لأجل التقارب مع أوروبا، قامت الثورة البرتقالية الأوكرانية في 2004، واشتعلت كييف احتجاجا في 2013، ثم احتلت روسيا القرم محاربة لهذا الخيار في 2014، وأشعلت شرق أوكرانيا بحراك انفصالي قتل الآلاف.
لكن العام 2015 حمل بوادر أمل لافتة ومتسارعة بعين الموالين للغرب في أوكرانيا، وخطوات عملية على طريق التقارب مع الاتحاد الأوروبي، كما يرى المسؤولون الحاليون الذين طالما أكدوا على "الخيار الأوروبي لأوكرانيا" بعدا عن روسيا.
المفوضية الأوروبية وافقت الجمعة إيجابا على تنفيذ أوكرانيا لخطة العمل بشأن إلغاء التأشيرات مع الاتحاد الأوروبي، وجاء في تقرير لها أن أوكرانيا استوفت جميع المعايير اللازمة بشأن إلغاء نظام التأشيرات، وأنها ستقدم اقتراحا لتعديل لوائح الاتحاد الأوروبي مع بداية العام 2016.
وقبل ذلك وقعت أوكرانيا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية للشراكة الاقتصادية، وأعلنت اللجنة المشتركة أن اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين ستدخل حيز التنفيذ مع مطلع العام المقبل.
نصر أم سراب؟
المسؤولون الأوكرانيون، وعلى رأسهم الرئيس بيترو بوروشينكو، يسوقون هذه الإجراءات كنصر، لكن آخرين لا يرون فيها إلا سرابا غير واضح المعالم.
بوروشينكو اعتبر أن التقارب مع أوروبا سيزيد من "سلطة واحترام جواز السفر الأوكراني، وسيرفع جاذبية الجنسية الأوكرانية"، مضيفا أن تحرير نظام التأشيرات مع الاتحاد الأوروبي سيسمح للأوكرانيين بالسفر دون تأشيرة إلى 57 بلد آخر.
لكن أندريه بوزاروف خبير العلاقات الدولية قال لنا إن "إلغاء نظام التأشيرات خطوة هامة على عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، ولاشكا أنها خطوة إيجابية، رغم أنه يسمح للأوكرانيين بالسفر لمدة لا تزيد عن 3 أشهر خلال 9 أشهر، ولا يعطيهم الحق بالعمل وممارسة النشاط التجاري".
واعتبر الخبير أنه من السابق لأوانه الفرح باتفاقية التجارة الحرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، لافتا إلى "نظام الحصص التجارية"، فقال إن كثيرا من الدول الأوروبية ترتبط بعلاقات تجارية كبيرة مع روسيا، وهذا قد يكون عائقا مباشرة أمام فرص تغلغل التجارة الأوكرانية في أوروبا، والعكس.
وأضاف أن "الاتفاقية ستضع البضائع الأوكرانية في معترك جديد مع أسواق جديدة مليئة بالمنافسين، ولديها شروط جودة معينة، بل قد تنعكس سلبا على السوق المحلية، تماما كما انعكست على العلاقات التجارية مع روسيا".
الموقف الروسي
وبالفعل، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام مرسوما يقضي بوقف العمل باتفاقية التجارة الحرة مع أوكرانيا اعتبارا من بداية العام القادم.
موسكو ترى أن التجارة الحرة بين أوكرانيا وأوروبا ستؤدي إلى تدفق البضائع الأوروبية إلى السوق الروسية بصورة غير شرعية عبر أوكرانيا، ما قد يضر بالاقتصاد الروسي، وذلك كون المنتجات الأوكرانية تتمتع في السوق الروسية بميزة تفضيلية، إذ يتم إعفاؤها من الرسوم الجمركية.
بوروشينكو علق على القرار الروسي بالقول إن "أوكرانيا على علم بهذه القيود، والضرر المتوقع أن يلحق بالاقتصاد الأوكراني، لكننا مستعدون لدفع هذا الثمن من أجل حريتنا وخيارنا الأوروبي".
بوزاروف رأى أن "سحب أوروبا للبساط الأوكراني من تحت روسيا سيزيد العلاقات بين موسكو وكييف تأزما، وسيدفع الأولى لاتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية بحق كييف، ولا أستبعد أن تفرض روسيا تأشيرات على دخول الأوكرانيين قريبا إلى أراضيها مثلا".
وتوقع بوزاروف أن تكون خسارة روسيا لأوكرانيا المجاورة سببا لمزيد من توتر العلاقات بين موسكو وكبرى العواصم الأوروبية، لأن جنوحها نحو الغرب هو أصلا من خلق التوتر قبل عامين.
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
أوكرانيا برس - الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022