أوكرانيا في ذكرى الاستقلال: 27 عاماً من العطاء والتقدم..

سفير أوكرانيا لدى الكويت الدكتور فلاديمير تولكاش
نسخة للطباعة2018.08.24

يسعدني أن أتوجه من خلال سطوري هذه بالتهنئة والمباركة إلى شعبنا وقيادتنا السياسية في أوكرانيا بمناسبة ذكرى الاستقلال السابعة والعشرين والتي تحتفل فيها بلادنا سنويا في الرابع والعشرين من شهر أغسطس، ذلك اليوم الذي اعتمد فيه البرلمان الأوكراني قانون الاستقلال وأعلن فيه أوكرانيا دولة ديموقراطية مستقلة. كما اهنئ الكويت قيادة وشعبا بمناسبة عيد الأضحى المبارك واتمنى لهم السعادة والرخاء في ظل قيادة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد.

ونحن لا ننسى في هذا اليوم ما قدمه الشعب الأوكراني خلال تاريخه العريق من تضحيات بهدف نيل الحرية وليعم السلام في بلادنا والعالم، ونستذكر بهذه المناسبة أيضا أن أوكرانيا قدمت حوالي عشرة ملايين شخص خلال الحرب العالمية الثانية دفاعا عن الحرية والسلام، حيث تحتفل أوكرانيا مع الدول الأوروبية والأصدقاء في العالم بذكرى الانتصار على النازية في مايو من كل عام، كما لا ننسى قدامى المحاربين الذين شاركوا في الحرب وساهموا في بناء البلاد، كذلك احتفلت أوكرانيا مطلع هذا العام بالذكرى المئوية على إنشاء «الدولة الأوكرانية الأولى» بما يدل على أصالتها وعراقتها وتاريخها الطويل، تلك النشأة التي لم تكن ناجحة بسبب اعتداء روسيا البلشفية وبولندا والذي أدى إلى تقسيمها، لكن الجمهورية الشعبية الأوكرانية وضعت آنذاك أساسا للاعتراف بأوكرانيا على الصعيد الدولي الأمر الذي جعلها من مؤسسي هيئة الأمم المتحدة، وهنا نؤكد دعم أوكرانيا لجهود الكويت البناءة ومساعيها الإيجابية نحو تحقيق السلم الدولي من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن.

ويسرني ونحن نحتفل بعيد الاستقلال أن أؤكد متانة العلاقات الأوكرانية ـ الكويتية وما تتمتع به من روابط تزداد قوة بفضل جهود قيادتي البلدين وما شكلته زيارة الرئيس بيترو بوروشينكو التاريخية الأخيرة إلى الكويت ولقائه بصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أمير الإنسانية، تلك الزيارة التي فتحت آفاقا جديدة في العلاقات بين البلدين بما يعزز التعاون الثنائي ويحقق المنفعة المتبادلة في مختلف المجالات، حيث ان الكويت كانت سباقة في تقديم العون والمساعدات الإنسانية لأوكرانيا خلال حادثة مفاعل تشيرنوبل، وهذا ليس غريبا على بلد الإنسانية الكويت التي يشهد لها العالم بما قدمته من مساعدات وإغاثة لجميع الشعوب والبلدان التي تعرضت للأزمات والكوارث في مختلف بقاع الدنيا.

وهناك العديد من اتفاقيات التعاون التي تم توقيعها بين البلدين سواء تلك التي تمت خلال زيارة الرئيس بوروشينكو للكويت، أو تلك التي تمت خلال زيارات الوفود المتبادلة من البلدين في المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاستثمارية وغيرها والتي كان آخرها زيارة وفد من الهيئة العامة للاستثمار في الكويت إلى أوكرانيا والتي جرت خلالها لقاءات مع ممثلي وزارتي المالية والاقتصاد في أوكرانيا وكذلك مع صندوق أملاك الدولة الأوكرانية لبحث أوجه الاستثمار الكويتية في بلادنا، حيث ان أمام الكويت الكثير من الفرص.

كما أن اللجان المشتركة بين البلدين تواصل اجتماعاتها بشكل دوري ووفقا لما هو مخطط لها وتتابع ما توصلت إليه كل في مجال اختصاصها، وهي حريصة على الإنجاز وتقديم الأفضل لما فيه صالح الشعبين الصديقين في أوكرانيا والكويت.

وتشهد أوكرانيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة ديناميكية إيجابية، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري مع الكويت وخلال الأشهر الستة الأولى من 2018 إلى 11.5 مليون دولار بعد أن كان في الفترة ذاتها من العام الماضي 5 ملايين دولار فقط أي بزيادة بنسبة 170%، وقد ارتفع معدل الصادرات إلى 8.5 ملايين دولار وبنسبة 177%، كما شهدت الواردات ارتفاعا بمعدل 15 ضعفا وبقيمة 3 ملايين دولار، وحقيقة إن هذه المستويات لا ترضينا ولا ترضي شركاءنا الكويتيين، ولدينا الحافز على مواصلة العمل في هذا المجال لتطوير سبل التعاون وزيادة معدلاته لما فيه مصلحة الجانبين.

ونعود لنؤكد دائما أن الأبواب في أوكرانيا مفتوحة أمام الكويت والكويتيين حيث تعتبر سوقا كبيرة ومفتوحة لجميع أنواع الاستثمارات بسبب ما تمتلكه من مقومات اقتصادية وفرص استثمارية متنوعة سواء في الزراعة التي يمكن تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية للكويت والمنطقة، أو الصناعة والآلات والطيران وفي الكيمياء، أو السياحة أو العقارات التجارية والخاصة والطاقة وغيرها من مجالات الاستثمار والتنمية، وكذلك التعاون العسكري والتقني بين البلدين، وهناك العديد من المزايا المقدمة للمستثمرين الأجانب عموما وللخليجيين والكويتيين خصوصا بما يجعل من أوكرانيا بيئة جاذبة للاستثمار للشركات ورجال الأعمال والراغبين في دخول السوق لدينا، خصوصا أن هناك اتفاقية لحماية وتشجيع الاستثمارات بين البلدين وهي سارية منذ عام 2003 والغرض منها حماية وضمان حقوق المستثمرين.

