إلى جانب الحرب.. معركة ضارية مع الإيدز في شرق أوكرانيا

نسخة للطباعة2017.07.26

في ظل حرب طاحنة متواصلة في الشرق الأوكراني منذ ثلاث سنوات، يخوض بعض الأوكرانيين معركة ضارية ليس مع الخصم المسلّح، وإنما مع مرض الايدز. 

ومن هؤلاء النشطاء في مكافحة هذا المرض القاتل ناتاليا غوروفا المسؤولة عن برنامج لتوزيع الحقن النظيفة على مدمني المخدرات والواقيات الذكرية على عاملات الجنس، في مدينة لوغانسك، أحد معاقل التمرد في الشرق الأوكراني.

وهي بعملها هذا تتصدّر صفوف المتصدين لانتشار الأمراض المعدية ومنها الايدز، في منطقة قوّضت الحرب نظامها الصحي وصعّبت إمكانية الحصول على علاجات.

وتقول ناتاليا غوروفا العضو في الجمعية الأوكرانية للصحة العامة، وهي منظمة خيرية: "كل شيء يزداد سوءا" هنا.

في الظروف الصعبة في ظل الحرب، ما زالت ناتاليا قادرة على تشغيل برنامجها، لكن مع بعض العقبات مثل عدم توفر مادة ميتادون التي تعطى لمدمني المخدرات بدلا من المواد المخدرة الشائعة. فالسلطات في المناطق المتمردة تمارس سياسة متشددة إزاء مكافحة المخدرات لا تتيح العلاج عن طريق المواد البديلة.

وبسبب غياب المواد البديلة، انتقل أكثر من 900 متعاطي مخدرات في المنطقة إلى بدائل صناعية، وهو ما سبب ارتفاعا كبيرا في انتقال الأمراض المعدية.

وتقول غوروفا: "هناك إصابات إضافية بالايدز بين متعاطي المخدرات ومن الصعب الوصول إليهم".

ولاحظت الناشطة أيضا ارتفاعا في عدد عاملات الجنس في "المنطقة الرمادية" على طول الجبهة. فهناك "لا يوجد عمل ولا مداخيل، فلا يبقى لكثير من النساء سوى هذا الخيار". 

ويصطدم تزويد تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين بالواقيات الذكرية وغيرها مما يمكن أن يخفف انتقال الأمراض المعدية، ببعض الصعوبات، منها المرور بين حواجز التفتيش لطرفي النزاع، والحدود الروسية ذات الحراسة المشددة.

قبل اندلاع النزاع في نيسان/ابريل من العام 2014، سجّلت في الشرق الأوكراني موجة انتشار لمرض الايدز هي الأسوأ في أوروبا الشرقية.

رغم ذلك حقق البلد تقدما في مكافحة المرض بفضل سياسات صحية متقدمة سمحت بتقليص عدد الإصابات ولاسيما بين متعاطي المخدرات.

لكن الحرب التي اندلعت في الشرق قوّضت هذا التقدّم مع الأضرار التي لحقت بالمستشفيات وهجرة الأطباء والشحّ في الأدوية.

رغم ذلك، تمكنت المنظمات الدولية من تجنيب المنطقة كارثة إنسانية في العام 2015، إذ توسّطت بين السلطات في كييف والمتمردين في الشرق لتأمين وصول المواد الغذائية والمضادات الفيروسية لآلاف المرضى في مناطق الشرق، إضافة إلى رصد أموال لمكافحة المرض.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يبلغ عدد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الايدز) في الشرق الأوكراني الذين يتلقون علاجا عشرة آلاف.

وإذا كانت الوساطات لتأمين العلاجات الضرورية قد أتت بثمارها، إلا أن الوضع ما زال مأسويا في ما يتعلق بالوقاية من الإصابة بالمرض. 

ويقول ايغور بيروغوف الطبيب في أحد مستشفيات دونيتسك معقل الانفصاليين الموالين لروسيا إن الحاجات التي تفرضها الحرب قوّضت جهود مكافحة الإدمان.

ويقول: "معظم مرضانا ارتدوا الزي الحربي وحملوا السلاح وانخرطوا في النزاع" إلى جانب المتمردين، "ومنهم من يقول صراحة إنه يتعاطى في زمن الحرب كمية من المخدرات أكبر من تلك التي كان يتعاطاها في زمن السلم".

وفي موازاة ذلك، منعت السلطات الأوكرانية المواد البديلة عن المخدرات عن مناطق التمرد.

ويقول بافلو سكالا من تجمع الصحة العامة في كييف: "في الوقت الذي تبدو فيه الحالة الصحية إلى تدهور في مناطق التمرد، يُسجّل تحسّن في باقي مناطق البلاد في هذا الشأن"، مع تراجع عدد الإصابات الجديدة بفيروس الايدز.

لكن الخبراء يحذرون من خطر ألا يقتصر التدهور على الشرق، بل أن يتسع ليشمل كل مناطق البلاد.

ويقول سكالا: "الجنود على خطوط التماس يمكنهم أن يضبطوا الجبهة، ولكن لا يمكنهم أن يضبطوا انتشار الأمراض في البلد".

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

AFP

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022