في الوقت الذي تواجه فيه أكبر دولتين مصدرتين للحبوب في العالم -- وهما الولايات المتحدة وروسيا -- جفافا تسبب بالفعل في دفع أسعار القمح والذرة إلى بلوغ ارتفاع قياسي منذ عام 2008، أصبحت ارتفاع تكاليف الحبوب مصدر قلق عالمي متزايد.
وفي أوكرانيا، وهى دولة رئيسية مصدرة للحبوب في منطقة البحر الأسود، أجبرت موجة الحر الخبراء على خفض تقديراتهم لمحصول الحبوب هذا العام، الأمر الذي قد يؤثر في المقابل على الأسعار العالمية للحبوب.
تغير المناخ
فقد ضرب جفاف شديد مناطق زراعة الحبوب في أوكرانيا، ووصلت خلاله درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية، ولاسيما في المناطق الجنوبية الشرقية، والشرقية منها. ومن المتوقع أن تخفض الحكومة الأوكرانية هدف ناتج المحاصيل في البلاد للعام الجاري.
وذكر خبراء الأرصاد الجوية في أوكرانيا أن الجفاف وموجة الحر اللذين يجتاحان أرجاء البلاد قد يكونا من آثار الاحترار العالمي.
وقالت نتاليا جولينيا نائبة رئيس إدارة الأرصاد الجوية في مركز توقعات الأحوال الجوية الأوكراني إن الاحترار العالمي خلف بالتأكيد تأثيرا ملحوظا على الجفاف في أوكرانيا. وإن الموجة الحارة القادمة من الجنوب الشرقي والجنوب الغربي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة فيها.
وقالت جولينيا: "لقد سجلنا ضغطا مرتفعا في الغلاف الجوى هذا الصيف. ومن ثم، فقد ظلت الكتل الهوائية في الجو بدلا من أن تسقط على الأرض، ما أحدث هذا الطقس الجاف".
لا خطورة
وأنعش هذا الجفاف الشديد ذكريات أزمة الحبوب التي شهدتها أوكرانيا في العام 2010، عندما رفعت البلاد القيود على صادرات القمح والشعير.
ولكن الخبراء الزراعيين المحليين أكدوا أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين حجم هذين الحدثين، قائلين إن الجفاف هذا العام سيؤثر بشدة على إجمالي غلة المحاصيل في أوكرانيا.
وقالت تتيانا آدامينكو رئيسة إدارة الزراعة بمركز توقعات الأحوال الجوية الأوكراني: "سنحقق محصولا طبيعيا للغاية هذا العام. فبالرغم من أن الجفاف أثر على المحاصيل في المناطق الجنوبية الشرقية والشرقية، إلا أن المناطق الغربية والشمالية حققت غلة جيدة جدا من المحاصيل".
ولم تحدد آدامينكو إجمالي حجم الخسائر في المحاصيل، ولكنها أكدت أن قرابة نصف المناطق الزراعية في أوكرانيا عانت من طقس حار على نحو غير معتاد.
وقالت إن الجفاف سيكون له تأثير سلبي على غلة البطاطس والذرة، مضيفة أن موجة الحر كان لها تأثير ضئيل على محاصيل الحبوب التي نضجت بالفعل.
وأضافت آدامينكو أيضا أن جودة الحبوب هذا العام ستكون جيدة جدا، نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وأوضاع الرطوبة. إذ ستحتوى الحبوب على الكثير من البروتين نتيجة الطقس الجاف خلال عملية النضج. وتتمتع الحبوب عالية البروتين بجودة عالية جدا.
وقالت إن مركز توقعات الأحوال الجوية في أوكرانيا يتوقع أن يصل إجمالي حجم المحاصيل في البلاد إلى 43 مليون طن، مقارنة بـ 45.3 مليون طن وفقا لتقديرات الحكومة.
توقعات السوق
وقال خبراء محليون إن الأسعار المحلية للحبوب في أوكرانيا ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي في أوكرانيا.
ورغم تفاؤل الحكومة إزاء جني محصول جيد، إلا أن الأسواق تتوقع الآن أن تظل أسعار القمح والشعير والذرة في أوكرانيا مرتفعة طوال عام التسويق الحالي الذي سينتهي في 30 حزيران/يونيو 2013.
وصرح ميكولا فرنيتسكي رئيس شركة البحوث "برواجرو" ومقرها كييف بالقول إن الجفاف في روسيا والولايات المتحدة يتسبب في ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب، وإن أسعار الحبوب في أوكرانيا متصل بشكل مباشر بالسوق العالمية. ونظرا للجفاف الذي تعانى منه، يمكن القول أن الأسعار سترتفع على نحو أكبر لتؤثر بشدة على السوق العالمية".
وأشار المحللون إلى أن أوكرانيا شهدت حصادا جيدا وانخفاضا في الأسعار العام الماضي. ومن المتوقع الآن أن تظل الأسعار مرتفعة بسبب انخفاض المحاصيل. وعلاوة على ذلك، سيعطى ارتفاع جودة الحبوب في أوكرانيا هذا العام دفعة للأسعار .
ويتفق معظم الخبراء على أن أسعار الذرة الأوكرانية سترتفع بما يتراوح بين 20 و25% على الأقل بسبب انخفاض المحاصيل. وسيكون لهذا تأثير ضخم على السوق العالمية، حيث تعد أوكرانيا ثالث أكبر مصدر للذرة في العالم.
شينخوا
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022