بقلم: فادي الشريف - كييف
العلم هو الطريق الوحيد لفهم وإدراك ما يجول حولنا من قضايا تعصف في هذا الزمان، وطلب العلم وإكمال الطريق هو المبتغى للوصول إلى الحقيقه المرادة، لنعرف ما هو الصواب وما هو الخطأ في الواقع الذي نعيش فيه.
بطلب العلم تخدم بإذن الله دينك وأمتك ومجتمعك، وكم هم الشباب الذين تمنوا أن يكونوا مثلك ولكن الخيار وقع عليك (والله واسع عليم)، وأنت - بمشيئة الله -تعالى أهل لذلك التكريم وتلك المكانة، منحك الكريم أرفع الدرجات، وحقق لك أسمى الأمنيات.
صاحبي الغالي، كم من شاب ذهب مبتعثا للدراسة إلى بلدان مختلفة؛ ورجع بأعلى الشهادات فنفع الله به العباد والبلاد (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ).
أتى من تلك البلاد بخير ما عندهم، ونبذ وألقى شرّ ما عندهم؛ بل لم يقربه أصلا، ولله الحمد والمنة فكم نفرح به، ونرفع به رأساً.
تراه أول ما يهبط إلى أرض الغربة يبحث عن المساجد، والمراكز الإسلامية علّها تكون سببا في حفظ دينه، وتثبيت قدمه على عقيدته وإيمانه وأخلاقه، فالإنسان ضعيف بنفسه قويٌ بمن معه من المؤمنين، يقول الله سبحانه مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُاونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
ترى ذلك الشاب بعيداً عن مواطن الفتن ما ظهر منها وما بطن، حريصًا كل الحرص على دينه، وإيمانه وسمعة وطنه، فلا يزيغ كما يزيغ أصحاب الشهوات، ولا يغلو كما يغلو أصحاب الفكر الضال بل هو معتدل يحب الله ورسوله، ولا يلهو مع من يلهو مع من يلهو من المنحرفين، فمثل هذا الشاب دعني ـ بالله عليك ـ أقبل رأسه الأزهر، وفكره النير، وعلمه الساطع .
وإني إذ أعرض لك هذا المثال والأنموذج أعلم يقيناً ما تحمله من خلق رفيع وأدب عالٍ، أسأل الله أن يثبتك ويزيدك من فضله.
وكم والله يحزنني ويملأ قلبي أسىً ذلك الشاب الذي نسي الهدف، الذي من أجله تغرّب وسافر وواجه الصعاب، فغرّه الشيطان فكان من الغاوين (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا)، فلم يرجع إلا بالخيبة والعار، فطالما وجدناه في الملاهي، ودور السينما، والشواطئ وغيرها من أماكن اللهو والضياع، أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين.
أخي العزيز: إن المؤمن ليراقب الله في خلوته، وإن الخلوة صورة واضحة لحياة البرزخ، فمن أراد في برزخه الروضات والعيش في الجنات فليحسن في خلواته (إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)، ومن أراد غير ذلك فله ما أراد والله له بالمرصاد.
وإن الغربة لخلوة في الحقيقة، فاللهَ أسأل أن يجعلك من العارفين لعظمته المعظمين لحرماته، الواقفين عند حدوده، المتقين له سبحانه، وأذكرك بقول خالقك: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ) أسأل الله أن يرعاك في غربتك، ويردك لنا سالماً غانماً، عالي الرأس أزهر الجبين تحمل العز والشرف والعلم النافع؛ فنحن والله في شوق إلي وفي نهايه الكل فينا له هدف يريد تحقيقه ويريد ان يكون هو المميز فيه أو في أي شي آخر .
فنحن نعلم أن الهدف الأول لنا نحن المغتربين هو إنهاء الدراسه ورجوع إلى بلداننا، حتى نكمل دورنا في إنشاء جيل او إنماء البلد الذي نعيش فيه والوطن الأصلي لنا.
وفي باب آخر، فللأهل علينا حق في مجهود، ليرفعوا رؤسنا عاليا فينا وبعلمنا لأنه لم يذهب تعبهم مع الريح بل أثمر ثمارا ناجحة.
هذا ما يمليه علينا ضميرنا وضميري، لنبتعد عن كل ما يلهينا عن مبتغانا، فالأعوام تمضي بسرعة، ولنضع بصمتنا في هذه الحياة، وليكن لنا فيها ذكرا خالدا كما كان للذين من قبلنا في هذا العلم او في أي شئ يفي بلغرض.
ضمير الإنسان هو الحكم الفصل في أنفسنا وهو الموجه لنا، فلا نترك الأمور الى الحظ بل إلى الاجتهاد.
مركز الرائد الإعلامي
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022
التعليقات:
(التعليقات تعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي "أوكرانيا برس")