تتار القرم يحيون ذكرى "تهجير" 1944 مع ألم "احتلال" 2014

نسخة للطباعة2016.05.20

صفوان جولاقرئيس التحرير

قسمات وتعابير وجهه تحكي هموما كبيرة وكثيرة حملها في حياته، وتقدم عمره الذي ناهز السابعة والستين لم يمنعه من قطع مئات الكيلومترات لإحياء ذكرى هي الأكثر ألما بالنسبة له ولغيره من تتار القرم.

حاملا العلم التتري، وهاتفا: "الأمة – القرم – أوكرانيا"، مشى إسماعيل بخطوات مثقلة في ميدان الاستقلال وسط العاصمة كييف، الذي شهد يوم الأمس مظاهرة أحيا فيها المئات من التتار والأوكرانيين الذكرى 72 للتهجير القسري الذي تعرض له التتار عام 1944 من قبل نظام حكم الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين آنذاك.

إسماعيل: الذكرى محفورة في داخل كل تتريتنهد إسماعيل كغيره من التتار الذي يتحدثون عن التهجير، وقال لنا: "ذكرى التهجير محفورة في داخل كل تتري، ولدت في العاصمة طشقند، ولازلت أذكر كيف كان حديث الكبار دائما حول القرم؛ حول رحلة التهجير، وعربات الحيوانات التي وضع الناس فيها، ووحشية الجنود الذين ألقوا الجثث من عربات القطار أثناء الحركة".

"التهجير شرد الأسر، وأدى إلى مقتل وفقدان كثير من أفرادها، لكن كثيرا من التتار حرصوا على الوحدة في دول المهجر، وعلى زرع حب القرم فينا. كانت العودة بالنسبة لي حلما ينهي مأساة الغربة، حتى وإن تعامل الأوزبكيون معنا بكل لطف ومودة"، أضاف إسماعيل.

وهنا يقول رستم، وهو فنان تشكيلي تتري: "أراد السوفييت أن يقضوا علينا، فركزوا في المهجر على محاربة ثقافتنا، لكننا حافظنا على وجودنا بحمايتها من الذوبان، فذابوا هم، وبقينا نحن، وسنبقى مادمنا متمسكين بهويتنا وأرضنا وديننا".

ألم الاحتلال

إحياء الذكرى جبل للعام الثاني بألم جديد حل بالتتار –كما يصفونه-، وبات العام 2014 عنوانا جديدا لمأساة "الاحتلال"، في إشارة إلى ضم روسيا القرم إلى أراضيها.

صور تتار مختطفين ومعتقلين كانت حاضرة يوم الأمس، وشعارات تؤكد على أوكرانية القرم ورفض الاحتلال الروسي له، وكذلك كل الخطابات التي ألقتها الرموز السياسية والاجتماعية والدينية المشاركة، وحتى أشعار الأطفال المشاركين.

إسماعيل وغيره يتجنبون الحديث عن واقع القرم خشية الملاحقة، فسلطات القرم منعت التتار من إحياء ذكرى التهجير للعام الثاني على التوالي، ومن المشاركة بأي تجمع أو نشاط يدل عليها.

وكانت السلطات قد نفذت حملات دهم لعدة مساجد وبيوت هناك خلال شهري نيسان/أبريل الماضي وأيار/مايو الجاري، واعتقلت ثم أطلقت سراح العشرات منهم بحجج تتعلق بالإرهاب والانتماء لتيارات إسلامية متطرفة.

كما حظرت السلطات الروسية في القرم نشاط "مجلس شعب تتار القرم"، وصادرت مبناه الرئيس، بحجة أنه "غير مرخص"، ويعمل ضدها، في إجراء وصفه قادة المجلس بأنه يهدف إلى بث الرعب والخوف بين التتار، وإلى ملاحقتهم "كخونة"، كما فعل السوفييت.

"جمهورية التتار"

واللافت في مظاهرة الأمس أن التتار والأوكرانيين حملوا بشدة على الخطباء من المسؤولين المكلفين بملف القرم، وهتفوا ضدهم بعبارات "العار – العار"، لكنهم انقسموا إزاء إعلان توجه أوكراني جديد، يهدف إلى منح القرم صفه "جمهورية شعب تتار القرم"، بدلا من صفة "جمهورية القرم".

كلا "الجمهوريتان" ستكونان تابعتان لأوكرانيا في إطار نظام فيدرالي، لكن انقسام التتار والأوكرانيين جاء إزاء التوقيت والهدف من هذا التوجه.

الشاب إلفير قال إن ذلك سيحشد الدعم الدولي لقيام جمهورية تتار القرم التابعة لأوكرانيا، وسيشجع التتار أنفسهم على العمل في سبيل إقامة دولتهم على أرضهم بعد تحريرها من المحتل الروسي.

لكننا سألنا الشابة الأوكرانية مارينا عن رأيها، فقالت: "أمر جيد، لكنني أشعر أن أوكرانيا تريد منه رفع يدها عن قضية القرم شيئا فشيئا، وتركه للمجتمع الدولي وللتتار العاجزين عن فعل أي شيء عمليا"، على حد قولها.

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

أوكرانيا برس - الجزيرة

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022