محمد صفوان جولاق - رئيس التحرير
زرنا مسجدا تم إحراقه في مدينة ساكي بإقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، ووقفت على مشاعر الحزن والغضب بين التتار المسلمين الساكنين حوله.
مشاعر كانت جلية في حديث سيد أسان إمام المسجد، الذي لم يخرج من الصدمة بعض، واقتصر كلامه لنا على التأكيد بإعادة بناء المسجد، والإصرار على كشف الفاعلين.
ومسجد ساكي هو واحد من بين مسجدين أحرقا من قبل مجهولين خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى اعتداءات طالت عددا من البيوت والأسوار التترية، في ظاهرة اختفت لشهور، وعادت لتعيد التوتر إلى الإقليم.
خلق فتنة
وفي حين دعت الإدارة الدينية لمسلمي القرم التتار إلى ضبط النفس، اتهم مجلس شعب تتار القرم - أبرز مؤسسة تترية ذات طابع سياسي في أوكرانيا – اتهم جماعات روسية لم يسمها بالوقوف خلف الاعتداءت، التي سجلت كأعمال شغب في تحقيقات الشرطة.
كما اتهم بعض وسائل الإعلام، وخاصة الروسية منها، بالكذب والتهويل، والعمل على إثارة التوتر و"فتنة عرقية" في الإقليم الذي يعيش فيه نحو 500 ألف تتري، مشكلين نسبة تقارب 20% من عدد سكانه.
وربط المجلس بين الاعتداءات ومساعي أوكرانيا لتوقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر المقبل، فاعتبر علي حمزين رئيس قسم العلاقات فيه أن روسيا باتت تلعب على وتر التعايش في القرم، لتثير فتنة اجتماعية بين فئاته، تشغل بها النظام وتقلق أوروبا، إلى جانب ممارساتها ضغوطا سياسية واقتصادية على البلاد.
ولم يستبعد أن تشهد الأيام المقبلة أحدثا استفزازية تهدف إلى زعزعة استقرار الإقليم، داعيا التتار وغيرهم من سكان الإقليم إلى الحكمة حفاظا على التعايش والوحدة.
حقوق الأقليات
وفي إطار مساعي الشراكة الأوكرانية الأوروبية، أعلن مجلس شعب تتار القرم أنه يدعم هذه المساعي للشراكة، ولتحقيق التكامل مع الاتحاد حتى الدخول في عضويته.
جاء ذلك خلال مؤتمر "قورولتاي" العام الذي اختتم أعماله يوم الأمس بانتخاب رفعت تشوباروف رئيسا خلفا لمصطفى جميلوف، وهو مؤتمر يقام مرة كل 4 أعوام لبحث أبرز قضايا التتار ومستجداتها، وانتخاب رئيس جديد للمجلس.
واللافت في المؤتمر هو مشاركة عدد من رموز وقادة المعارضة الأوكرانية، ومنهم رئيسة الوزراء السابقة المسجونة يوليا تيموشينكو، التي لم تحضر، ولكنها بعثت رسالة حثت من خلالها التتار على تأييد مساعي الشراكة الأوكرانية الأوروبية.
وبهذا الإعلان تتظافر جهود النظام مع قوى وأحزاب المعارضة لدفع مساعي أوكرانيا نحو الشركة، في حين تعارض هذه المساعي قوى وأحزاب قليلة، تقتصر على الأحزاب اليسارية الموالية لروسيا.
يقول علي حمزين: "التتار يرون المستقبل في شراكة بلادهم مع أوروبا بعدا عن روسيا، ويعولون على هذا التوجه لحل قضاياهم العالقة، كقضايا العودة من المهجر واستعادة الممتلكات، فالاتحاد يعتبر أن ضمان حقوق الأقليات معيار رئيسي للتقارب معه، وهذا يدخل الأمل إلينا".
وأشار حمزين إلى أن روسيا ليست معنية البتة بحل هذه القضايا، ضمانا لمصالحها ومصالح رعاياها في الإقليم (نحو 40% من سكانه)، وكثير منهم استقر حيث عاش وعمل التتار قبل ترحيلهم قصرا عن الإقليم أواسط القرن الماضي.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022