروعة في المنطقة.
وقال فيكتور ستريليكوف، أحد سكان المنطقة «يأكل الجميع كل شيء، ولا يتوخى أحد الحذر، حتى الذين كانوا حذرين فيما سبق، الناس يأتون إلى هن،ا فهناك حديقتان وهناك تربة خصبة، الناس يأتون هنا حتى الأغراب، لشراء احتياجات الشتاء، إلى أن اعتاد الناس الوضع».
وفي ستاري بوبوفيتش، وهي واحدة من البلدات المتضررة من التلوث الإشعاعي، قال السكان إنه برغم تلوث الغذاء يتناوله الجميع نظرا لعدم وجود خيارات أخرى، وقالت ساكنة محلية تدعى تاتيانا «نفحص مستويات الإشعاع ونجدها تزيد على المستوى المقبول فماذا نفعل؟ هل نتخلص من الطعام؟ وماذا سنأكل؟ الجميع يريدون أن يأكلوا..أطفالنا ونحن».
وما تزال المتاعب الصحية من الأمور الأخرى الشائعة في المنطقة، حيث سببت كارثة تشيرنوبل تدهورا كبيرا في الحالة الصحية للسكان، وقال ساكن يدعى اليكسي 72 عامُا، «جميع عظامي تؤلمني، كل شيء يؤلمني، اعتاد الناس أن يتزوجوا في سن السبعين لكننا الآن نقترب من القبر».
وتلقي الذكرى الثلاثين لكارثة تشيرنوبل الضوء على الأثر طويل المدى للكارثة على البشر، وكانت الحصيلة الرسمية المباشرة للقتلى نتيجة الكارثة 31 شخصا. لكن الكثير من الأشخاص الآخرين توفوا بسبب أمراض متصلة بالإشعاع مثل السرطان، وما زالت حصيلة الوفيات الممتدة والآثار الصحية طويلة المدى محل نقاش محموم.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
رويترز
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022