لم يكن أحد من المحللين أو المراقبين وغيرهم يتوقع أن تسير العلاقات الأوكرانية الروسية نحو التوتر بعد وصول نظام حكم موال لروسيا في أوكرانيا إلى سدة الحكم في مطلع العام 2010.
ولكن التوتر بات سيد الموقف بين البلدين بسبب أسعار الغاز الذي تبيعه روسيا لأوكرانيا، حيث تطالب كييف بتخفيضها دون 200 دولار عن كل ألف متر مكعب، وتتمسك موسكو ببقائها على نحو 450 دولارا.
وبلغ التوتر مرحلة هدد فيها الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش باللجوء إلى التحكيم الدولي في غرفة ستوكهولم التجاري إذا ما فشل الحوار مع روسيا لإقناعها بخفض الأسعار.
ودعا يانوكوفيتش قبل يومين القادة الروس إلى التحلي "بالحكمة" لإيجاد حل للأزمة، مضيفا أن التحكيم الدولي خيار يحقق مطالب أوكرانيا بعد استنفاذ جميع الفرص الأخرى.
قلق أوكراني
وتثير أزمة أسعار الغاز قلق السلطات والشعب في أوكرانيا التي يعتبر الغاز الروسي شريان حياتها الاقتصادي الأول، وتستورد من روسيا نحو 70% من حاجتها منه (نحو 40 مليار متر مكعب).
ويزيد من هذا القلق افتتاح روسيا خط "نورد ستريم" قبل يومين خطا جديدا لنقل الغاز إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، الأمر الذي يهدد بتراجع كميات الغاز المنقولة عبر الأراضي الأوكرانية، التي تقدر بنحو 112 مليار متر مكعب، وتدر على اقتصاد أوكرانيا ما يقدر بنحو 200 مليون دولار.
كما يزاد القلق سعي روسيا للهيمنة على سوق الطاقة في أوكرانيا، من خلال سعيها لدمج شركة "نفط غاز أوكرانيا" الأوكرانية مع العملاقة "غاز بروم" الروسية، وكذلك سعيها لشراء أنابيب نقل الغاز الأوكرانية التي تنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا.
وكان الرئيس الرئيس الروسي ميدفيديف قد دعا أوكرانيا مطلع الشهر الجاري إلى تقديم اقتراحات "نافعة"، مشيرا إلى أن موسكو تأمل اقتراح بيع منظومة نقل الغاز لروسيا مثلما فعلت روسيا البيضاء، معتبرا أن ذلك حل عادل، ورفضه "يدل على عدم فهم الجانب الأوكراني لقواعد الحياة السياسية والتعامل الدولي".
وقال أندريه يرمولايف رئيس مركز "صوفيا" للدراسات الاقتصادية إن أزمة أسعار الغاز الراهنة هي أزمة اصطنعتها روسيا للضغط على أوكرانيا بهدف منعها من الدخول في وحدة جمركية مع بعض دول الاتحاد الأوروبي، والتقارب مع الغرب بشكل عام.
وقال إن هذه الأزمة باتت قضية سيادة أو ذل وتبعية لروسيا، فهي تقترح علنا الاستحواذ أو الشراكة مع أوكرانيا في أبرز موارد اقتصادها، ولذلك أعتقد أن حلها لن يكون سهلا وسريعا.
إمدادات أوروبا
وعلى صعيد آخر أشار الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في حوار أجرته معه شبكة يورونيوز أمس أن إمدادات الغاز الروسي نحو أوروبا تعتمد على أوكرانيا التي وقعت اتفاقية مع روسيا لاستيراد ونقل الغاز في العام 2009، التي تحاكم بشأنها رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو.
وقال: آمل أن خبرة الأعوام الأخيرة التي اكتسبها شركاؤنا وأصدقاؤنا القريبون علمتهم أنه لا يمكن إلغاء المعاهدة السارية المفعول حتى إذا لم تعجبهم.
يقول يرمولايف إنه يصعب التكهن بمصير إمدادات الغاز الروسي نحو أوروبا في ظل أزمة مع ناقلته أوكرانيا، لكن الأزمة تهددها، ولا شك أن ثمة مخاوف أوروبية غير معلنة من أن يتكرر سيناريو انقطاعها كما حدث في بداية 2009.
أوكرانيا برس + الجزيرة نت
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022