"أحب ذلك الذي تحبه أنت وتؤمن به...، فدعنا نتفاهم ونحترم ونحب بعضنا…"؛ كلمات لعلها تلخص مغزى حملة ثقافية مستمرة، شهدتها -حتى الآن- مراكز وشوارع عدة مدن في أوكرانيا.
"أحب المسيح لأنني مسلم" حملة بدأت بمبادرة عدة شبان وشابات مسلمات، فجاءت على شكل نشاط ليوم واحد في العاصمة كييف قبل أسابيع، لكنها سرعان ما توسعت وانتشرت في باقي مدن أوكرانيا، قبل أن يصبح لها داعمون في الداخل والخارج.
يجوب المشاركون شوارع مراكز المدن، فيتحدثون إلى العامة عن مكانة عيسى المسيح -عليه السلام- لدى المسلمين، ثم يصل الحديث في نهايته غالبا إلى التعريف بالإسلام، انطلاقا من نقاط التماس والعوامل المشتركة التي تجمعه مع المسيحية وباقي الأديان.
ومن وسائل الحملة أيضا خيام وأعلام ترفع في أيام العطل شعار "أحب المسيح لأنني مسلم" أو "محمد رحمة للعالمين"، إضافة إلى توزيع كتب ومنشورات تعريفية خاصة؛ وقد اهتمت عدة جامعة بهذه الحملة، فدعت منظميها لإلقاء دروس حولها أمام الطلاب.
نأتيهم نحن
رغم الشهرة والانتشار، قد لا تتعد الحملة إطار المألوف في الحملات التعريفية بالإسلام، لكن ما يميزها هو ما نتج عنها من أثر وفعاليات رديفة.
الداعية طارق سرحان حدث الجزيرة نت عن ميزات هذه الحملة، فقال: "هي حملة موجهة لغير المسلمين في ظاهرها، لكنها معنية بالمسلمين أيضا"، مشيرا إلى سلسلة من الدروس والمحاضرات التي نظمت خلال الأسابيع الماضية، لتوعية المسلمين بأهمية إبراز النقاط المشتركة مع الغير، تمهيدا للحوار معهم.
ويقول سرحان: "من خلال الشارع وفيسبوك وإنستغرام، وصلنا إلى جمهور يضم العامة والمثقفين، وانضم إلينا شباب غير مسلم، أعجب بفكرة الحملة وأهدافها، خاصة وأن الكثيرن لا يعرفون عن أوجه الشبه والاختلاف بين الأديان".
وأشار إلى تفاعل عدة جامعات ومدارس أيضا، بعضها مسيحية، دعت المنظمين لإلقاء محاضرات أمام طلابها، أو نظمت زيارات إلى المساجد والمراكز الإسلامية؛ هذا بالإضافة إلى المكتبات الحكومية العامة، التي أبرزت اهتماما بوجود كتب إسلامية موثوقة المصدر لديها.
ويرى سرحان أن في مثل هذه الوسائل الحديثة (فلاش موب - مواقع التواصل - وغيرها) أثر أكبر مع انشغال الناس المتزايد بهموم الحياة، وانحسار الأوقات، مضيفا: "نفرغ أنفسنا ونأتيهم نحن، وبعضهم يعبر عن قناعته ويعتنق الإسلام في الشارع، على على سجاد المسجد".
تعاطف وتساؤل
ويشير القائمون على الحملة وداعموها إلى تأثرها بالحادث الإرهابي الذي شهدته نيوزيلندا مؤخرا، وقبله بحدث استقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية.
يقول سعيد إسماعيلوف مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" التي تدعم الحملة: "الحملة عكست بشكل أو بأخر سعادة مسلمي البلاد باستقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن نظيرتها الروسية مؤخرا، تماما كما يسعد المسلمون بتهنئة المسيحيين في مناسبات الأعياد مثلا".
ويضيف: "الحملة كشفت أيضا تعاطفا واسعا في الشارع الأوكراني مع مسلمي نيوزيلندا، وتأييدا ودعما لمسلمي أوكرانيا".
ويشير هنا مفتي مسلمي أوكرانيا إلى أن الحادث زاد من حجم تساؤلات الشارع ووسائل الإعلام الأوكرانية عن حقيقة "العدوانية في الإسلام"، خاصة وأن العدوانية هالة كبيرة يتم الحديث عنها والتخويف منها، ولكن ليس لها أي مظاهر حقيقية.
وأوضح: "موضوع الانتماء الديني ليس مهما أبدا في التعاملات داخل المجتمع الأوكراني، ولهذا تشكل هذه الأعمال الإرهابية العنصرية عامل استغراب بالنسبة للأوكرانيين".
اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)
الجزيرة
حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022