واليوم نستطيع أن نعلن أن اقتصاد أوكرانيا بدأ بالتعافي والخروج من الأزمة الاقتصادية التي سببها الاعتداء الخارجي والاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم من قبل نظام بوتين، ورغم استمرار العمليات الحربية الأوكرانية لمكافحة المجموعات الإرهابية التي تدعمها روسيا في مناطق شرق أوكرانيا، فقد تمكنا من الوصول خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى الاستقرار الاقتصادي ورفع إجمالي الناتج المحلي والذي سيصل بحسب توقعات صندوق النقد الدولي إلى 3.2% خلال 2018، وهناك تفاؤل في المستقبل خصوصا أن أوكرانيا جاءت بمعدل الأعمال في 2017 بالمرتبة الـ 76 عالميا بعد أن كانت في المرتبة الـ 114 في عام 2014، وذلك بفضل نجاح التحولات الاقتصادية المتبعة.

كما تشهد أوكرانيا إجراءات متسارعة ومتطورة في مجال الشفافية والعدالة من خلال إقرار محكمة مكافحة الفساد وإصلاحات قضائية لتهيئة ظروف المساواة والعدل للجميع، أيضا تم تشكيل المحكمة العليا في أوكرانيا لاستعادة الثقة بالسلطة القضائية بإجراءاتها القانونية المتبعة لضمان العدل للجميع، وكذلك مكافحة الجريمة على أنواعها بحيث باتت المدن الأوكرانية أكثر أمانا واستقرارا، رغم ما تشهده بعض المناطق في شرق البلاد بسبب الاحتلال الروسي لبعض الأراضي الأوكرانية ودعم المتمردين فيها، والتي تسعى الدولة لإعادتها وبسط سيطرتها عليها وإنهاء الاحتلال بالطرق السلمية والمشروعة والدفاع عن أراضيها وشعبها.

هذا، وتتمتع أوكرانيا بمميزات سياحية رائعة، حيث ان أجواءها صيفا مميزة بدرجات الحرارة المعتدلة، وفيها الكثير من المعالم التاريخية والأثرية من قلاع وحصون وأماكن تحكي قصصا متنوعة من الأحداث التي مرت على البلاد عبر تاريخها، كما فيها منتجعات جبلية وشواطئ رائعة ومسارح ودور للأوبرا وهناك وفرة في المطاعم التي باتت تلبي رغبات الزوار على اختلاف أذواقهم، إضافة إلى تطبيق نظام الحصول على تأشيرات الدخول لمواطني الكويت ودول الخليج من مطاراتنا مباشرة.

كما أن أوكرانيا تفتح ذراعيها لاستقبال الراغبين في تلقي العلاج في مستشفياتها ومراكزها الطبية التي تتمتع بأرقى الخبرات الطبية والأكثر كفاءة في تخصصاتها المختلفة على مستوى أوروبا والعالم، والمزودة بأحدث الأجهزة وأكثرها دقة وبأسعار تنافسية جدا مقارنة مع غيرها من الدول.

أما الجامعات والمعاهد الأوكرانية فيكفينا فخرا أن هناك خمس جامعات أوكرانية ضمن أفضل الجامعات العالمية وهناك آلاف الطلبة الذين يحضرون للدراسة فيها وقد أثبت خريجوها كفاءاتهم وقدراتهم العلمية العالية في تخصصاتهم المتنوعة بفضل مناهجها القوية وأنظمتها المتبعة، ونتمنى أن يكون هناك تعاون بين وزارتي التعليم العالي في البلدين لما فيه صالح الطلبة.

كذلك هناك تنسيق دائم مع الهيئة العامة للرياضة لمد جسور التعاون وفتح قنوات الاتصال الرياضي بين الكويت وأوكرانيا من خلال تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الناجحة في هذا المجال، فقد أثبت الرياضيون الأوكرانيون مهاراتهم العالية من خلال فوزهم بالعديد من البطولات وحصدهم للميداليات في جميع أنواع الألعاب، كما أثبتوا قدراتهم المميزة في التدريب واكتشاف أصحاب المواهب وتنميتهم وتأهيلهم ليصبحوا أبطالا.

واليوم تثبت أوكرانيا للعالم نهجها السلمي في التعامل مع مختلف القضايا ودعمها للأمن الدولي والسلام في العالم، والاحتكام إلى الشرعية الدولية في إقرار حقوقها، مع الإصرار على الدفاع عن أراضيها وشعبها بجميع الوسائل العسكرية والقانونية بما يحفظ أمنها وكرامتها ووحدة أراضيها واستقلالها الكامل والدائم.

مع أطيب الأمنيات أن يعم الأمن والسلام بلادنا أوكرانيا والكويت الصديقة وأن ينعم شعبانا في البلدين الصديقين بالخير الدائم وأن يسود السلام العالم أجمع وتختفي النزاعات والحروب، وأن يكون الغد أفضل لبلادنا في جميع مجالات الحياة.

بقلم سفير أوكرانيا لدى الكويت الدكتور فلاديمير تولكاش

اشترك في قناتنا على "تيليجرام" ليصلك كل جديد... (https://t.me/Ukr_Press)

الصحافة الكويتية

التصنيفات: 

حقوق النشر محفوظة لوكالة "أوكرانيا برس" 2010-2022