لم يعرف مسلمو شرق أوكرانيا صعوبة خلال شهر رمضان المبارك كتلك التي يعانون منها اليوم، فممارسة تعاليمهم وتطبيق برامجهم لا تسير على ذلك الروتين الذي تعودوا عليه بسبب الأزمة.
استقبل مسلمو شرق أوكرانيا شهر رمضان بخبر قصف أصاب المسجد الجامع بمدينة دونيتسك، وهو واحد من أكبر وأشهر المساجد في إقليم الدونباس الذي كان يعيش فيه نحو 100 ألف تتري مسلم قبل أن يسيطر الانفصاليون الموالون لروسيا على أجزاء واسعة منه.
ثم كان للواقع الجديد وطأة هي الأشد عليهم، فالخوف والنزوح وغلاء الأسعار وحظر التجوال أسباب حرمتهم من أجواء ألفوها خلال الشهر الفضيل، وحولتها إلى شحوب وحزن واضحين في أحاديث جميع من تحدثنا إليهم.
كميل تتري مسلم يسكن ضواحي دونيتسك، قال لنا: "المواد الغذائية قلت، وخاصة "الحلال" منها، والأسعار تزيد عن مثيلاتها في باقي أرجاء أوكرانيا بواقع 3-5 أضعاف، وهذا يزيد من معاناة المسلمين هنا في رمضان".
مخاطر
ويعد حظر التجوال من أبرز الصعوبات التي يواجهها مسلمو شرق أوكرانيا في رمضان العام الجاري، والمساجد تكاد تخلو من المصلين بعد المغرب، فلا صلاة تراويح أو قيام وتهجد.
حدثنا حول هذا الأمر الشيخ سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة"، فقال: "المدن التي يسطر عليها الانفصاليون تتحول إلى مدن أشباح ليلا، لا يتجول فيها إلا من يملك تصريحات خاصة يعطيها الانفصاليون".
وتابع: "من المخاطرة أن يذهب المسلمون يوميا إلى صلاة التراويح التي تبدأ قرابة الساعة الحادية عشرة، وتنتهي قرابة الثانية عشرة، لأنهم قد يتعرضون للمساءلة، وربما القتل لا قدر الله".
ويقول د. حمزة عيسى رئيس المركز الثقافي الإسلامي في مدينة دونيتسك: "مسجد المركز هو الوحيد الذي لا يزال يفتح أبوابه في المدينة، ولكن أعداد مرتاديه في رمضان تراجعت إلى نحو 20-25 شخصا، بعد أن كانت تتجاوز 200 وسطيا".
وأضاف أن الظروف دفعتنا لتطبيق شروط على الراغبين بالصلاة والاعتكاف على قلتهم، حيث يمنع منعا باتا مغادرة المركز خلال ساعات حظر التجول، وخاصة بالنسبة للنساء.
وأشار إلى أن "إدارة المدينة الحالية" أمرت بتسهيل أمور المسلمين لأداء عباداتهم الليلية خلال رمضان، لكن المخاوف تبقى بسبب حساسية الظروف الأمنية واستمرار التوتر العسكري".
قوافل رمضانية
ومع كل ذلك، يحاول شهر رمضان المبارك أن يتمسك بالوجود في شرق أوكرانيا، ومن رحم الصعوبات والتحديات ولدت فكرة "القوافل الرمضانية" لإعادة أجواء الشهر إلى المسلمين في بعض أماكن تجمعهم.
د. عيسى قال إن مجموعة من الشبان قرروا زيارة بعض بلدات وقرى المسلمين، وإقامة إفطارات جماعية لهم، وكذلك إقامة صلاة التراويح وبعض الدروس، فتمكنوا فعلا من الوصول إلى ستة بلدات خلال الأيام الماضية، متحدين صعوبة عبور حواجز التفتيش وفتراتها الطويلة.
وأشار إلى استمرار حملة إغاثية بدعم متبرعين في دولة قطر، وهي حملة تكشف جزءا من هم وحزن المسلمين، وتدخل الفرح على قلوبهم، وإن كانت بمساعدات ومبالغ رمزية.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022